الوقت - في السنة الأولى من رئاسته، حاول باراك أوباما عبر خطاب شهير له في القاهرة لفت أنظار العالم العربي إليه، والآن أيضاً وفي السنة الأخيرة من رئاسته، يزور فيتنام ومن ثم مدينة هيروشيما اليابانية. منتقدو أوباما يطالبون بوضع حد لسلسلة زياراته هذه، والتي توحي بنوع من الاعتذار لسلوك أمريكا في الماضي. أوباما ومساعدوه في البيت الأبيض يسمون هذه الزيارات "تصفية الحساب مع التاريخ". ومع ذلك فإن البعض يری أن عنوان "مواجهة التاريخ" هو العنوان الأفضل لهذه الزيارات.
وفقاً للمسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين، فإن الرئيس الأمريکي هو الذي خطَّط لهذه الزيارات بنفسه. فأوباما قد بنی سياسته الخارجية على أساس تسريع مواجهة العالم مع الماضي من أجل مواجهة المستقبل. فهو يذهب إلى فيتنام لمواجهة الصين بشکل أفضل، ويزور هيروشيما للتعامل مع كوريا الشمالية بشكل أفضل أيضاً.
في الخطوة الأولى، سيواجه الرئيس الأمريکي الناجين من حرب فيتنام، وعزلة هذا البلد في أعقاب الحرب وحكم الشيوعية فيه. بعد ذلك في اليابان، ومن خلال الاستفادة من خلفية النصب التذكاري للسلام في هيروشيما (قبة جينباكو)، سيذكِّر أوباما الجميع بأن الأسلحة النووية لا تخص فقط الصور بالأبيض والأسود. فهيروشيما هي رمزٌ للقدرات العسكرية الأمريكية على أعلى مستوى، والحالة الراهنة للفيتنام، رمزٌ للقوة العسكرية الأمريكية في أدنى مستوياتها.
تشاك هيغل وزير الدفاع الأمريكي السابق والذي رحَّب کثيراً بهذه الزيارة، وصف أوباما بأنه أحد أكثر الرؤساء الأمريکيين خبرةً. وقال: "يسير أوباما إلى الأمام برؤيته الذاتية وذكاءه الخاص. فهو يستمع للآخرين، ولكن في نهاية المطاف هو الذي يتخذ القرار برؤیته الخاصة".
يعلم أوباما أن منتقديه الدائمين، سينتقدون هذه السلسلة من الزيارات. فهو کما يقول "توم دونيلون" مستشار أوباما للأمن القومي السابق، الشخص الذي تم انتخابه بأغلبية الأصوات مرتين. فلا يتم شيءٌ من هذه الخطوات دون محاسبة وتفكير ومراجعة.
هذه الزيارة إلى فيتنام ليست الأولی من نوعها، بل سبق أن زارها کل من بيل كلينتون وجورج دبليو بوش، باعتبارها مشهد الحرب الأمريكية الأطول قبل أفغانستان.
زيارة تحذير إلی من يهمه الأمر
زيارة أوباما قبل أن يکون تکريماً للحرب وأحداثها، تأتي بهدف الترحيب بقرار حكومة فيتنام الجديدة القاضي بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، من أجل الانضمام إلی اتفاقية الشراكة عبر الباسيفيك. المسألة ليست معقدةً کثيراً، فکلما استطاع أوباما جذب فيتنام ودول أخرى إلى إستراتيجية التوجّه نحو آسيا وخطة التعاون الاقتصادي، فإن قدرة الصين علی الهيمنة على المنطقة ستکون أقل.
في هذه الأثناء، فإن مساعدي أوباما في البيت الأبيض ورداً علی الصحفيين، قالوا مراراً إن أوباما سوف لن يعتذر عن القصف النووي الأمريکي لهيروشيما وناغازاكي. حيث قال "بن رودس" مستشار الرئيس الأمريكي للسياسة الخارجية، للصحفيين يوم الثلاثاء الماضي إن الزيارة لا تتعلق بتقديم اعتذار.
وبشأن الرسالة التي تحملها هذه الزيارة، أوضح "بن رودس" قائلاً: "إن القادة والمواطنين يجب أن يكونوا على بينة من التكلفة الباهظة للحرب، ونحن لا يمكن أبداً أن ننسى عواقب الحرب على الأبرياء. فکلما نبتعد عن استخدام الأسلحة النووية، تنتفي ضرورة منع انتشار الأسلحة النووية وخفض الترسانات النووية."
من جانبه قال "زلماي خليل زاد" الدبلوماسي الأمريكي: "يجب أن يكون الرئيس حذراً للغاية في استخدام الكلمات. فلا حاجة لأي اعتذار لما قمنا به في الماضي".
هذه التصريحات موجهةٌ إلی كوريا الشمالية أكثر من إيران والإشادة بالاتفاق النووي معها. فکل من المنتقدين والمؤيدين يتفقون على أن وضع كوريا الشمالية في حين يترك أوباما البيت الأبيض، في أسوأ الحالات. وهذا الأمر هو السبب الکامن وراء دعم كوريا الجنوبية وترحيبها بجدول أعمال زيارة الرئيس الأمريكي إلى هيروشيما. فزيارة أوباما يمكن أن تكون تحذيراً لكوريا الشمالية بسبب طموحاتها النووية.