الوقت- بعد مرور عام علی اعلان السلطات الأمنية النيجرية أن الشيخ زكزكي يحرض الشيعة ويعد تهديدا في منطقة سكناه؛ رفض القاضي هذه الاتهامات وأعلن أن اعتقال الشيخ مخالف للقانون...
أعلنت الحركة الإسلامية النيجرية عبر حسابها على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي أن المحكمة الفدرالية النيجرية العليا أصدرت قرارا باطلاق سراح زعيم الشيعة في البلاد، الشيخ ابراهيم زكزاكي وعقيلته. ووفقا للقرار يجب على الحكومة تسليم الشيخ زكزكي وعقيلته الى الشرطة خلال 45 يوما، ويتوجب على الشرطة نقلهما الى مكان آمن خلال 24 ساعة، كما قضت المحكمة بدفع الأجهزة الأمنية مبلغ 150 الف دولار كتعويض لعائلة الشيخ زكزكي.
وكان الجيش النيجري قد شن هجوما عنيفا في ديسمبر الماضي على حسينية "صاحب الزمان" في مدينة "زاريا" شمال نيجيريا مما أدى الى مقتل وإصابة قرابة 2000 شخص من المشاركين في عزاء أربعين الإمام الحسين (ع) كما اعتقل الشيخ زكزكي وعقيلته أثناء الهجوم ونقلهما الجيش الى مكان مجهول.
وأصيب الشيخ زكزكي بجراح خطيرة اثر الهجوم وفقد احدى عينيه فيما سقط 347 قتيلا من ضمنهم ثلاثة من أولاد الشيخ زكزكي.
ويُقال أن بعض عناصر الجيش النيجري المشاركين في هذه المجزرة تربطهم علاقات وثيقة مع جماعة "بوكو حرام" التكفيرية الارهابية. وتعد بوكو حرام من الحركات المتطرفة التي تحمل فكرا مشابها لفكر تنظيم داعش، ومن الطبيعي أن يكون الشيعة أحد الاهداف المهمة لهذه الحركة التكفيرية التي لا ترى قتلهم جائزا فحسب بل تعده واجبا شرعيا.
ويقول بعض المحللين النيجريين أن الشيخ زكزكي كان يملك معلومات عن العلاقات السرية وتعاون الجيش مع بوكو حرام وانه نقل أدلة عن ذلك خلال محاضراته وحواراته. وكان زعيم الشيعة في نيجيريا قد أكد مرارا أن مجموعة بوكو حرام التكفيرية لم تكن لتستطيع الاستمرار ومزاولة نشاطاتها الإرهابية في شمال نيجيريا لولا حصولها على الدعم والتسليح من عناصر خائنة في الجيش النيجري.
ويعتقد الشيخ زكزكي أن عناصرا في الجيش النيجيري يتصرفون على هواهم متخذين القضاء على بوكوحرام حجة من أجل متابعة نشاطاتهم غير القانونية ومنها التهريب وتجارة الأسلحة، كما انهم يتلقون مبالغ طائلة من بعض الأنظمة العربية وبصورة خاصة من السعودية بحجة دعم نشر الفكر الوهابي.
إن اعتقال الشيخ زكزكي لمدة عام أثبت أن الحكومة النيجرية لا تكن ودا للأقلية الشيعية في البلاد، فما أسباب اطلاق سراحه؟
رفع الشيخ زكزكي شكوى أمام المحكمة حيال اعتقاله من دون اطلاعه على التهمة خلال هجوم الجيش على المركز الإسلامي في زاريا، وكذلك بسبب العنف الذي تعرض له وانتهاك حقوقه.
وادعت الأجهزة الامنية أن الشيخ زكزكي يحرض الشيعة في منطقة سكناه وأنه يعد تهديدا؛ ولكن القاضي رفض هذه الادعاءات معلنا أن استمرار اعتقال الشيخ زكزكي يخالف القانون و لم يرفع أي تقرير أو شكوى حيال تشكيله خطرا على البلاد. كما ان الادعاءات بعلاقاته مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تثبت أبدا وبالنتيجة رفض النظام القضائي النيجري استمرار اعتقال الشيخ زكزكي وقرر اطلاق سراحه.
ومن جهة أخرى كان الجيش النيجري قد أتهم الشيخ زكزكي بمحاولة اغتيال ضابط رفيع المستوى، لكنه لم يقدم أي دليل على هذا الادعاء، فيما أبدت منظمة هيومن رايتس ووتش دهشتها من هذا الادعاء معتبرة أن هجوم الجيش على الأقلية الشيعية كان متعمدا.
واكد القاضي أن البلاد ستواجه ازمة إذا ما توفي الشيخ زكزي بالنظر الى حالته الصحية، ومن الممكن أن يؤدي ذلك الى توتر في البلاد يتسبب بمقتل عدد من الابرياء اثر احتجاج الموالين للشيخ.
الأمر اللافت للنظر هو أن القضاء النيجري قد قطع خطوة ايجابية باصداره حكم اطلاق سراح الشيخ زكزكي، ولكنه وللأسف لم يتخذ أي اجراء حول ملف قوات الجيش التي ارتكبت المجزرة في العام الماضي، ولم يُتابع الأمر قضائيا.
ويُضاف الى جهود مراكز حقوق الإنسان وتعبيرها عن مخاوفها حول أوضاع الشيخ زكزكي في السجن، ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية خاضت جولات مفاوضات كثيرة من أجل التمهيد لاطلاق سراح الشيخ زكزكي. وخلال لقاءات مع المسؤولين النيجريين عبر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف عن قلقه حيال الشيخ زكزكي مطالبا باطلاق سراحه.
على أي حال، ادى هجوم السلطات النيجرية على زاريا واعتقال الشيخ زكزكي الى اثارة غضب الشيعة، وأثبت أن ادعاءات الحرب على التيارات المتطرفة لها نظرة عنصرية وطائفية ضد الشيعة. وأثبت صمود الشيخ زكزكي والموالين له على مواقفهم العقائدية أن اعتقال الزعيم الشيعي النيجري أمر لا معنى له بل أنه سيكلف حكومة البلاد خسائر كبيرة.