الوقت - وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام الامريكي حاضران بقوة في قلب المعركة الانتخابية، فالوقائع تظهر مدى تأثير هذه الوسائل على تكوين الرأي السياسي ودفع الناخبين الى اتخاذ قرار بخصوص مرشح عن غيره، وما يزيد من أهمية هذه الوسائل هو ان ما يقارب من ثلثي البالغين في امريكا يستخدمون وسائل التواصل الإجتماعي. في هذا المقال سنحاول الإشارة الى بعض هذه الوقائع والتقارير الصادرة مؤخراً واستطلاعات الرأي عن حضور وتأثير هذه الوسائل في المعركة الإنتخابية من جهة، والحديث عما تحققه هذه الوسائل في المعركة الإنتخابية من جهة أخرى والآلية المستفاد منها سواء من قبل المرشحين أو الناخبين.
الأكثر حظاً من بين المرشحين وفق معطيات العالم الإفتراضي والإعلام واستطلاع الرأي
في مواقع التواصل الإجتماعي، ولجهة التبرعات، فقد اعلنت لجنة الانتخابات الفيدرالية الأمريكية أن أكثر من 114,000 دولار لحملة المرشحة الديموقراطية في انتخابات الرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون تم التبرع لها، لتكون بذلك أكثر مرشحي الرئاسة الأمريكية حصولا على تبرعات من مواقع التواصل الاجتماعي. وكان المرشح الجمهوري السيناتور ماركو روبيو قد جاء في المرتبة الثانية، حيث حصل على تبرعات بقيمة 16,604 دولار من فيسبوك قبل انسحابه من السباق الرئاسي في شهر مارس الماضي.
لجهة الأكثر انتشاراً، فقد تفوق المرشح الجمهورى دونالد ترامب على منافسيه من حيث الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي. حيث كان هناك 2.76 مليون متابع لمقاول العقارات ترامب على موقع تويتر في الأول من يناير 2015 اي قبل اشهر من إعلان ترشحه لانتخابات الرئاسة الأمريكية، أما الآن فقد وصل متابعو ترامب على مواقع التواصل الاجتماعى إلى اكثر من خمسة ملايين. وتأتي هيلاري كلينتون الأوفر حظا للفوز في المرتبة الثانية اذ بلغ عدد المتابعين لها على تويتر 2.6 مليونا في اوائل يناير 2015، واصبحوا الآن 4.8 مليونا.
في استطلاعات الرأي، ووفق ما انجزته صحيفة واشنطن بوست و"أي بي سي نيوز" الأمريكية، جاء ما يقارب 6 ناخبين من أصل 10 مسجلين انطباعاتهم السلبية عن كلا المرشحين. إلى ذلك، أشار استطلاع الرأي إلى أن الناخبين المسجلين فضلوا ترامب، بنسبة 46 في المئة وكلينتون بـ44 في المئة، ويمثل هذا تحولا بـ11 نقطة تجاه المرشح الجمهوري، منذ مارس/آذار.
ومع ذلك، تم تصنيف كلينتون قبل ترامب عبر مجموعة من الصفات والقضايا، وينظر إليها على أنها أكثر تجربة لتكون رئيسا. ومن بين هؤلاء الناخبين المسجلين 48 في المئة يقولون إنهم يفضلون كلينتون، في حين أن نسبة مطابقة تقول إن أصواتهم أساسا لمعارضة ترامب. ومن بين الداعمين لترامب، 44 في المئة يقولون إنهم يدلون بأصواتهم تأييدا للجمهوري، في حين أن 53 في المئة يقولون إن الدافع هو معارضة كلينتون.
إلى ذلك، أجمع 58 في المئة أن ترامب ليس مؤهلا لأن يكون رئيسا، مقابل 63 في المئة يقولون إن كلينتون مؤهلة للبيت الأبيض. وأشارت نتائج الاستطلاعات، التي نشرت الأربعاء، 11 مايو/أيار، وأجريت بين يومي 6 و10 مايو/أيار، إلى أن الملياردير الأمريكي يحظى بدعم 40 بالمئة من الناخبين المحتملين، في حين أعلن 41 بالمئة من المشاركين في الاستطلاعات عن تأييدهم لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة. وبالتالي، قلل دونالد ترامب من الفارق بينه وكلينتون، التي كانت تتفوق عليه بـ13 بالمئة حتى نهاية الأسبوع الماضي، وذلك في تطور مثير أعقب انسحاب منافسيه، جون كيسيك وتيد كروز، من السباق على بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري.
