الوقت - تساءل عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي صدقة فاضل خلال مناقشة تقرير لجنة المياه والزراعة والبيئة عن نشاط مدينة "الملك عبد الله" للطاقة الذرية والمتجددة، مؤكداً أن اللجنة لم تبن مفاعلاً واحداً في هذه المدينة حتى الآن.
وكتبت صحيفة "عكاظ" السعودية نقلاً عن فاضل قوله "كنت أتوقع أن تكون هذه اللجنة قد أقامت بنية نووية حديثة وناشئة، خصوصاً تلك التي تتجسد في المنشآت النووية والكوادر المشغلة لها، لكن لم نر حتى الآن سوى إتفاقيات مع دول بينها أمريكا وروسيا وفرنسا والصين وكوريا الجنوبية، أمّا على الأرض فلا توجد أي مفاعلات نووية أو مفاعلات أبحاث يعتد بها".
وأضاف: "كان يفترض أن توفر الطاقة النووية 30% من إستهلاك السعودية من الكهرباء و20% من المياه المحلّاة التي تحتاجها في السنوات الأولى من بدء تشغيل مفاعلات الطاقة تحت إشراف المدينة، ولكن لم يحصل أي شيء من هذا القبيل حتى الآن".
وتحاول السعودية الإيحاء بأنها تسعى إلى إيجاد توازن مع البرنامج النووي الإيراني، عبر تفعيلها إتفاقيات حول الطاقة النووية. وعملت الرياض منذ سنوات على برنامج نووي سرّي مع باكستان، وأجرت في الوقت نفسه مفاوضات في العلن مع عدّة دول على بناء مفاعلات نووية.
ولعبت الثروة النفطية التي تملكها السعودية والعلاقات الواسعة التي تربطها مع باكستان والصين من جانب، وخوفها من تفوّق ايران في المنطقة من جانب آخر، دوراً في توجه السعودية نحو تطوير برنامج نووي سرّي.
وفي عام 1994 طلب الدبلوماسي السعودي محمد الخليوي من أمريكا اللجوء السياسي وأحضر معه مستندات تثبت دعم السعودية لبرنامج العراق النووي في ثمانينات القرن الماضي، ثم نقل بعض الأسلحة النووية إلى السعودية، لكن لم يتم تأكيد هذه المعلومات من أي مصدر آخر.
وفي عام 1993 أبلغ رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف السعودية بشكل سرّي قبل البدء في إختبار الأسلحة النووية في إقليم بلوشستان الباكستاني. وفي يونيو 1998 قام نواز شريف بزيارة الرياض وشكر حكومتها علناً لدعم بلاده في الإختبارات النووية.
وفي عام 1988 وقّعت السعودية على معاهدة حظر إنتشار الأسلحة النووية (NPT)، لكنها لم توقع على البروتوكول الإضافي الذي يسمح بعمليات تفتيش أكثر صرامة، كما لم توقع على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
في هذه الأثناء ذكرت مصادر أن السعودية تفكر بثلاثة خيارات حول الأسلحة النووية؛ الأول أن تتحالف مع دولة أخرى تملك أسلحة نووية لحمايتها، الخيار الثاني التخلص من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، الخيار الثالث إمتلاك برنامج نووي سعودي.
وفی عام 2008، ومع إقتراب إیران من إستکمال إحکام قبضتها على دورة التکنولوجیا النوویة، وقّعت واشنطن مذکرة تفاهم مع الریاض لبناء برنامج نووي في السعودیة.
وفي عام 2010 خصصت السعودیة میزانیة بقیمة 100 ملیار دولار لإنشاء 16 مفاعلاً نوویاً على أن تصبح جاهزة بحلول 2020 لكنها لم تتمكن من بناء أي منتج علمي وتکنولوجي یذکر في هذا المجال.
وفي عام 2015 وقّعت السعودية وكوريا الجنوبية إتفاقية لبناء مفاعلين نوويين تبلغ قيمتها 2 مليار دولار، ويشمل الاتفاق أيضاً التعاون في الأبحاث والتطوير والبناء والتدريب.
وفي عام 2015 أيضاً قام وزير الدفاع السعودي ولي ولي العهد محمد بن سلمان بزيارة إلى روسيا ووقع مع رئيسها "فلاديمير بوتين" إتفاقاً لبناء 16 مفاعل نووي.
وكان السفير السعودي السابق في واشنطن "وزير الخارجية الحالي" عادل الجبير قد أعلن في وقت سابق أن بلاده ستبني برنامجها النووي الخاص وستصنع قنبلة نووية لمواجهة برنامج إيران النووي.
ويعتقد عدد من المحللين والخبراء العسكريين أن السعودية لجأت إلى خيار شراء قنابل نووية بدلاً من الدخول في المجال النووي لأسباب عديدة بينها:
1- إن السعودية موقعة على معاهدة منع الإنتشار النووي، وهذا يعني أن أي نشاط نووي سعودي خارج الإطار السلمي سيُعدّ خرقاً للمعاهدة، وهو ما سيسبب لها مشاكل دولية كبيرة جداً.
2- إن خيار "شراء النووي" يعطي السعودية حريّة حركة وسرعة أكبر بكثير من الطرق التقليدية، وهو ما من شأنه أن يخترق أية محاولات دولية لعرقلة أو منع حصولها على القدرة النووية في حال كان هناك وضع إقليمي إستثنائي خطير.
3- يوفّر هذا الخيار للسعودية غطاءً بديلاً عن المظلة النووية الأمريكية التي باتت غير أكيدة، خاصّة بعد التوترات التي سادت بين الجانبين إثر هجمات 11 أيلول / سبتمبر 2001، وإتهام واشنطن للنظام السعودي بدعم الإرهاب.
***سنتابع الحديث في المقال القادم عن أبعاد أخرى للبرنامج النووي السعودي، وفق المعطيات المتوفرة حول هذا البرنامج.