الوقت- أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن التفجير الأخير الذي وقع في محافظة الخرج، موضحاً في بيان تداولته حسابات تابعة له بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إنه خطط لاستهداف مركز الشرطة في مدينة الدلم (جنوب الرياض)، مشيرا إلى أنه لجأ في ذلك إلى تفجير عبوتين ناسفتين.
بيان التنظيم الإرهابي يتقاطع مع ما أوضحه المتحدث الأمني لوزارة الداخلية السعودية حول تعرضت إحدى دوريات الأمن التابعة لشرطة الدلم بمحافظة الخرج لانفجار عبوة ناسفة، وذلك أثناء توقفها بموقف مجاور لمركز الشرطة، إلا أن هناك جملة من الأسئلة تطرح نفسها اليوم بسبب طبيعة الإنفجار وحيثياته.
لا يخلو تفجير الخرج من أمرين إما أن التنظيم الإرهابي بالفعل هو المسؤول عنه، أم أن ماحصل مجّرد لعبة مدروسة حصلت على أيادي قوات الأمن السعودي لغايات سياسيّة، داخلية وخارجية، معروفة. ولكن، بإعتبار أن التنظيم الإرهابي قد تبنى الحادث، فهذا يعني تبرءة الأمن السعودي حتّى يثبت العكس.
تبنّي الخيار الأول أي مسؤولية داعش عن التفجير، كذلك لا يخلو من أمرين إما أنه حصل من دون علم الرياض أو تم بتنسيق مع الأمن السعودي. تبنّي الخيار الأخير يستوجب القول كالتالي: عند مراقبة التفجيرات الإرهابية لتنظيم داعش بدءاً من سورياً ولبنان مروراً بالعراق وتركيا وصولاً إلى باريس وبروكسل، نرى أن هناك إختلاف جوهري من حيث الشكل والمضمون مع التفجيرات التي يتبنّاها التنظيم الإرهابي في الداخل السعودي. أليست هذه الفروق الجوهرية مدعاة للشك بإستمرار التواطئ بين داعش والمملكة، بإعتبار أن التنظيم الإرهابي الأبرز ولد من رحم القاعدة السعودية، كما أنه حصل بشكل مباشر على مساعداتها في سوريا بغية إسقاط الرئيس "الأسد"؟
لماذا تستهدف تفجيرات التنظيم الإرهابي في كافّة الدول المدنيين بشكل رئيسي وعند الوصول إلى السعودية يقتصر الأمر على دورية عسكرية تقل بضع الجنود؟ لماذا يفتك داعش بالعشرات في محتلف دول العالم، إلا أنه عندما يصل إلى الرياض يسفر الحادث عن مقتل أحد المقيمين في الدورية فقط؟. كل هذه الشكوك تصب في خانة واحدة عنوانها التنسيق بين "الرقّة" والرياض لتلميع صورة الأخيرة عبر تفجير لا يسمن ولا يغني من جوع.
ولكن مع تبنّي الخيار الأول أي أن الأمر حصل من دون علم الرياض فهذه يعني أن نيران هذه الجماعات التي ولدت من رحم القاعدة وتغذّت على أيادي المخابرات الأمريكية بأموال سعودية قد وصلت إلى ثوب سلمان الملطّخ بدماء الشعوب العربية في اليمن وسوريا والعراق.
ولو صحّت هذه الفرضية فهذا يعني أن تفجير الخرج مقدّمة طبيعية لجملة من التفجيرات التي ستطال الجيش والمدنيين والأمراء السعوديين، ما يعني دخول المملكة في آتون الصراع الداخلي حيث تستحوذ الوهابية على جزء كبير من الجماهير التي لطالما هلّلت لتنظيم داعش في سوريا والعراق، فضلاً عن مشاركة المئات من السعوديين أنفسهم في القتال على الجبهات إضافةً إلى تقديم الألاف الدعم المادي والعيني لهذا التنظيم أو مناصريه.
وأما عند الدخول في أبعاد الحادث وما خلف الستار، يتّضح أنه قبل حوادث الإعدام تحصل هذه التفجيرات التي يتمّ إستخدامها داخلياً عبر تنفيذ أحكام الإعدام، تماماً كما حصل مع الشيخ الشهيد "نمر باقر النمر"، وخارجياً بغية إظهار المملكة كبلد يعاني من الإرهابي بعد التهم التي طالت عائلته الحاكمة بدعم التنظيمات الإرهابية وإرتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في اليمن. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: هل يعتبر هذا التفجير مقدّمة لتنفيذ أحكام جديدة من الإعدام قد تطال ابن شقيق الشيخ "الشهيد النمر"، علي محمد النمر الذي ألقي القبض عليه عام 2012 عندما كان قاصراً بعمر الـ17 عاما لمشاركته في احتجاج مناهض للحكومة ليحكم عليه لاحقا بالإعدام في مايو/ أيار 2014؟
أخطأت السعودية في قرارها دعم التنظيمات الإرهابية منذ بدء الأزمة السورية، خاصّة في الفترة التي تربّع فيها الأمير "بندر بن سلطان" على رأس الهرم الأمني السعودي، رغم أن الأمر إستمر حتى بعد رحيله. لم تحصد الرياض سوى الخيبة وعشرات الألاف من المسلمين، وأعداد مماثلة من الإرهابيين الشباب المُغرّر بهم، فهل حفظت الرياض نظام "زين العابدين بن علي" أو "حسني مبارك"؟ هل أسقطت الرئيس "الأسد"؟ هل نجحت في تقسيم العراق؟ هل نجحت في إخماد الثورة اليمنية؟. مهلاً مهلاً، فالإجابة على هذه الأسئلة تحتاج إلى المزيد من الوقت حيث يصبح نظام "آل سعود" فعلاً ماضياً ناقصاً.