الوقت- كتب موقع "اينترسبت" الأمريكي: قامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) بنقل المعتقلين في سجونها كوسيلة تعذيب، بحيث تضعهم في "زنزانات مظلمة" ليتكدسون فوق بعضهم البعض في هول مرعب، وعندما تتجه نحو هؤلاء المعتقلين بقصد إجراء تحقيق معهم، تشعر وكأنك تقابل كلابا يعيشون في بيوت خاصة بالكلاب.
وأشار موقع "اينترسبت" في تقرير الى المقابلات التي أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش (مراقبة حقوق الإنسان) في الآونة الأخيرة، والتي رفعت فيها النقاب عن فظائع التعذيب التي قامت بها وكالة الـ (سي آي ايه) بمخابئ لها في الشرق الأوسط، وأفشت المنظمة خفايا الإجراءات الغير قانونية واللاإنسانية ومختلف أساليب الاعتداء الجسدي، وانتهاك الكرامة الانسانية التي مارستها القوات الامريكية بحق المعتقلين في تلك المنطقة، وفي ما يلي عرض لتلك الأساليب.
التعذيب
كشف معتقلين اثنين سابقين لدى الـ (سي آي ايه) عن أساليب تعذيب لم تتطرق لها أي تقارير من قبل. حيث استخدمت الوكالة طريقة الكرسي الكهربائي المؤقت، كوسيلة تعذيب في إحدى أسوأ السجون الأمريكية سمعة في أفغانستان، أو مايطلق عليه سجن "سالت بيت".
وفي مقابلات مستقلة أجرتها منظمة مراقبة حقوق الإنسان في شهر أغسطس مع معتقلين آخرين، والتي ظهرت الى العلن أخيرا، أبان كل من "ريدها النجار" 51 عاما و"لوفتي العربي القريشي" 52 عاما، عن استخدام جهاز معدني له أسلاك في المعتقل الذي كانا محبسوين فيه، وقالا بأنه يتم وصل الأسلاك بأصابع السجين ومن ثم وضع قبعة معدنية على رأسه من أجل تعذيبه بواسطة الكهرباء التي تسري في جسده لتجعله يذوق الموت آلاف المرات.
وتابع القريشي: لقد أجبروني على الجلوس على هذا الكرسي وقاموا بوصل هذا الجهاز بي وقاموا بتعذيبي عن طريق الكهرباء. كما صرّح هذان المعتقلان بأنه تم استخدام أسلوب آخر لتعذيب المعتقلين، وهو أسلوب الغرق الإصطناعي الأليم، حيث يقومون بإيهامك بالغرق من خلال وضع رأسك في الماء لمدة وجيزة تشعرك بأنك تكاد تموت غرقا.
وأعلنت منظمة مراقبة حقوق البشر قائلة: كشف لنا النجار والقريشي من خلال طرق التعذيب الوحشية التي مارستها بحقهم الـ "سي آي ايه"، أن الشعب الأمريكي لايعرف سوى القليل حول برامج التعذيب التي تتبعها وكالة المخابرات المركزية تجاه المعتقلين.
وسيلة تعذيب تحت عنوان "السجن المظلم"
المعتقلين الذين ذكرناهما آنفا هما تونسيّين، وعوضا عن تجبير سنوات السجن الـ 13 التي خسروها من حياتهما، تم إعادتهما الى بلدهما. لقد كشف هؤلاء السجينين أساليب التعذيب السادية التي تقوم بها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تجاه المعتقلين، والتي كان من أتعسها أسلوب تعذيب يطلق عليه "السجن المظلم" حيث أشار إليه المعتقلين التونسيّين.
يقوم المحققون في الـ "سي آي ايه" بتكديس المعتقلين فوق بعضهم البعض في سجن مظلم أشبه مايكون لهول مرعب، وعندما تريد التحقيق معهم تشعر بأنك تقابل كلابا تم حشرهم في بيوت للكلاب لا أكثر.
