الوقت ـ وافق وزراء دفاع بلدان جنوب أوروبا وشمال أفريقيا في اجتماع عقد مؤخراً في قصر كارلوس الخامس في مدينة غرناطة بجنوب إسبانيا، على مواصلة القتال ضد تهديدات التطرف والهجرة غير الشرعية. وتقرر في هذا الاجتماع أن یوضع على جدول أعمال الدول المشاركة تبادل الخبرات المشتركة لقوات الأمن وخاصة في منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط بهدف محاربة الإرهاب والتهريب بأنواعه المختلفة. وقد حضر في اجتماع هذا العام وزراء دفاع کل من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا والبرتغال وتونس والمغرب وموريتانيا وليبيا.
الدول المشاركة في هذا الاجتماع أقرّت بوجود التهديدات المشتركة بما في ذلك الإرهاب الجهادي والاتجار بالمخدرات أو الهجرة غير الشرعية، واتفقت على تعزيز التعاون والتنسيق بینها لمكافحة المشاكل الحالية في المنطقة. كما شددت أیضاً على الحاجة إلى تعزيز تبادل المعلومات الحساسة والتركيز على التهديدات الجديدة مثل جرائم الإنترنت. والهدف الذي ترمي هذه المجموعة إلی تحقیقه هو تنمیة التعاون المتعدد الأطراف والقیام بالأنشطة العملية في إطار الخطة السنوية ، وذلك لتدعیم التفاهم المتبادل والثقة بهدف تعزیز الأمن في غرب البحر الأبيض المتوسط.
ویأتي تشاور هذه الدول للتعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية في البحر الأبيض المتوسط في حین أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقريرها الأخیر أنه منذ بداية العام فقد ما لا يقل عن ثلاثة آلاف و 419 لاجئ حياتهم في البحر الأبيض المتوسط، ویحاول أكثر من 207 ألف مهاجر غیرشرعي عبور البحر الأبيض المتوسط حتى الآن، وهو یسجل ثلاث أضعاف مهاجري عام 2011، حین هرب 70 ألف مهاجر من الدول العربية عقب أحداث الربيع العربي. وقد تسببت الحرب الأهلية في ليبيا وأوكرانيا وسوريا والعراق في أن تصبح أوروبا الهدف الرئيسي للموجة الجديدة من الهجرة عن طریق البحر الأبيض المتوسط.
کما أکدت الدول المشاركة في هذا الاجتماع في بيان مشترك لها علی إیجاد آليات التنسيق للتدريب على إدارة الكوارث ودعم القوات المسلحة في حماية المدنيين وتعميق التعاون في مجال الدفاع السيبراني وتدريب القوات العسكرية لبلدان شمال أفريقيا.
وشدد وزير الدفاع الإسباني بيدرو مورينيس الذي سلّم رئاسة هذا الاجتماع إلی تونس، علی أن "الأمن في الشرق الأوسط يعتمد على أمن ليبيا". وأضاف: إن الإرهاب الإسلامي وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية الواسعة ، کانت في قائمة التهديدات التي تواجه هذه الدول.
ورأی مورس أن مشکلة الاستقرار ومكافحة الإرهاب تعتمد على معالجة الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر، ولهذا فمن الضروري أن يكون هناك نظام من الثقة المتبادلة بين جميع البلدان. وتعهد وزراء دفاع الدول الأعضاء في هذه المجموعة من خلال التوقيع على البيان الختامي للاجتماع، بالتعاون المتعدد الأطراف وتحویل غرب البحر الأبيض المتوسط إلى منطقة مستقرة.
وقد توحدت الدول العشر المطلة علی البحر الأبيض المتوسط (خمسة زائد خمسة) في السنوات الأخيرة، بفعل التعامل مع عناصر تنظيم القاعدة في دول المغرب العربي وتنفيذ برنامج شامل لمعالجة التحديات المتنامية في منطقة الساحل والصحراء في أفريقيا . وتترکز جهود هذه البلدان المشارکة في الاجتماع علی تجفیف الموارد المالية الإرهابيين وتضييق الخناق علی الخاطفين الساعین وراء المال .
ومن البرامج الأخرى لهذا الاجتماع هي السعي إلی منع وصول الأسلحة إلى أيدي عناصر تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات المسلحة والتخطيط لتنفیذ العمليات المشتركة ضد هذه الجماعات.
لا شك أن دول المغرب العربي لن تكون قادرة بمفردها على التصدي لتنظيم القاعدة في هذه المنطقة، لأن المخاطر المحتملة للأسلحة التي مازالت في أيدي تنظيم القاعدة أو إمكانية خطف الرعايا الغربيين، من العقبات الخطيرة في هذا المجال. ومن نقاط الخلاف الموجودة بين الدول العشر الأعضاء هي كيفية التعامل مع الخاطفين المسلحین، ذلك أن موريتانيا والجزائر ترفضان بشدة دفع الفدية للخاطفين حیث أصبحت أموال الفدية أهم مصدر لتمويل تنظيم القاعدة. ولكن الدول الغربية في تلك الضفة من البحر الأبيض المتوسط تری أن دفع الفدية لإطلاق سراح مواطنيها طريقة جيدة. وهذا الأمر نفسه یوفر الفرصة للقاعدة أن یزوّد نفسه بالأسلحة أكثر من الماضي، ویستعد لتنفیذ هجمات جديدة.