الوقت – مع قرب انتهاء فترة حكم الرئيس الأمريكي باراك اوباما يعتقد الكثير من المراقبين ان العلاقات بين واشنطن وتل أبيب كانت متوترة خلال عهد اوباما، لكن ورغم هذا الإعتقاد تم الإعلان ليلة الثلاثاء ان الحكومة الامريكية ستقدم للكيان الإسرائيلي أكبر رزمة مساعدات عسكرية في تاريخ البلدين، ولا شك ان لذلك أسباب داخلية وخارجية.
المساعدات العسكرية هذه قيمتها 38 مليار دولار خلال العقد القادم في وقت كانت قيمة المساعدات التي قدمت لفترة مماثلة ماضية والتي ستنتهي في سنة 2018 حوالي 30 مليار دولار.
وقد جرت المفاوضات بشأن هذا العقد خلال الشهور الماضية خلف الأبواب المغلقة أي في الوقت الذي كان يقال علنا ان اوباما ونتنياهو يعيشان أزمة في العلاقات.
وعلق ديفيد ماكوفسكي، مدير برنامج عملية السلام في الشرق الأوسط لدى "معهد دراسات سياسات الشرق الأدنى" بالقول إن الاتفاق سيكون "رسالة مهمة للجميع في المنطقة بعدم إساءة تفسير الاختلافات بين البلدين حول قضايا مثل العلاقة مع إيران والملف الفلسطيني.. في العمق، مازالت أمريكا ملتزمة جدا بأمن إسرائيل على الأمد البعيد".
وقالت شبكة سي ان ان في تقرير لها ان الإتفاق الجديد بين واشنطن وتل أبيب مرتبطة بايران بشكل مباشر، واضافت سي ان ان : اسرائيل تعتقد ان رفع الحظر عن ايران نتيجة الإتفاق النووي سيسمح لطهران بزيادة هامش المناورة في المنطقة ولذلك نجد ان اسرائيل طلبت بان تكون رزمة المساعدات الأمريكية الجديدة أكبر من سابقاتها، كما ان اسرائيل استندت في طلباتها الى الاوضاع المتأزمة في العراق وسوريا.
من جانبها قالت كبيرة الأعضاء الديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي نيتا لوي في بيان ان رزمة المساعدات هذه جعلت الكيان الإسرائيلي في وضعية أفضل للتعامل مع قضية الفوضى في المنطقة وستمكّن تل أبيب من "الدفاع" بشكل أفضل عن مواطنيها وحدودها.
وتشير تقارير أولية إلى أن نتنياهو كان قد طلب من واشنطن مساعدات عسكرية بقيمة 45 مليار دولار، قبل أن تستقر الأمور بعد التفاوض على 38 مليار دولار.
الدوافع السياسية والإقتصادية
ليس خافيا على أحد ان تقديم هذه المساعدات له دوافع سياسية قبل ان تكون له دوافع موضوعية وعملية، وان هذه الدوافع السياسية موجودة لدى الطرفين الأمريكي والإسرائيلي على حد سواء.
وذكر محللون أن الحزمة العسكرية ستتيح للرئيس الأمريكي باراك اوباما مغادرة البيت الأبيض وفي جعبته ما يؤكد أن إدارته قدمت ما لم تقدمه أي إدارة أخرى للكيان الإسرائيلي، وهو أمر تزداد أهميته في سنة الانتخابات الرئاسية، إذ يمكن للمرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، الاستفادة منه سياسيا أيضا.
وفي المقابل يمكن لنتنياهو ان يريح باله من أي سياسة سيتبعها الرئيس الأمريكي الجديد ويمكن القول ان الاعلان عن هذا الاتفاق قبل اسبوع واحد فقط من زيارة نتنياهو المرتقبة الى أمريكا للمشاركة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة ولقاء اوباما يكسب هذا الموضوع أهمية مضاعفة.
وتحمل الحزمة الجديدة العديد من المتغيرات مقارنة بسابقاتها، إذ فيها تعديلات على طرق صرف الأموال ونوعية المواد التي يمكن شراؤها، إلى جانب تقديم الدعم لعقد كامل من الزمن لبرامج الكيان الإسرائيي الصاروخي على أن تلتزم تل أبيب بعدم ممارسة أي ضغط داخل الكونغرس للحصول على أموال إضافية.
وهناك موضوع آخر وهو المكسب الإقتصادي الأمريكي من هذا الإتفاق فرغم ارتفاع قيمة هذا العقد الى مستوى قياسي لكنه ينص على ان تصرف هذه الاموال كاملة على شراء الأسلحة من الشركات الأمريكية في حين كان الإتفاق السابق يسمح بتخصيص 26 بالمئة من قيمة المساعدات للشراء من معامل السلاح الإسرائيلية.
وهكذا يمكن القول ان رزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة للكيان الإسرائيلي تتضمن مكاسب سياسية وإقتصادية للطرفين.