الوقت- منذ بداية الأزمة السورية, يستوقف المراقب لمجريات الحرب من حيث طبيعة المعارك والتموضعات وأماكن الاشتباكات المستمرة والمتكررة , الأحداث الدائمة حول المطارات التي يتناولها الاعلام بمرور سريع ولا يركز عليها بدقة.
فالمطارات ومحيطها, عسكرية كانت او مدنية, تشهد اندلاع اشتباكات متكررة و تموضعات مكثفة للجيش السوري من جهة والمجموعات المسلحة من جهة أخرى.
ففي سجل احداث الأزمة والمواجهات, تكرار واسع لعمليات الهجوم على المطارات على امتداد الاراضي السورية, تأتي بالتزامن مع توجهات سياسية خارجية لمحاولة الضغط على النظام وسلبه ورقة مهمة تساهم في صموده.
جانب آخر من أوجه هذا الصراع, يتمثل بدخول طائرات الاستطلاع التي تستخدمها التنظيمات المسلحة الى ميدان المعركة والتي حصلت عليها كدعم من الدول الراعية لها. فقد سجلت حوادث اسقاط طائرات مماثلة من قبل الجيش النظامي, كانت تحلق قرب مناطق حساسة تابعة للجيش السوري ومن أهمها المطارات والمخازن الخاضعة لسيطرته.
حرب استطلاع استخباراتية تشنها دول معروفة تقف وراء داعش والنصرة و ما يسمى ب الجيش الحر, تستهدف الدفاعات الجوية السورية والمطارات ومناطق حساسة للنظام, بالاستفادة من المجموعات المسلحة, في لعبة تستهدف أمن ونقاط قوة الدولة السورية وليس فقط نظام الرئيس بشار الأسد !!
بعد تصريح اوباما عقب اتخاذ قرار امريكي, بتوجيه ضربات جوية لداعش, حيث قال " انه اذا ما تعرضت الدفاعات الجوية السورية لطائراتنا فإننا سندمرها ", نشطت الحرب الاستخباراتية من قبل المجموعات المسلحة لرصد المطارات واماكن انتشار الدفاعات الجوية, في تناغم واضح بين الدول الراعية للارهاب والمسلحين.
وهذا يحملنا للشك في مصداقية غارات التحالف وامريكا التي تستهدف داعش, بل تؤشر حقيقة الى ساتر تعتمده امريكا ومن معها تحت عنوان حملة على داعش, تستهدف فيها من لها مصلحة بتصفيته واضعافه من تيارات تكفيرية لا تظهر تعاونا مع استخباراتها و كذلك استطلاع مقدرات الدولة السورية وتحديد وتاكيد اهداف عبر خرق المدى الجوي السوري بهذه الذريعة.
محطات من حرب المطارات:
مطار دمشق الدولي:
مطار دمشق الدولي, شهد وما زال أعنف وأكبر الحملات العسكرية من المسلحين, بهدف احتلاله أو الوصول الى منطقة مدى مؤثر تمكنهم من استهدافه بالمدفعية والصواريخ. وقد نجح الجيش السوري بصد هذه الهجومات الكبيرة وابقاء سيطرته على المطار.
اللافت, أن المسلحين اثناء اخر هجوم على المطار بحشود كبيرة جدا من المقاتلين الذين توافدوا من مناطق الجنوب درعا والمحيط, كانوا يمتلكون خرائط وصور جوية حديثة ومتطورة ومعلومات دقيقة حول المطار والمناطق المحيطة والمنافذ التي يمكنهم الاستفادة منها, في دليل حول تلقيهم دعما من دولة متطورة جدا تكنولوجيا, ان لم تكن اسرئيل على الأغلب, فأمريكا !!
يلعب هذا المطار دورا كبيرا في وصول الامدادات والعتاد الى الجيش السوري من حلفائه, فضلا عن أنه يشكل رابطة أساسية بين دمشق وباقي أطراف الدولة السورية, لهذا فإنه رأس الأطماع الاسرائيلية وحلفائها, حيث تزعم اسرائيل أن هذا المطار هو الذي يؤمن عملية ايصال السلاح الى حزب الله في لبنان, وتعتبره نقطة استراتيجية لسوريا وايران وحزب الله وقد شن الطيران الإسرائيلي في اخر اعتداء له على المطار ومحيطه، غارات جوية استهدفت منطقتين الأولى قرب المطار الشراعي في الديماس، والثانية قرب مطار دمشق الدولي.
