الوقت- شكّل إعلان الخارجية الإيرانية استدعاء القائم بالأعمال السعودي احتجاجاً على الجريمة البشعة المتمثلة بـ"محاولة تحرش جنسي من قبل شرطيين سعوديين لشابين إيرانيين في مطار جدة الدولي أثناء عودتهما من العمرة" خطوة حساسة جداً في الداخل الإيراني ، وتفاعلت القضية على مستويات عدة بدءً من الشعب والبرلمان مروراً بالقضاء ورجال الدين وصولاً إلى الخارجية .
فقد أعلن مساعد وزير الخارجية الايراني استدعاء القائم بالاعمال والقنصل السعودي الى الخارجية الايرانية وإبلاغه احتجاج طهران الشديد على قيام شرطيين سعوديين اثنين بالتحرش بشابين ايرانيين في جدة، وقال حسن قشقاوي: من المؤسف ان هذا العمل المشابه للاغتصاب والذي تعرض له اثنان من مواطنينا خلال ايام عطلة النوروز بعد أدائهما مناسك العمرة .
ظروف الحادث :
في تفاصيل الحادث، أوضح قشقاوي انه اثناء تفتيش قافلة للمعتمرين الإيرانيين، بادر اثنان من الشرطة إلى عزل اثنين من الشباب الإيرانيين عن القافلة، بذريعة الشك بهما، وذهبا بهما إلى قسم آخر لتفتيشهما جسدياً، وخلال التفتيش انتبه سائر أعضاء القافلة إلى أن هذين الشرطيين يحاولان الاعتداء جنسياً على الشابين، فأطلعا مسؤولي القافلة على الأمر، الذين بادروا الى الاتصال بمسؤولي القنصلية الإيرانية في جدة، وسارع القنصل إلى الحضور في المطار وقام بمساعدة من مسؤولي القافلة بتتبع الموضوع ميدانيا، وتم التعرف على الشرطيين المتحرشين، وقام الجانب السعودي باعتقالهما بعد اتخاذ الترتيبات القانونية .
وأضاف قشقاوي أنه في اليوم التالي للحادث، وبسبب غياب السفير السعودي، قامت الخارجية الإيرانية باستدعاء القائم بالأعمال القنصل السعودي، وتم إبلاغه احتجاج الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشديد إزاء هذا الفعل البشع اللاانساني والذي أدى الى المساس بمشاعر الرأي العام الايراني .
بدوره أعرب الجانب السعودي عن أسفه الشديد للحادث، ووعد بمتابعة الموضوع على أعلى المستويات في بلاده، وأنه سيتم معاقبة الشخصين المتحرشين بشدة .
وأردف قشقاوي أنه نظراً لبشاعة الفعل اللاانساني واللااخلاقي، فنحن نأمل أن تتعامل السلطات السعودية مع هذين الشخصين بشدة وتنزل بحقهما أشد العقاب، مضيفا أن ممثليتي الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الرياض وجدة ستتابعان الموضوع إلى حين التوصل إلى نتيجة، وسيتم لاحقاً إطلاع الأسر المعنية والرأي العام بنتائج هذه المتابعة .
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، مرضية افخم، قد أوضحت أنه “تم تشكيل ملف قضائي للمتورطين بقضية التحرش التي طالت شابين إيرانيين في مطار جدة، حيث تم رفعها أمام إحدى المحاكم في السعودية .
وأكدت أفخم أنه عقب المتابعات التي قامت بها وزارة الخارجية الإيرانية والقنصلية الإيرانية في جدة، أقدمت السلطات السعودية على رفع شكوى أمام القضاء فيما يخص بالمتورطين بالحادث غير الأخلاقي الذي تعرض له الشابان الإيرانيان في مطار جدة. ونوهت أفخم إلى أن السلطات السعودية قد أبلغت القنصلية الإيرانية عن استياءها لفعل شرطتها في مطار جدة، مؤكدة أنها ستنزل العقاب الشرعي والقانوني بحق المتورطين حال إثباته أمام المحكمة .
