الوقت- دخل الإعلام الغربي بقوة اعلامياً مع بدء معركة منبج الى جانب قواته العسكرية التي ارسلها لمساندة ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية، هذا التركيز الإعلامي الغربي وبالخصوص الامريكي يطرح علامة الإستفهام حول الأسباب والأهداف التي يريد الغرب وامريكا تحقيقها من ورائه.
اولاً: الهدف الغربي الامريكي الاول والاساس من وراء الضغط والتركيز الإعلامي على معركة منبج هو لجهة صرف الأنظار عن معركة حلب، لأن الامريكي يدرك جيداً ان القضاء على جماعات الإرهاب في حلب يعني القضاء على الإرهاب في سوريا وهو ما لا يريده. خاصة وأن معركة حلب ستُنفّذ بأيدي سوريا محض وبدعم من حلفاؤهم الدوليين والمحليين وهو ما يقلق الامريكي.
اما عن اهمية حلب، فهي المدينة الثانية في سوريا والتي تشكل في تركيبتها السكانية نموذجاً حياً يختصر الشعب السوري كله ففيها كل اعراق هذا الشعب وكل أديانه وكل مذاهبه، فهي كانت المدينة الصناعية الأولى ليست في سوريا فحسب بل في الشاطئ الشرقي للمتوسط وعجزت الصناعة التركية عن منافستها، كما وأنها البوابة التي تدخل الأطلسي بقوات منه بشكل مباشر لإبقائها الإرهاب فيها، فالاطلسي الذي رسم بقيادة أمريكية خطا احمر امام الجيش السوري و ارسل اكثر من رسالة ضغط لمنعه من السيطرة على حلب، فالقلق الامريكي الذي ابداه بسبب تحضيرات الجيش السوري لتطهير حلب واضح.
ثانياً: تريد امريكا والغرب اعلامياً تحييد الأنظار عن خطر جبهة النصرة وباقي الفصائل الأخرى، فداعش في سوريا عملياً لا يمثل الثقل الذي تمثله النصرة والفصائل التكفيرية الارهابية الاخرى في مواجهة الجيش السوري والقوات المتحالفة معا. القلق الامريكي على جبهة النصرة والتي تسيطر بقوة في حلب ظهر جلياً في شباط الماضي عندما اقترب الجيش السوري و حلفاؤه من حلب بعد تطويقها من الجنوب بالإمساك بـ 85% من الريف الجنوبي ومن الشمال بتنفيذ تلك العملية التي أدت الى فك الحصار عن نبل و الزهراء و ربط الإنجاز الميداني المهم هذا بما كان سبق تحقيقه في الشرق من حلب وتطهير كويرس ومطارها والبدء بالتحضير للاندفاع شمالا باتجاه مدينة الباب، عند ذلك وجدت امريكا ان أوراق اللعبة كلها تكاد تفلت من يدها فهددت الجانب السوري وحلفاؤها بأن الاستمرار في الميدان بهذا الزخم يعني الإجهاض على العملية السياسية وفق زعمهم وادعائهم و الدخول في صراع عسكري على ارض سوريا لا ينتهي، مطالبة بوقف العمليات و الذهاب الى جنيف للعمل على المسار السياسي.
ثالثاً: ايضاً يأتي ذلك في سياق الحملة الانتخابية الامريكية وجلب الرأي العام الأمريكي من خلال إبدا صورة على أنها الجهة الأبرز في محور محاربة الإرهاب وهذا ماتحاول تحقيقه في معركة منبج بعد السيطرة عليها، فخلال الفترة السابقة من بدء العدوان على سوريا ودعم الجماعات الارهابية التكفيرية فيه والذي تقوده امريكا، الى ارتداد خطر هذه الجماعات على داعميه والقلق الذي شهدته الدول الداعمة بما فيه امريكا، كل ذلك ادى الى بروز ضغط اعلامي وشعبي ومؤسسات حقوقية على الحكومات الغربية وبالخصوص الامريكية، عليه ومع اقتراب الحملة الانتخابية، ومع وجود منافسة قوية بين الحزب الجمهوري ومعارضيه، جاءت الحاجة لإظهار مسلك يخفف من حدة هذه الضغوطات والتذمر الشعبي، وعليه جاءت معركة منبج وتسليط الضوء الاعلامي عليها.
رابعاً: الأمر الواضح والجلي والذي لم يعد بحاجة الى برهان وتكلف في البيان ان امريكا تستخدم الإرهاب وتكبره إعلاميا كذريعة لمحاربة داعش للتدخل في سوريا، وتقوم الآن باستخدام ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية حتى تستنزف سوريا، وتلوح بهذه الورقة لمواجهة قوات الجيش السوري في محاربة داعش في منبج.
في الختام يمكن القول وفق بعض المراقبين أن هذه العملية لا تريد فرض السيطرة الكاملة على منبج لأن أمريكا تريد أن تبقي على الهدف النهائي ضبابيا لأن الولايات المتحدة تريد أن تستخدم هذه العملية لتلوح بها ضد الأتراك وضد سوريا، لأن قوات سوريا الديمقراطية هي قوات كردية في الأصل، وهناك توتر داخلي بين الأتراك والكرد.