الوقت – بعد اللقاء الذي حصل بين ميشال عون وسعد الحريري وتصريحات عون حول التفاهم مع الحريري على وصوله الى كرسي الرئاسة في لبنان هناك سؤال مطروح بقوة وهو ما الذي غيّر موقف الحريري في ملف الانتخابات الرئاسية لصالح مرشح حزب الله للرئاسة؟
يعاني تيار المستقبل وشخص سعد الحريري من أزمة مالية شديدة لأن اليد السعودية لم تعد سخية تجاههم بسبب الأزمات التي تعصف بالسعودية نفسها، ومن جهة أخرى تسعى السعودية منذ شهور الى تقويض الدور المحوري للحريري في الوسط السني اللبناني.
ان الهزائم المتتالية والثقيلة للسعوديين (الحماة السياسيين للحريري) في سوريا والعراق واليمن تسببت بتغيير الاولويات السياسية السعودية على صعيد السياسة الخارجية التي ليس لبنان فيها أولوية.
ومن جهة أخرى فشل الحريري ايضا في كسب التأييد الكامل لسنة لبنان وهذا بدا واضحا في الانتخابات البلدية التي هزم فيها الحريري في عدة دوائر انتخابية مهمة.
تبعات تغيير موقف الحريري
ان تراجع الحريري عن خيار ترشيح سليمان فرنجية واعلان الدعم لعون سيرجح كفة فريق 8 آذار لكن سيكون لذلك تبعات ثقيلة بالنسبة للحريري أقلها إنفصال تيار المستقبل عنه وإنضمام المستقبل الى باقي التحالفات أو تشكيل تحالف جديد مناهض للحريري.
ومن جهة أخرى فإن رئاسة عون دون دعم الحريري له يعني تفوية الحريري لفرصة الوصول الى رئاسة الوزراء وهذا سيعمق الأزمة المالية والسياسية للحريري في لبنان والسعودية.
ورغم هذه التبعات وكذلك فشل الجلسة النيابية الاخيرة لانتخاب رئيس البلاد يبدو ان رئيس تيار المستقبل مصر على تذليل العقبات التي تقف في وجه انتخاب رئيس الجمهورية وفي هذا الاطار يندرج لقائه مع ميشال عون والذي كان ايجابيا حسب المصادر المطلعة التي قالت ان للقاء نتائج ايجابية على الساحة السياسية اللبنانية وخاصة ملف الانتخابات الرئاسية.
وقد ادرك تيار المستقبل والحريري الان ضرورة وضع حد للأزمة الرئاسية كيفما كان لأن هذه الأزمة يمكن ان تطول شهور وسنين وان الفراغ الرئاسي سيضر بالحريري والمستقبل بشكل أكبر من وصول عون للرئاسة.
يعلم الحريري ان حل أزمة الرئاسة سيفتح الباب امام تدفق الاستثمارات الخارجية الى الإقتصاد اللبناني الذي يعاني من الإفلاس ويسمح للحكومة اللبنانية بالحصول على القروض الخارجية وهذا يعني نجاة مؤسسات الحريري المشرفة على الإفلاس.
ان ما يبدو مهما في تحركات الحريري الأخيرة هو عدم اعتماده وإتكاله على الدعم السعودي وعدم الإهتمام بمطالبات الرياض وهذا يدل على عزم الحريري لحل الأزمة، ويستشف من التصريحات الاخيرة للحريري الذي يؤكد انه قادر على اقناع السعوديين بهذا الحل في لبنان انه يريد اولا التوصل الى تفاهم داخلي ومن ثم كسب غطاء إقليمي ووضع اللاعبين الخارجيين امام الامر الواقع ومنهم السعودية.
وهناك من يشكك بشأن احتمال نجاح الحريري في كسب الرضا السعودي ويقول أنه يمكن ان يرضخ الحريري في نهاية المطاف للرأي السعودي ويتراجع فجأة عن كل ما وعد به، وهذا الرأي يتوافق مع رؤية حزب الله الذي يذكّر بماضي الحريري الذي يفوق كلامه أفعاله ولذلك يجب التريث قليلا لرؤية تحركات الحريري والخطوات الحاسمة التي تتخذ في ملف الإنتخابات الرئاسية.
الخلافات في فريق 8 آذار
بغض النظر عن تحركات الحريري في الملف الرئاسي هناك ايضا خلافات داخل فريق 8 آذار وأهمها ميول رئيس البرلمان نبيه بري لإنتخاب سليمان فرنجية للرئاسة فيما يؤيد حزب الله وجزء مهم من فريق 8 آذر ترشيح عون للرئاسة، لكن الخلافات في هذا الفريق قابلة للحل اذا حسم ملف الرئاسة لكن يجب الإنتباه ان تقديم الدعم للفرنجية يمكن ان يعود ويدفع الحريري نحو تأييد ترشيح فرنجية بدلا عن عون ولذلك نجد ان بعض الأوساط اللبنانية طالبت بري بدعم عون لكي لا تتوجه أصابع الإتهام اليه في عرقلة الإنتخابات الرئاسية.
جولات الحريري الخارجية
لقد زار الحريري يوم الثلاثاء العاصمة الروسية موسكو وتباحث هناك مع المسؤولين الروس بشأن الشغور الرئاسي في لبنان، وتدل هذه الزيارة ان الملف الرئاسي اللبناني مرتبط بقوة بالملفات الإقليمية ومنها الملف السوري واذا لم تمضي سوريا نحو الحل فلن يشهد لبنان حلا سياسيا لملفه الرئاسي ولذلك يمكن القول انه لا يلوح في الأفق بوادر حل في لبنان لأن الجانبين الروسي والامريكي لم يتوصلا بعد لاتفاق حول سوريا.