الوقت- بعد رفض الأردن بصفة رسمية التجاوب مع مشروع المبعوث الدولي لليمن لـ"الوساطة"، وقع إختيار المبعوث الأممي الذي "يبحث عن دول عربية تساعده في إطلاق مفاوضات ومبادرات مصالحة تخص الأزمة اليمنية" حسب مسؤولين أردنيين، على الكويت التي وافقت بدورها على التحرك وإستضافة حوارات أولية بين الجانبين اليمني والسعودي.
لم تكن هذه الوساطات لتحصل لولا الفشل السعودي إثر الصمود والمقاومة الأسطورية للشعب اليمني بجيشه ومقاومته الشعبية لأكثر من عام، رغم الـ25 ألف و742 شهيد وجريحا، فهل ستكون الكويت مخرج الصراع والفشل السعودي في اليمن؟
عند وضع العدوان السعودي على اليمن في ميزان المصلحة والمفسدة يتّضح أن ضرره أكبر من نفعه إن وجد، فمن وجهة نظر الرياض، فسلت القوات السعودية عسكرياً في تحقيق الأهداف المرجوة حتى أنّها لا زالت تقاتل على الحدود الجنوبية للمملكة بعد عام ونيف على العدوان، ما يعني كسر شوكة السعودية العسكري التي أنفقت في السنوات الماضية مئات المليارات على قواتها العسكرية، وبالتالي كسر قدرتها الصلبة التي أفقدتها جزءاً كبيراً من القدرة الناعمة التي كانت تمتلكها بقوّة "البترودولار"، وهذا الأمر يمكن مشاهدته بشكل جلي في الخطاب الإعلامي الذي جعل العائلة السعودية الحاكمة عرضة للتطاول بعد أن كان من المحرمات في الفترة السابقة.
وأما على الصعيد السياسي فقد دفعت الرياض في اليمن في أعقاب الانتكاسات الاستراتيجية في سوريا، دفعت ثمناً سياسياً ودبلوماسياً باهظاً لمغامرتها الطائشة ، وبسبب ذلك تحولت الأضواء الى سجلها الذي يرثى له في مجال حقوق الانسان، فسفكها دماء اليمنيين الأمر الذي أدّى إلى مقتل نحو 6400 شخص، نصفهم من المدنيين وإصابة 30000 وتشريد 2.5 مليون نسمة، وفقاً للأمم المتحدة، نفّر الرأي العام الإسلامي والعربي والغربي والساسة الأوروبيين من "آل سعود" الذين سمحوا بشكل أو بآخر لتنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين بحجز موطئ قدم قوي وتوسع في جنوب اليمن.
إقتصادياً، كلّف العدوان السعودي الخزينة والإقتصاد السعوديين خسائر باهظة، فقد كشف تقرير لمجلة «فورين بوليسي» الأمريكي أن تكلفة العدوان السعودي حتى سبتمبر الماضي وصلت إلى الـ725 مليار دولار، بعبارة آخرى وضع العدوان السعودي على اليمن الخزينة السعودية في عنق الزجاجة، مضيقاً الخناق على الإقتصادى هناك لاسيّما أن أسعار النفط لازلت في أسوء أحوالها.
وأما من وجهة نظر الشعب اليمني الذي بات 80% من سكانه بحاجة إلى المساعدات، وقدّم 25 ألفا و742 شهيدا وجريحا ومعاقا، باتت السعودية عدوّاً لدوداً للشعب بمختلف أطيافه، فبعد أن كانت مشكلتهم مع الجيل السابق في الأرض باتت مشكلتهم مع الجيل الحالي في "الدم" والكرامة. كذلك، ساهمت السعودي بتعزيز قدرات حركة أنصار الله على الساحة اليمني بسبب مقاومتهم للعدوان الأمر الذي جعلهم خياراً رئيسياً لجزء كبير من اليمنيين. في المقابل، ضعّفت حلفائها بسبب وقوفهم مع العدوان على وطنهم الذي دُمّر بالصواريخ الأمريكية السعودية، ومن هنا لم تعد السعودية قادرة على تجاهل الدور الإستراتيجي لحركة أنصار الله في اليمن، بل باتت ملزمة وبشكل مباشر أن تبحث عن المخرج لمفاوضتهم والجلوس إلى طاولة الحوار، الكويتيه هذه المرّة، رغم أنها كانت من أشد الرافضين في السابق لهذا الحوار مع أدواتها الداخلية في اليمن.
يُظهر ميزان العدوان الفاشل أن السعودية لجأت إلى الكويت كي يكون مخرجاً يحفظ ما تبقّى من ماء وجهها المهدور، والذي لم يحقّق سوى الندم والفشل المدمر، وفشل في تحقيق الهدف الرئيسي للسعوديين في استعادة الرئيس اليمني المستقيل والمخلوع عبد ربه منصور هادي، ولكن حتى ذلك الحين هناك حكايات كثيرة سيشهدها الميدان لأن الرياض لا تريد الذهاب إلى الكويت خالية الوفاض.
السعودية اليوم، تسعى لإنتهاز فرصة ما تبقّى من وقت حتى 10 أبريل المقبل موعد وقف إطلاق النار في اليمن، وهذا ما شاهدنا بوادره الأمس في حجّة شمال اليمن حيث صدّت قوات الجيش واللجان الشعبية أكبر عملية زحف عسكري للسعودية ومرتزقتها، ولكن ما لم تحقّقه السنيين ستعجز عنه الأيام.
من الصعب مشاهدة حرب السعودية العبيثة، وسفكها دماء اليمنيين وفشلها في العدوان دون أن يخطر في البال نهاية "آل سعود" الذين يلجأون إلى الكيان الإسرائيلي لحماية مصلحهم الإقليمية، وهذا ما يمكن قرائته في كلام الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في سلسلة مقابلات مع مجلة “اتلانتيك” الأمريكية، الذي قال أن "على السعودية أن تتعلم كيف تتشارك في المنطقة مع العدو اللدود لإيران".