الوقت- بعد ثلاثة أيام من المباحثات بشأن البرنامج النووي الإيراني في سويسرا مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف وصل وزير الخارجية الامريكي جون كيري إلى الرياض حيث اجتمع في قاعدة عسكرية مع وزراء خارجية الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون في الخليج الفارسي وعاود الحديث عن التهديدات الايرانية المزعومة لأمن واستقرار المنطقة بعدما قال انه يزور السعودية لاطلاع وزراء خارجية دول الخليج الفارسي على ما وصلت إليه المفاوضات مع إيران، وذلك في موقف يكشف ان امريكا لاتريد تغيير الاوضاع في المنطقة بعد الاتفاق النووي كما انها تريد الاستفادة من الفزاعة الايرانية للاستمرار في تنفيذ مخططاتها السياسية والاقتصادية والعسكرية خدمة للكيان الاسرائيلي.
وقال كيري للصحافيين "حتى وإن كنا نخوض هذه المحادثات مع إيران بشأن هذا البرنامج، فلن نتغاضى عن أعمال إيران التي تسبب زعزعة للاستقرار في المنطقة" معدداً "سوريا ولبنان والعراق والجزيرة العربية وخصوصاً اليمن" كما قال كيري لنظرائه العرب في الخليج الفارسي انه لن يتغير شيء في المنطقة غداة توقيع الاتفاق بين ايران والدول الست حول الملف النووي.
وبالامعان في تصريحات كيري يمكن الاستنتاج ان الخارجية الامريكية قد بدأت مبكرا مرحلة العمل بعد الاتفاق النووي مع ايران، ويبدو ان ملامح هذا العمل هي تعميق الهوة والشرخ بين ايران والدول العربية عبر تقديم ايران كتهديد وخطر داهم والاستشهاد بما يحصل في العراق وسوريا وغيرها من البلدان في حين ان الامريكيين انفسهم كانوا قبل فترة وجيزة يرسلون الرسائل الى القادة الايرانيين ويطلبون التعاون مع ايران من اجل مواجهة التنظيمات الارهابية ومنها تنظيم داعش في العراق.
ان مسارعة كيري الى الخليج الفارسي قبل غيره من المناطق لطمأنة حكام الدول العربية تظهر ان دائرة العمل الأمريكي ستنتقل خلال المرحلة المقبلة الى هذه المنطقة لتأجيج الخلافات ومن ثم توسيع هذه الدائرة لتشمل العراق وسوريا واليمن، وكل هذا خدمة للحليف الاسرائيلي الذي يريد دوما ان تكون امريكا في مواجهة مع ايران، وهكذا ارسل كيري رسالة الى حكام تل ابيب ايضا بأن هناك خطط واجندات جاهزة ومعدة في وجه ايران بعد الاتفاق النووي المحتمل، وعلى الحلف العبري العربي ان لايقلق من الاتفاق النووي المحتمل لأن امريكا ستكون موجودة دوما في المواجهة مع ايران.
ورغم ان هذا الموقف لم يكن مستبعدا من الامريكيين لكن تصريحات وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الذي حذر من تنامي دور إيران في العراق واتهم طهران بفرض سيطرتها عليه عن طريق مساعدته في الحرب ضد داعش مدعاة للاستهجان، حيث يمكن للمرء ان يتساءل متى أصبحت المساعدة في ضرب تنظيم داعش الارهابي الذي يهدد امن كل الدول ومنها السعودية ايضا، مزعزعة للأمن في المنطقة ؟
وهكذا يبدو ان امريكا ليست بحاجة لبذل جهد كبير في تنفيذ اجنداتها الجديدة في المنطقة ومخططاتها من فلسطين الى سوريا والعراق واليمن ولبنان وغيرها اذا كان السعوديون يقومون بدور التمهيد للمؤامرات الامريكيية حينما يضمون صوتهم الى الصوت الاسرائيلي وينادون دوما بالتهديدات الايرانية ويهيئون الارضية للتدخلات العسكرية الامريكية في الخليج الفارسي وباقي الاماكن في المنطقة لكي تبقى امريكا متواجدة فيها وتبيع الاسلحة وتسيطر على الشؤون السياسية والاقتصادية فيها وتفرض سيطرتها وارادتها على الدول العربية بما يخدم المشاريع الاسرائيلية ايضا.
وهناك معاني ودلالات اخرى ايضا لزيارة كيري الى السعودية مباشرة بعد المفاوضات النووية في جنيف وكأن الامريكيين يريدون التأكيد امام العالم اجمع بأنهم لن يتركوا حلفائهم في هذه المنطقة وفي مقدمتهم الدول العربية في الخليج الفارسي وهذا ما يتناقض من الادعاءات والشعارات الامريكية بأنها تقف مع حقوق الشعوب وحرياتها، حيث ان ملف السعودية والبحرين وباقي الدول العربية في الخليج الفارسي معروف لدى الجميع، ففي حين لم يتطرق الوزير الامريكي الى اوضاع حقوق الانسان في السعودية وحالات الاعدام والتعذيب واضطهاد اهالي المنطقة الشرقية وغيرها، أكد على ضرورة استخدام القوة ضد النظام السوري من أجل احداث تغيير في سوريا.
ورغم ان المواقف الامريكية هذه ليست بمستغربة لكن الغريب ان يطمئن السعوديون وعرب امريكا الى هذه المواقف وينسوا او يتناسوا تصريحات نائب الرئيس الامريكي جو بايدن الذي أعد الدول العربية داعمة وحاضنة للارهاب والارهابيين، ما يكشف ان هناك خطط امريكية خفية ستستهدف حتى هذه الدول خلال المرحلة المقبلة.