الوقت – عندما تصاعدت التهديدات الامريكية لايران في عام 2006 لوحت ايران بغلق مضيق هرمز (أهم ممر مائي دولي والطريق الرئيسي لنقل مصادر الطاقة) وكان ذلك بمثابة تحذير الى كل من يهمه الأمر، وفي المقابل طرح الطرف الآخر عدة خيارات منها بناء أنابيب نفط الفجيرة التي تستطيع نقل جزء فقط من النفط الإماراتي الى ميناء الفجيرة الاماراتي الذي يطل على بحر عمان.
وتعتبر الفجيرة إحدى الإمارات الـ 7 لدولة الإمارات وتبلغ مساحتها 1165 كيلومتر مربع وعدد سكانها هو 130 الف شخص وميناء الفجيرة هو الميناء الإماراتي الوحيد على بحر عمان ولذلك يوليها حكام الإمارات اهمية خاصة ويريدون الاستفادة منها لتقويض المكانة الجيوسياسية لمضيق هرمز ومواجهة التهديد باغلاق هذا المضيق ولذلك بادروا الى بناء خطوط انابيب النفط لنقل هذه المادة من الخليج الفارسي الى بحر عمان بالإلتفاف على مضيق هرمز.
وبنت الامارات خط انابيب حبشان – الفجيرة بتكلفة قدرها 3.3 مليار دولار وتم تدشينه في 30 يونيو 2012 ويبلغ طوله 380 كيلومترا ويقع في الاراضي الإماراتية بالكامل ويبدأ من حقل حبشان النفطي في إمارة ابوظبي ويصل الى ميناء الفجيرة ويشتمل هذا الخط على محطات ضخ ومخزن رئيسي للنفط سعته 8 ملايين برميل (يمكن ان يصل الى 12 مليون برميل) ويمكن لهذا الخط نقل 1.5 الى 1.8 مليون برميل من النفط يوميا وهذا يشكل ثلاثة ارباع صادرات النفط الاماراتي يوميا و10 بالمئة من النفط الذي يعبر مضيق هرمز الى الاسواق الدولية يوميا.
واضافة الى انبوب نقل النفط فإن ميناء الفجيرة تمتاز ايضا بأنها محطة رئيسية لتزويد السفن التجارية بالوقود والمعروف ان هناك 12 الف سفينة تعبر الى الخليج الفارسي في كل عام.
مضيق هرمز
ان هذا المضيق هو ممر مائي استراتيجي يربط الخليج الفارسي بالمياه الدولية ويبلغ طول هذا المضيق حوالي 110 كيلومترات وعرضه يتراوح بين 35 كيلومترا و60 كيلومترا وعمق المياه فيه هو بين 35 مترا وأقل من 100 متر في نقاط مختلفة ولذلك هناك ممرات مائية ضيقة في مضيق هرمز بامكان ناقلات النفط العملاقة والسفن الكبيرة وحاملات الطائرات ان تعبر منها وتجتاز المضيق بصعوبة كبيرة، ومضيق هرمز هو ثاني ممر مائي دولي من حيث عدد السفن التي تعبره وتصفه وزارة الطاقة الامريكية بأنه أهم ممر مائي نفطي في العالم.
ويعبر 18 مليون برميل من النفط يوميا مضيق هرمز وهو يشكل 20 بالمئة من حجم تجارة النفط في العالم وتمتلك الدول الخليجية وايران 90 بالمئة من فائض النفط العالمي الذي يجب ضخه الى الاسواق حين حدوث الأزمات وتراجع كمية النفط الموجودة في الاسواق، كما يعبر 77 مليون طن من الغاز السائل مضيق هرمز نحو الاسواق العالمية في السنة وهذا يشكل 30 بالمئة من حجم التجارة العالمي للغاز السائل.
وفيما يتعلق بالتجارة غير النفطية ايضا نجد بأن 2.9 مليار طن من السلع والبضائع تعبر هذا المضيق الذي يعتبر الطريق الوحيد لميناء دبي (قلب الإقتصاد الإماراتي) نحو المياه الدولية والأسواق العالمية.
واذا أردنا ان نجري مقارنة بين مضيق هرمز وميناء الفجيرة في الوقت الحالي نجد ان خط انابيب نفط الفجيرة قادرة فقط على نقل 90 بالمئة من انتاج النفط الاماراتي في اليوم اذا عمل بطاقته القصوى أي 1.8 مليون برميل في اليوم وهذا يعني ان الامارات ما تزال تحتاج الى مضيق هرمز لتصدير 10 بالمئة من نفطها ولذلك يجب القول ان خط الانابيب هذا يخص الامارات لوحدها وليس مشروعا اقليميا ودوليا يستطيع ان ينافس ممرا مائيا دوليا ولا يوفر امكانية الإلتفاف على مضيق هرمز لباقي الدول الخليجية.
كما ان قيام ميناء الفجيرة بتزويد السفن التجارية بالوقود يمكن ان يستمر فقط في حال استمرار تردد السفن عبر مضيق هرمز لأن اغلاقه يعني وقف التجارة وحركة الملاحة وتردد السفن الى هذه المنطقة.
وبغض النظر عن موضوع النفط والغاز فإن الحياة الاقتصادية للموانئ التجارية للدول الخليجية مرتبطة بشكل مباشر بمضيق هرمز الذي يعتبر الممر الوحيد نحو المياه الدولية، وحتى موانئ كميناء ابوظبي وميناء جبل علي الإماراتيين تتوقف حياتهم الاقتصادية على مضيق هرمز.
ان قيام حكام الإمارات بتضخيم أهمية خط أنابيب الفجيرة والقول بأن أهميته تعادل أهمية مضيق هرمز هو دعاية كاذبة لاتستند الى حقائق وتهدف الى التقليل من اهمية ودور مضيق هرمز كسلاح جيوسياسي تمتلكه ايران.