اعلامياً تحتدم المعارك بين المرشحين، فقد استطاعت شبكة فوكس نيوز جذب 12,5 مليون مشاهد مساء الخميس تابعوا المناظرة الأخيرة للمرشحين الجمهوريين قبل انطلاق الانتخابات التمهيدية في ولاية آيوا، الإثنين، وذلك على الرغم من أن المرشح دونالد ترامب قاطع هذه المناظرة، كما أفاد معهد نيلسن الجمعة. وهذه ثاني أعلى نسبة مشاهدة في تاريخ المناظرات الجمهورية، علما بأن الرقم القياسي حققته المناظرة التي جرت في أغسطس الماضي في بداية الحملة الانتخابية والتي بلغ عدد متابعيها يومها 24 مليون مشاهد.
وبهذا الرقم تكون فوكس نيوز قد انتصرت الخميس على منافستيها “سي إن إن” و”ام اس ان بي سي” اللتين غطتا حدثا سياسيا “منافسا” هو التجمع الذي نظمه دونالد ترامب. ترامب وعد بأن تتسبب مقاطعته للمناظرة بـ”كارثة تامة” على فوكس نيوز لأنها لن تجذب المشاهدين، وبحسب صحيفة هوليوود ريبورتر فإن 1,76 مليون مشاهد تابعوا ترامب على “سي إن إن” و1,02 مليون مشاهد على “ام اس ان بي سي”، وهما رقمان لا بأس بهما ولكنهما لا يقارنان بحصة فوكس نيوز من مشاهدي مساء الخميس. وفي حين شارك في مناظرة فوكس نيوز سبعة مرشحين للانتخابات التمهيدية، نظم ترامب تجمعا لجمع تبرعات لقدامى المحاربين. وقاطع قطب العقارات الثري الحدث بعدما رفضت محطة فوكس نيوز الامتثال لمطلبه بتغيير مديرة المناظرة ميغن كيلي. وبعدما أصدرت فوكس نيوز بيانا ساخرا بشأن الخلاف، استضاف ترامب حدثا خاصا في دي موين لجمع أموال للمحاربين القدامى. وكان ترامب قد وعد بأن تتسبب مقاطعته للمناظرة بـ”كارثة تامة” على فوكس نيوز لأنها لن تجذب ما يكفي من المشاهدين، لكنه خسر على ما يبدو رهانه بحسب إحصاءات نسب المشاهدين.
اين يكمن دور العالم الإفتراضي ووسائل الإعلام في الحملات الإنتخابية
يعمل العالم الإفتراضي ووسائل الإعلام على تكوين الصورة لدى الناخبين حول المرشحين، من خلال هذه الصورة التي تقدم ينتقل الناخب الى مرحلة التواصل والتفاعل مع المرشح الذي يجلب اهتمامه وتطلعاته، هذا التفاعل من قبل الناخب يضعه موضع الفاعل في العملية التعبوية للمرشح، سواء من خلال الترويج له عبر صفحاته الشخصية لأصدقائه والمرتبطين معه، او من خلال التبرع بالمال الذي يقدمه لدعم مرشحه، هذه الوظيفة التعبوية من شأنها ان توظف الناخب في ادارة الحملات المضادة ضد المرشحين المنافسين.
هذا وتوفر بعض وسائل التواصل الإجتماعي كتويتر وسناب شات وفيسبوك الفرصة لدى الناخب والمرشح معاً للتحدث المباشر، وإظهار الآراء والنقاش حول الموضوعات المختلفة المطروحة. ولهذا يذهب البعض الى اعتبار ان العالم الافتراضي والاعلام من شأنهما ان يساهما في جلب الشرعية لطرح المرشح، لأن عدم حضور المرشح في هذا العالم الإفتراضي سيقلل بقوة من فرصة انتشار افكاره بين الناخبين.
هذا وينظر الى العالم الافتراضي ووسائل الإعلام على انهما وسيلة لتعزيز سلطة المساءلة من قبل الناخب للمرشح، فالناخب صار بإمكانه الإستفادة من خلال صفحته اظهار اعتراضه او تأييده لفكرة ما طرحها المرشح، وسرعان ما ينتشر ذلك وتسلط عليه وسائل الإعلام كونه حدثاً مهماً. كما ان هذه الوسائل وفرت على المرشحين الجهود المالية والوقتية لطرح افكارهم والترويج لحملتهم الإنتخابية.