الوقت- خطفت فرنسا الأضواء مؤخرا من خلال الأحداث التي ضربتها بدءا من صحيفة شارلي ايبدو التي هاجمها مسلحون في وضح النهار موقعين 12قيلا، وصولا الى احتجاز رهائن في أكثر من مكان لغايات مختلفة، ثم اعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول الأكرم في تحد واضح لأكثر من مليار و نصف المليار مسلم على امتداد العالم .
لم يكن مستغربا الهجوم الذي تعرضت له فرنسا من قبل متطرفين فرنسيين، فقد توقع الكثيرون عودة الارهاب لضرب الدول التي يسرت له فرصة الرشد و النضوج في سبيل ضرب الدولة السورية و الاطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، بل أكثر من ذلك فالمتوقع أن تشهد دول أخرى أحداث كالتي شهدتها العاصمة الفرنسية، خصوصا تلك الدول التي يعشعش فيها الفكر التكفيري منذ فترة طويلة بفعل الحاضنة التي وجدتها تلك الجماعات من هذه الدول كبريطانيا و بلجيكا و المانيا و غيرها .
المستغرب المريب هو تسلسل الأحداث منذ البداية حيث أن حادثة شارلي ايبدو بدأت تأخذ صبغة جديدة بعد ما تلاها من وقائع تؤكد وجود أيادي خفية اسرائيلية، وراء التخطيط و تهيأة الأرضية قبل التنفيذ للاستثمار بدماء الضحايا لاحقا .
فانتحار المحقق الخاص بحادثة شارلي ايبدو، و العثور على بطاقات الهوية التي تعود الى الجنات الذين يفترض أن لا يحملوا ما يدينهم أثناء تنفيذ العملية مهما كانوا بدائيين، الى الاستثمار السريع للحادثة بمشاركة نتنياهو في المظاهرة و دعوته اليهود للهجرة الى الكيان الغاصب حيث أكثر الأماكن أمانا ليهود فرنسا حسب زعمه، كل ما ذكر و غيره دليل كاف و واضح بأن ما شهدناه من ردات فعل ما هو الا رقص على جثث ضحايا دفعوا ثمن انخراطهم بلعبة لم يدوروها من كل الزوايا .
اخر الأحداث الأمنية على الساحة الفرنسية كان في سماء القصر الرئاسي حيث ذكر مصدر في الاليزيه ان طائرة مسيرة حلقت فوق القصر الرئاسي في باريس "لبضع ثوان" ليل الخميس الجمعة .
وقال المصدر نفسه ان اجهزة الشرطة والدرك التي تضمن امن الاليزيه "رصدت على الفور" الطائرة التي "ابتعدت فورا" عن القصر الرئاسي الواقع في قلب باريس، موضحا ان "تحقيقا قضائيا جار للوقوف على ملابسات ما حصل ".
كيف يمكن لطائرة ان تحلق فوق القصر الرئاسي الذي يحظى بكل هذه الاجراءات الأمنية المحكمة، و ما العرض من تحليق هذه الطائرة فوق القصر، و من الذي يستطيع القيام بمثل هذا العمل الذي أثار دهشة الأمن الفرنسي؟
اتخذت السلطات الفرنسية اجراءات سريعة و محكمة بعد بدأ الأحداث، فانتشر الجيش الفرنسي و الوحدات الخاصة بكامل عتادها في شوارع العاصمة الفرنسية و مناطق أخرى بهدف ملاحقة الارهابيين و منعا من تعرض الساحة الفرنسية لضربات أخرى موجعة كما حصل مع شارلي ايبدو .
انتشار الجيش و تجولهم بالشوارع أشعر المواطنين الفرنسيين بقلق لم يعيشوه من قبل، لكنهم لم يعلقوا سلبا على نطاق واسع، كون هذه القوات المنتشرة رغم جو الحرب الذي تنشره و رائحة البارود المنبعثة من فوهات بنادقها الى أنها تبقى ألطف من العمليات الارهابية التي لا تستثني أحدا، هذه الاجراءات لم تكن كافية لبسط الأمن حيث وقعت عدة حوادث أخرى بعد رفع حالة الطوارئ ما يدل على ضعف الاجراءات و التدابير المتخذة من جهة و خبرة المسلحين التي اكتسبوها من حربهم في سوريا و العراق و اليمن و افغانستان من جهة اخرى. فالنتيجة أن صانعي الارهاب يتخبطون عاجزين عن السيطرة على ارهاب أرادوه أن يسقط نظام سوريا فهز عرش فرنسا عند أول جولة عنف.. و ما يدل أكثر على ضعف فرنسا مقابل الارهاب :
- اشعال نار العنصرية بين المهاجرين المسلمين بأغلبيتهم و المواطنين الذين رفعوا شعارات "لا لأسلمة فرنسا" ما يعرض مصالح و حياة المسلمين للخطر .
- ظهر الى العلن ما كان يحكى عنه في الأفلام السينمائية عن مناطق لا تتجرأ الحكومة الفرنسية دخولها و هي خاصة بالمسلمين دون غيرهم. و قد نشرت مؤخرا شبكة "فوكس نيوز" الاميركية تصريحات بثتها لمعلقين تحدثوا عن مناطق محظورة على غير المسلمين في العاصمة الفرنسية لا يستطيع غير المسلمين والشرطة دخولها ما أدى الى انزعاج الحكومة الفرنسية التي قررت رفع دعوى قضائية على المحطة .
- حالة الخوف و الهلع التي يعيشها المواطنون الفرنسيون، حيث أنهم يتوقعون تجدد أعمال العنف في أي لحظة .
- تدني قيمة اليورو مقابل الدولار حيث هبط الى أدنى مستوى له منذ 2003م .
- عدم قدرة فرنسا من ثني قاتل الأطفال عن المشاركة بالمسيرة، الأمر الذي أحرج الفرنسيين و الحضور بجانبه ما جعل من هذه المظاهرة محطة للتعليقات و السخرية .
ازاء كل هذه الأحداث التي حصلت من فرنسا الى بلجيكا و قبلها كندا و غيرها من الدول، يصبح السؤال الطبيعي للقارئ و المتابع، "هل بدأت رياح الربيع العربي تضرب أوروبا أم أن ما يحصل لا يتعدى كونه غيمة عابرة؟ أين هي أمريكا و اسرائيل من كل ما يحصل؟ و هل سيتخذ التحالف الدولي قراره بضرب الارهاب أم أن لعبة الحرب لا تزال تحت السيطرة"؟