الوقت- انتشرت في الوسائط الاعلامية قصة جميلة للشهيد القائد عماد مغنية في ايام تشرف على ذكرى استشهاده, تجسد بعضا من القيم الانسانية التي كان يحملها رجل الميدان الأول الذي أبدع سلوكا وشخصية في الظل في صراع مع الاستكبار عاشه طيلة حياته, رحلة جهادية مخلصة لم تحتاج الى شكر ولا مدح, عاشها الشهيد باعثا نسمات عشق علوي اختزنه العماد المبدع المتنور المخلص ..
عاش في زماننا يذكرنا, ببأس علي(ع) قاتل صناديد العرب وبأسه المهيب, ودموع الليل وتعبده الدافئ وحنانه الساحر العطوف, فعلي في قوتيه الجاذبة والدافعة أجمل كتب واجمل كلمات نطقت بوصف قائد تاريخي عظيم زق الحكمة والحب والشجاعة والغيرة على الدين كما يريد الدين من أعظم الخلق والخُلُق الرسول الأكرم محمد(ص).
عماد فايز مغنية, قائد محب لعلي يذكرنا برشحات من ايام حرمنا القدر من أن نحياها بأم العين, فأتانا الله بأسوة علوية حطت بخفة على الأرض وصنعت من خلف ستار وبعيدا عن الادعاء والظهور والرياء, بأصابع من نور وليال شقاء صامت, وحققت شخصية رجل واحد ما عجز عنه من يطلق عليهم عظماء رجال هذا الكوكب!!
قصة من حياة القائد الجهادي الكبير الذي يرقد بأمان وبين يديه طفله الشبيه جهاد عماد مغنية.. ينامون براحة قريري العين, لأن أبناءهم واخوتهم وعشاقهم في الساح يحملون اللواء, هناك في الجولان حيث أحب الوالد وقضى الولد, يسطران الانتصارات المدوية!!
فإليكم قصة جميلة تتناقلها الوسائط الاعلامية بكثرة, قصة واقعية تركها الشهيد ذكرى وارتحل...
حسان (إسم وهمي) لرجل في منتصف الثلاثين من عمره، ورث المهنة عن والده وتشارك واشقاؤه في ملكية محل حلاقة في منطقة المزة (في العاصمة السورية ) بعد وفاة الوالد الذي كان أيضا حلاقا لشخصيات سورية عالية المستوى.
الأبناء ورثوا علاقات الأب وحسان نفسه هو حلاق الكثير من الشخصيات السورية الشديدة الأهمية وخصوصيته تنبع من الثقة التي توليه إياها تلك الشخصيات فتسلمه “ذقونها والرقاب” ليسرح موس حلاقته حرا طليقا حولها.
كان حسان ولا يزال معتادا على زيارة زبائنه من ”الفئة الأولى” في منازلهم، وخلال إحدى زياراته تلك، لشخصية سورية بارزة إلتقى حسان بزائر إسمه “الحاج ربيع”
الزائر كما صاحب المنزل “سلّم شعره” لمقص حسان وسلم أيضا رقبته وذقنه لموس الحلاقة، ويستذكر حسان تعليقا ملفتا لم ينتبه لمعناه وقتها قاله صاحب البيت للحاج ربيع وحين جلس بين يدي الحلاق:
” هلق إزا حسان بيعرف إنو رقبتك حقها خمسة وعشرين مليون دولار كان بقصها ”
ضحك المسؤول السوري وإستغرب حسان وإبتسم الحاج ربيع .سأل الحاج ربيع حساناً عن موقع محله وقال له :بـ”المستقبل بصير بمرق عليك تحلق لي بس كون بالشام”
كان ذلك في منتصف العام 2003 وبعدها تردد الحاج ربيع على محل الحلاقة ذاك بشكل متواتر ومتقطع، ويقول حسان:
كان الحاج ربيع يأتيني دوما بلا موعد، وقبل أن اقفل المحل بدقائق ليضمن عدم وجود أي كان غيري في المحل، فقد كنت قد أخبرته بعد أن سألني في لقائنا الأول عن مواعيد إقفال المحل وعن مواعيد دوامي ودوام إخوتي وكنت أنا دوما أتأخر عن موعد رحيلهم بساعة لأقفل المحل بعد تنظيفه بنفسي .