أسر وتعذيب واضطهاد متهمين لم تثبت جرائمهم
اعتقلت القوات الباكستانية والامريكية في شهر مايو عام 2002، النجار في كراتشي بعد اقتحام منزله. وجاء اعتقال النجار على أساس مزاعم الـ "سي آي ايه" بأنه (النجار) قام بحماية أسامة بن لادن، ولكن لم تستطع الدولة الامريكية إثبات هذه الإتهامات.
يقول النجار: اليوم الذي وضعت به في "السجن المظلم"، كان أسوأ يوما في حياتي، في ذلك اليوم دخل عليّ محقق عربي وأراد أن يحصل على بعض المعلومات، وعندما لم يتمكن من تحصيل أي شيء قال لي بأنهم سيقومون بنقلك الى معتقلات أسوأ وسيبدؤون بتعذيبك.
وأضاف النجار: أذكر بأنني كنت تحت التعذيب القسري، قاموا بربط أوزان ثقيلة بقدمي وأخرى برأسي وأجبروني على الوقوف.
وكشف النجار لمنظمة مراقبة حقوق الانسان: عندما دخلت في البداية الى معتقل، قاموا بتعريتي من اللباس ومن ثم رموني على أرض خرسانية وبدأوا برش الماء البارد على جسدي.
وبعد التهديدات التي وجهها لي المحقق العربي، عُلق جسدي من سقف إحدى الزنزانات المخصصة للتعذيب، وقاموا بربط معصمي فوق رأسي بقطعة معدنية، حيث كانت أصابع قدمي تكاد تلمس الأرض، ومن ثم شرع المحققون بضربي وشتمي وتوجيه ضربات قوية جدا نحو كليتي.
تعذيب وعَسف لأكثر من عشرة أعوام من أجل لاشيء!
واعتقلت القوات الباكستانية والامريكية القريشي في شهر مايو عام 2002 أيضا، بالقرب من بيشابور في شمال باكستان. وكان متهما بالتعاون مع تنظيم القاعدة، وعلى الرغم من أنه أكد مرارا بأن هذا الإتهام باطل، إلا أنهم قاموا باعتقاله ومن ثم حبسه في سجن "سالت بيت"، ليبدأ آلاف المحققين بتعذيبه لأجل تهمة باطلة.
النجار والقريشي قبعوا في معتقلات الـ "سي آي ايه" لمدة 10 أعوام، ولهذا السبب طالبت المحكمة الدولية من إحدى المحاكم في الولايات المتحدة بتفسير سبب اعتقالهما وحبسهما كل هذه المدّة. ولكن المحكمة الأمريكية تملصت من توضيح سبب سجنهما بحجّة أنه ليس لديها الصلاحية ببحث مثل هذه الأوراق التي تخص سجناء القوات الامريكية.
وكالة المخابرات المركزية (Central Intelligence Agency) وتعرف إختصاراً بـ" سي آي إيه: هي الوكالات الرئيسية لجمع الاستخبارات في الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة. يقع مقر الوكالة في لانغلي، بمقاطعة فيرفاكس فيرجينيا على طول نهر بوتوماك. يعمل موظفوها في سفارات الولايات المتحدة ومناطق أخرى متعددة حول العالم.
لدى وكالة الاستخبارات المركزية ثلاثة أنشطة رئيسية، جمع المعلومات عن الحكومات الأجنبية والشركات والأفراد؛ وتحليل تلك المعلومات جنبا إلى جنب مع معلومات جمعتها وكالات استخبارات أمريكية أخرى، وذلك لتقييم المعلومات المتعلقة بالأمن القومي وتقديمها لكبار صانعي السياسة الأمريكية؛ و بناء على طلب من رئيس الولايات المتحدة، تنفذ الوكالة أو تشرف على النشاطات السرية وبعض العمليات التكتيكية من قبل موظفيها، أوالجيش الأميركي، أو شركاء آخرين.
