التنظيم الارهابي الذي استولى على مساحات واسعة في سوريا والعراق كسب أنصاراً في مختلف دول المنطقة، وذلك بعد توطيد علاقاته بتنظيمات وكتائب جهادية في مناطق العالم المختلفة، وليس آخرها دخول هذا التنظيم عبر حركة طالبان الى دول آسيا الوسطى التي تقبع ما بين ايران،الصين،روسيا والهند فما هي خلفيات هذا التوسع، هل هو طبيعي أم خطوة مدروسة؟
البيعة
خارطة البيعة للتنظيم بدأت تتسع عبر إعلان عدد من التنظيمات الارهابية ولائها لداعش بعد الضربات الموجعة في سوريا والعراق، أبرز هذه التيارات المتطرفة: «أنصار الإسلام» الكردية في شمال العراق، حركة «أبو سياف» في جنوبي الفليبين، «مجاهدي شرق أندونيسيا»،جماعة «الاعتصام بالكتاب والسنة السلفية» بالسودان، وزعيم جماعة «بوكو حرام» الذي يسيطر على مدن في شمالي شرق نيجيريا،«أنصار الشريعة» و تنظيم «أبي محجن الطائفي» في ليبيا، و جماعة «جند الخلافة» في الجزائر،جماعة «تحريك الخلافة» في باكستان، وآخرها حركتي «طالبان» الباكستانية والأفغانية .
رُصد في الآونة الأخيرة نشطاء من تنظيم داعش في مدينة بيشاور الباكستانية يوزعون منشورات تشيد بالتنظيم، وشوهدت أيضا أعلام داعش في مسيرات بشوارع الجزء الخاضع لسيطرة الهند في كشمير، كما أن التنظيم الارهابي يوسع نفوذه غرب أفغانستان في كل من المحافطات التالية: حلند، تيمرز، فراح، هرات .
حركة طالبان الباكستانية أيضاً أعلنت أنها تؤيد اهداف داعش، حيث قال المتحدث باسم الحركة شهيد الله شهيد في رسالة أرسلت بالبريد الإلكتروني الى رويترز من مكان غير معلوم "نحن يا اخواننا فخورون بكم وبانتصاراتكم. نحن معكم في أفراحكم وأتراحكم ."
وأضاف "في هذه الأيام العصيبة ندعوكم للتحلي بالصبر والثبات خاصة الآن وقد تحالف كل أعدائكم عليكم. رجاء نحوا كل خلافاتكم.. جميع المسلمين في أنحاء العالم يتوقعون منكم أشياء عظيمة، نحن معكم وسوف نزودكم بالمجاهدين وبكل دعم ممكن ."
في ظل الترويج الاعلامي لفوبيا داعش في الاعلام الغربي أفرجت أمريكا مؤخراً عن عدد من قيادات طالبان المعتقلين في معتقل غونتنامو، أمثال ملا عبد الرؤوف، عبد الرحيم مسلم دوز، الذين بدورهم استلموا زمام أمور داعش في مناطقهم، فما هذه المفارقة؟ لماذا هذا التوقيت بالتحديد؟ ألا يعتبر خطوة اضافية لاستكمال تحالف داعش مع طالبان؟
صحيح أن اعلان حركة طالبان بشقيها الباكستاني والافغاني، استعدادها لمد "داعش " بالمقاتلين، لم يكن مفاجأة لمن يتابع مسار الاحداث في الشرق الاوسط، لكن لو نبشنا في التاريخ والواقع، ورمينا بنظرنا نحو المستقبل، سنرى اليد الامريكية تقف وراء هذا الدعم، وكذلك الربط بين الطرفين تم بخيط أمريكي .
النفاق الأمريكي
لقد لجأت اميركا الى انشاء التحالف الدولي الذي ادعت انه لمحاربة تنظيم داعش الارهابي، لكن من المؤكد أن الدوافع هي غير هذه الحرب المعلنة، فداعش الصنيعة الأميركية، لا تستوجب مثل هذا التحالف لقتالها، لأن التصدي لها يستوجب الامساك بمنابع تمويلها وتجفيفها، واميركا تعرف حق المعرفة اين توجد هذه المنابع، فبايدن كان صريحاً في وسائل الاعلام الاميركية عندما قام بتسمية قطر والسعودية وتركيا .
أمريكا التي اختارت سلوك حرب الاستنزاف في منطقة الشرق الأوسط، عادت مجدداً الى رفع راية الفوضى وعدم الاستقرار في منطقة آسيا الوسطى، عبر تسليم أفغانسان وباكستان الى تنظيم داعش الارهابي، لذلك ان الأسباب وراء الدعم الوسيط الأمريكي في انتشار داعش وتوسيع دائرة نفوذه داخل آسيا الوسطى هي كالتالي :
أولاً الهزائم المتلاحقة للتنظيم الارهابي في سوريا والعراق اثر ضربات الجيش وقوات الحشد الشعبي تعني نهايتة، لذلك لا بد من ايجاد ساحة جديدة للتنظيم بغية الاستفادة القصوى من خدماته، كذلك ان استخدام مقاتلي طالبان بزخم قوي قد يساعد في استعادة زمام الأمور داخل سوريا والعراق .
ثانياً القضاء على داعش يعني نهاية التحالف الدولي، لذلك لا بد من من ايجاد ذريعة جديدة لبقاء التحالف، وبالتالي تواجد أمريكا في المنطقة .
ثالثاً تواجد داعش في آسيا الوسطى يعني ضرب كافة الدول التي تقف في وجه المخططات الأمريكية أو لا تنصاع لأوامرها، فالانتشار هناك يعني تهديداً مباشراً لايران، روسيا، الهند،ومقاطعة سين كيونك الصينية .
رابعاً داعش هي الذريعة الرئيسية لعودة الأمريكيين الى المنطقة عبرالحضور العسكري الميداني المباشر، والاستيلاء على النفط، لذلك لا بد من اعطائها جرعة جديدة من الحياة .
اذاً، حرب الاستنزاف التي خططت لها اميركا وتنفذها الان ليست في العمق ضد داعش بل ضد المنطقة برمتها،لا بل تتعدى حدود المنطقة أيضاً، فداعش لا تتعدى في وظيفتها دور القناع الذي يخفي الاهداف الاميركية الحقيقية من حرب الاستنزاف تلك وما التحالف بين داعش وطالبان عن هذا ببعيد. هذه هي خطة اميركا واساليب تنفيذها لعدوانها تحت ذريعة مكافحة الارهاب، فهل ستتمكن واشنطن من النفوذ الى حيث تريد؟