كان الحاج ربيع يغيب لأشهر ثم يظهر، وأحيانا كان لا يغيب سوى أسبوعين، وكنت ألاحظ أن ”ستايل الحاج ربيع” لم يكن هو نفسه في كل مرة يزورني فيها.
أحيانا كان يلبس ثيابا تبدو عليه معها هيئة رجال الأعمال، وأحيانا كان يبدو بهيئة شبابية وأحيانا كان يبدو رب “عائلة مستور“، ولكنه في كل الأحوال كان يدخل المكان باسماً ملقياً التحية على من فيه بأدب شديد وبود.
إنسانيته وتواضعه الشديد قرّباه إلى نفسي فشعرت على مرّ السنين بأنه صديق وأخ وتطورت العلاقة بيني وبينه إلى حد أن يعرف بالاسماء كل أولادي، ويعرف مشاكل كلٍ منهم بالدراسة. فقد كنت كما كل الحلاقين أثرثر معه، ولم يكن يمانع من الإستماع إلي.
طيبته حملته مرات ومرات على سؤالي عن أبنائه وعن مشاكلهم وفي إحدى المناسبات علم بمشكلة عائلية وقعت بيني وبين أحد القريبين مني فقال لي:
إسمع (يا فلان) طالب بحقك، ولكن إحفظ صلة الرحم فالله سبحانه يعوض عليك، ما قد تخسره من مشكلة مع من يأكل حقا لك من عائلتك، ولكن خسارة صلة الرحم تغضب الرب وتقطع الرزق.
كان إيمانه يظهر من الكلمات التي يتفوه بها، وكان حديثه هو دليل الإنسان إلى تقواه، ولكن شكله الخارجي لم يكن يوحي أبدا بأن ذاك الشخص المتواضع هو المجاهد الكبير عماد مغنية.
ضحكته كانت سهلة وكان دوما يبدو فرحا ومرتاحا، إلا أني شاهدته مرة في موقف لن أنساه ما حييت.
الرجل الذي أبكى الأميركيين والإسرائيليين يبكيه مشهد تلفزيوني:
يتابع حسان:
لم أعد أذكر ما هي المناسبة ولا تاريخها فأنا حلاق ولست مؤرخاً، ولكني أذكر تماما كيف دخل الحاج ربيع إلى محلي بهيبته التي تشعر بها دون أن تعرف السبب أو تفهمه، جلس على كرسي الحلاقة وكان دوما يختار الكرسي الذي لا يمكن لمن يمر في الشارع الإطلال عليه بسهولة وكان يطلب مني ان أدير الكرسي بإتجاه شاشة التلفزيون المعلقة فوق الحائط فيصبح ظهره للشارع، ووجهه مقابل التلفزيون. في ذاك النهارعرض التلفزيون (قناة المنار على ما اذكر) تفاصيل تشييع شهداء للمقاومة وحين برزت نعوش الشهداء على الشاشة، وتفاجأت حين رأيت الدموع تكرّ بغزارة على وجنتي ”الحاج ربيع”
يقول حسان: أحسست وقتها بالحرج فلم أعرف ما الذي علي قوله فخرجت من المحل بحجة التحدث بالهاتف!!!
"حاج ربيع" و "حاج رضوان" و "حاج رضا" و "حاج جواد".. وكل مكان انت فيه باسم وشكل مختلف ولكنك عماد فايز مغنية صنعت كل تغيير واختلاف... بكيت الشهداء, خذلتك يومها الدموع التي فضحت قلبك البريء العاشق للشهادة والمدين للشهداء الذين عشقوا الموت طوعا لأصابعك التي أعطت الاوامر في الجبهات, وعشقوا ابتساماتك الطفولية التي تلخص حكاية الحب المحمدي والعشق العلوي الأصيل.
لكن أخبرنا, هل بكيت جهادك الصغير الشهيد, أم أن الشوق للقاء أثلج صدرك, وسفر طفلك الى الجنان يدخلها بسلام آمن ويده بيدك, زرع البسمة على محياك وارتاحت نفسك للتساوى مع قادة شهداء أنجبت أبناءا شهداء!!
القائد الشهيد عماد مغنية وشبله جهاد سلام الله عليكما يوم ولدتما ويوم استشهدتما ويوم تبعثان حيين.