مطار دير الزور :
يمثل مطار أبو الظهور العسكري في دير الزور أهمية خاصة حيث يقع جنوب مدينة دير الزور، وهناك تم فتح "جسر جوي" لتزويد جنود الجيش السوري المدافعين عن أخر موطئ للقوات الحكومية على نهر الفرات بالطعام والذخيرة. يجري الحديث عن عشرات المحاولات التي أقدمت عليها التنظيمات المسلحة لاقتحامه مستخدمين العديد من الخطط العسكرية وبالاستفادة من الحشد الكبير للعديد, ويجري استهداف المطار دائما من قبل المسلحين بالقصف المدفعي والصاروخي والمحاصرة, وما تزال المحاولات حتى يومنا هذا متواصلة لاسقاط المطار من يد الجيش السوري, ولكن كلها تحظى بالفشل.
مطار الطبقة العسكري في محافظة الرقة :
سابقا كان قد استولى تنظيم داعش على هذا المطار في محافظة الرقة، بعد معارك عنيفة مع القوات الحكومية واقتحام مدخله بسيارتين مفخختين.
مطار الجراح العسكري في محافظة حلب :
استولى تنظيم داعش على هذا المطار وتمكن من السيطرة على ثلاث طائرات قديمة كانت موجودة فيه ولكم يتمكن الجيش من سحبها.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان المحسوب على المعارضة قد نقل في (17 أكتوبر 2014) عن سكان في حلب قولهم إنهم " شاهدوا طائرة على الأقل تحلق على علو منخفض في أجواء المنطقة بعد إقلاعها من مطار الجراح العسكري، علما أنها ليست المرة الأولى التي يلاحظ فيها السكان تحليق طائرة تقلع من المطار على علو منخفض". يذكر أن هناك طيارين بعثيين تدربوا في عهد النظام العراقي السابق، انضموا إلى تنظيم "الدولة الإسلامية " ويقومون بطلعات جوية تدريبية. "
لماذا تستهدف المطارات السورية ؟
للمطارات تأثير استراتيجي في المعارك الدائرة على الاراضي السورية, وكذلك في اي اعتداء ممكن الحصول على سوريا من الخارج, لهذا تجهد الجماعات المسلحة بقيادة الدول المتآمرة على سوريا, لتدمير هذه القدرات السورية والسيطرة عليها وجمع اكبر قدر معلوماتي حولها فاستخباراتها التي تدير العمليات القتالية للجماعات المسلحة, تشخص الدور الاساسي الذي يلعبه المطار سواء على مستوى السلاح الجوي قتاليا أو النقل الجوي والدعم اللوجستي , الذي يؤمن للنظام القدرة على الحركة والاتصال بالاطراف ويحفظ سلامة العمليات اللوجستية من دعم وتبديل وتواصل, وكذلك الدور المهم في تأمين توافد الدعم العسكري وغيره من الدول التي تدعم سوريا.
هذه الحرب قد وعى لها الجيش السوري منذ الأيام الاولى لاندلاع الصراعات المسلحة على اراضيه حيث قدم تضحيات جسيمة للحفاظ على امن مطار دمشق الدولي والطرق المؤدية اليه رغم تواجدها في منطقة صعبة عسكريا, ونجح بالفعل في خطته, وكذلك في المحافظات السورية يقاتل ببسالة لحفظ المطارات وتأمين محيطها وسط ظروف قاسية يعنيها في مناطق نفوذ الحركات المسلحة.
ما فشلت فيه, قطر والسعودية واسرائيل وامريكا وتركيا ومن معهم من دول اوروبا وتنظيماتها الوكيلة الارهابية, ولم تنجح في تحقيقه خلال الاربع سنوات سبقت, في ظل تجربة قاسية عاشها النظام باغتت استعداداته وفاقت قدراته وامكاناته بادئ الامر, وصموده لا بل انتقاله الى مراحل التأقلم والسيطرة والقتال العالي الأداء والتمكن من قلب الطاولة على رؤوس الحاقدين عبر انجازات كبرى اخرها قرب سيطرته على حلب وكل حمص وغيرها من المناطق التي عولت عليها المعارضة كثيرا, يبقى الحسم والمستقبل لسواعد الجيش العربي السوري وشهدائه المخلصين على تراب البلد السوري الممانع العنيد بنظامه العربي الأصيل العصي على اسرائيل وخدامها وتبقى للجيش السوري الباسل الكلمة الحسم.