الوقت: في وقت يعتبر طريق تركيا نحو الانضمام الى الاتحاد الاوروبي مسدودا اكثر من ذي قبل اندلعت مواجهة كلامية بين الجانبين على أثر حملة الاعتقالات التي نفذتها أنقرة بحق موظفي دولة وإعلاميين، تتهمهم بمناصرة جماعة فتح الله غولن الذي يعيش في امريكا ، وقد اتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، الاتحاد الأوروبي بشن حملة قذرة ضد تركيا بعدما انتقدت بروكسل حملة الاعتقالات.
وكانت بروكسل قد وجهت انتقادات قاسية لأنقرة الأسبوع الماضي، على اعتبار أن الاعتقالات لا تتناسب مع القيم الأوروبية القائلة بالديموقراطية وبحرية التعبير، التي يفترض أن تلتزم بها تركيا في مسيرتها لنيل العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي.
وقد اعرب داود أوغلو، عن استغرابه من سرعة اطلاق الاتحاد الأوروبي بيانات منددة حول التوقيفات التي شهدتها تركيا مؤخرا وأوضح داود أوغلو، في اجتماع لحزب العدالة والتنمية الحاكم أن الاتحاد الأوروبي سارع يوم الأحد الفائت إلى الإدلاء بتصريحات منددة بعمليات التوقيف بقضية الكيان الموازي، رغم أنه يستغرق ربما أسابيع كي يتخذ قرارا في موضوع آخر.
وأضاف رئيس الوزراء الترکي : ليعلم الذين يريدون أن يحرفوا الموضوع عن مساره، والذين يشكون تركيا للعالم وكأن العملية قد استهدفت الصحافة، أن تركيا بلد الحريات بكافة النواحي، وستواصل كونها بلدا يحمي الحريات الديمقراطية.
وتصف الحكومة التركية جماعة فتح الله غولن، المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية بالكيان الموازي ، وتتهم جماعته بالتغلغل داخل سلكي القضاء والشرطة وقيام عناصر تابعة للجماعة باستغلال منصبها وقيامها بالتنصت غير المشروع على المواطنين، والوقوف وراء حملة الاعتقالات التي شهدتها تركيا في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2013، بدعوى مكافحة الفساد، والتي طالت أبناء عدد من الوزراء، ورجال الأعمال، ومدير أحد البنوك الحكومية، كما تتهمها بالوقوف وراء عمليات تنصت غير قانونية، وفبركة تسجيلات صوتية.
ولم يتردّد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في توجيه انتقادات لاذعة إلى الاتحاد الأوروبي، اتّهمه فيها بالتدخّل في شؤون القضاء التركي، مطالباً إياه بتوفير نصائحه لنفسه، وذلك بعد اعتباره على لسان ممثلة السياسة الخارجية والأمن فريدريكا موغريني، والمبعوث الأوروبي لسياسة الجوار الأوروبية والتوسعة جوهانس هان، في بيان مشترك، أن التوقيفات بحق بعض الصحافيين في تركيا، ومداهمة مكاتب إعلاميّة، لا تتناسب مع حريّة الإعلام، وتتناقض مع قيم ومعايير الاتحاد الأوروبي، التي تريد تركيا أن تكون جزءاً منه. وقال إن أي خطوات ستتخذ باتجاه ضم دولة ما إلى الاتحاد الأوروبي، مرهون بالاحترام الكامل للحقوق الأساسية وسيادة القانون.
ويأتي هذا التوتر في العلاقات التركية الاوروبية في وقت لم يفصل الجانبان عن مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي سوى اسبوع واحد ، ويعتقد المراقبون ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يريد حرف الرأي العام عن قضية الفساد المالي لأعضاء الحكومة السابقين والمقربين منه والعمل على قمع انصار فتح الله غولن عبر اتهامهم بتشكيل كيان موازي .
ومن أجل تخفيف التوتر الحاصل بين الطرفين، حاولت البعثة التركية الدائمة في العاصمة البلجيكية بروكسل، تهدئة مخاوف الاتحاد الأوروبي في ما يخص الحريات وملف حقوق الإنسان في تركيا، في وقت اتفق فيه وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على تحذير تركيا، من أنه يترتب عليها احترام سيادة القانون وحرية التعبير، إذا كانت تريد لمفاوضات عملية الانضمام إلى الاتحاد بالاستمرار .
وفیما یبدو ان قضية انضمام ترکیا الى الاتحاد الاوروبي قد تلقت ضربة كبيرة بسبب الاعتقالات التي طالت الاعلاميين الاتراك وبعض الموظفين مما يتبادر الى الذهن أسئلة حول أسباب عدم تحرك الاتحاد الاوروبي للضغط على تركيا في قضايا أخرى تنتهك فيها تركيا حقوق الانسان والقوانين الدولية وتشكل خطرا على السلم والامن مثل السياسة التركية حيال الأزمة في سوريا وكذلك الازمة في العراق والجماعات الارهابية مثل تنظيم داعش الذي يتلقى الدعم التركي من أوسع ابوابه وكذلك قمع تركيا الدامي للأكراد.
وقد تعاون الاتحاد الاوروبي وتركيا فيما يتعلق بالازمة السورية حيث كانت تركيا عنصرا فعالا مع الاوروبيين والامريكيين في دعم الجماعات المسلحة على الاراضي السورية ويمكن ان يكون الاتراك قد ظنوا بأن انضمامهم الى الاتحاد الاوربي يمر عبر مساهمتهم الفعالة في اسقاط النظام السوري .
وفي مجمل الاحوال يبدو ان الاتحاد الاوربي يبحث عن حجج وذرائع لتأخير مسألة انضمام تركيا اليه بعدما تبين ان اسقاط النظام في سوريا بات حلما للغرب وتركيا .