أبرز التداعيات :
لم يقتصر الرد الإيراني على الحادثة بوزارة الخارجية، بل قدم سبعون نائباً في البرلمان الإيراني مشروع قرار عاجل يطالب الحكومة بإلغاء العمرة المفردة إلى الأراضي السعودية إلى حين التأكد من ضمان سلامة الحجاج والمعتمرين الإيرانيين في المملكة .
وطالب 18 نائباً في البرلمان في رسالة رفعوها إلى الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بـ “معاقبة المتورطين في الحادث اللاأخلاقي ضد شابين إيرانيين بمطار جدة في السعودية ”.
وأكد النواب في رسالتهم إلى روحاني، أن “حادث التحرش باثنين من الشباب الإيرانيين من قبل عنصرين بشرطة مطار جدة، أساء الى مشاعر الشعب الإيراني وغيرته ”.
من جانبه أكد رئيس البرلمان الإيراني أن “السلوك الشنيع للشرطة السعودية مع الزوار الإيرانيين فظيع″، وقال علي لاريجاني : “إن الاسلام نهى عن الجدال والنزاع، إلا انهم يجعلون الدين وسيلة للجدال، لعنهم الله، إذ يجب أن تكون الأمة الإسلامية واحدة”، وانتقد لاريجاني ما وصفه بـ “تأجيج سعودي للحرب في اليمن وسوريا ”.
وقال عضو هيئة الرئاسة في البرلمان محمد دهقان إن “الحادث أثبت زيف ادعاءات النظام السعودي بتمسكه بالإسلام وخدمة الحرمين الشريفين بعد تسليطهم لأناس فاسدين على رقاب المسلمين من الزوار والحجاج ”.
كما أكد محمد صالح جوكار عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني، ان المجلس يجمع توقيعات لإعلان خطة طوارئ لوقف العمرة حتى إشعار آخر .
قضائياً، دعا آية الله صادق آملي لاريجاني، رئيس السلطة القضائية في إيران إلى “إنزال أقصى العقوبة بحق رجال الشرطة السعوديين المتحرشين جنسياً بالفتيين الإيرانيين الحاجين في مطار جدة ”.
وأشار آية الله آملي لاريجاني في اجتماع كبار القضاة الأربعاء الماضي بطهران إلى “الخبر المؤسف المتمثل بتحرش رجال الشرطة السعوديين بفتيين إيرانيين حاجين في مطار جدة” وقال : “إننا لا يمكننا التغاضي عن أمن مواطنينا ونطلب من وزارة الخارجية متابعة هذه القضية بحساسية وجدية ”.
أما على المستوى الديني، فقد أكد المرجع آية الله ناصر مكارم شيرازي أنه “لا ينبغي أن نمر مرور الكرام على حادثة مطار جدة”، داعياً “المسؤولين المعنيين للدفاع عن حقوق وعزة إيران ”.
وقال شيرازي : “لم أكن راغباً بأن يتم طرح هذه القضية في الإعلام ولكن الآن حيث أصبحت متداولة في وسائل الإعلام ينبغي عليّ التحدث بشأنها” ، وأضاف : “سؤالي للمسؤولين هو هل ينبغي لنا أن نؤدي حج العمرة الذي هو ليس واجباً ونرضخ للذل في المقابل ؟ ”
وتساءل المرجع الديني : “إذا لم يكن الأمن متوفراً في مطار جدة، فهل هو متوفر في أزقة جدة؟ مطار جدة مطار دولي ومن المؤكد أنه لو لم يتوفر الأمن فيه سيشعر الناس بالخوف ”.
من جانبه استنكر خطيب جمعة طهران آية الله السيد احمد خاتمي الفعل غير الاخلاقي للشرطة السعودية في التعدي على الحجاج الايرانيين في مطار جدة محملا السلطات السعودية مسؤولية ما جرى، مؤكدا ان هذا الحادث غير الأخلاقي كشف زيف ادعاءات السلطات السعودية برعاية الحرمين الشريفين .
وعلى الصعيد الشعبي، أصدر ستون فناناً وفنانة وعاملين في مجال الإنتاج السينمائي بياناً نددوا فيه بالحادثة مطالبين الحكومة الإيرانية باتخاذ “إجراءات قوية” تجاه السعودية .