الوقت- لا زال مشهد التزلف للرياض في لبنان مستمرا من قبل أزلام السعودية ومن يدور في فلكها. ولكن الأمور بدأت تتضح لجهة الهدف السعودي الحقيقي من قراراته الأخيرة من إيقاف المساعدة للجيش اللبناني ومن ثم اعتبار حزب الله منظمة إرهابية. حيث لم يعد خافيا على أحد أن السعودية إنما تريد معاقبة الجيش والقوى الأمنية إضافة إلى حزب الله بسبب وقوفهم بوجه القوى التكفيرية وإفشالهم للكثير من مخططاتها الاجرامية.
ازاء كل هذه التطورات أتت الزيارة المفاجئة لرئيس تيار المستقبل "سعد الحريري" ليل السبت الماضي إلى الرياض، والتي أتت بحجة أنها زيارة عائلية. لم تدم الزيارة طويلا حيث عاد الأخير بعد يوم واحد أدراجه إلى بيروت يحمل كما تنقل مصادر مطلعة التعليمات الجديدة من النظام السعودي فيما يخص إدارة الملف اللبناني.
هنا يتبادر إلى الذهن عدة أسئلة بحاجة إلى إجابات. فما هي الأسباب الحقيقية لهذه الزيارة المفاجئة والعودة السريعة وكأن "الحريري" قد تلقى أمر عمليات عاجل من الرياض وطلب إليه العودة على مباشرة للبدأ بالتنفيذ.
وفي هذا السياق أكدت مصادر مطلعة لصحيفة الجمهورية اللبنانية أن "الحريري" قرر سفره المفاجئ إلى الرياض بعد لقائه رئيس اللقاء الديمقراطي "وليد جنبلاط" بحضور وزير الصحة "وائل أبو فاعور". حيث قرر التوجه مباشرة إلى الرياض للقاء القيادة السعودية و وضعهم في أجواء الأوضاع، ويأتي هذا السفر أيضا استكمالا للقاء الذي جمع الحريري مؤخرا بـ"خالد الحميدان" رئيس الاستخبارات السعودية.
وتضيف هذه المصادر للجمهورية أن "جنبلاط" طلب من "الحريري" وضع السعودية في جو الزيارة المقررة لجنبلاط إلى فرنسا والتي سيلتقي خلالها بالرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند". كما أن "جنبلاط" و"الحريري" يهتمون لمعرفة أجواء ونتائج سفر الوفد السعودي إلى فرنسا وخاصة "محمد بن نايف" والذي تم خلاله تحويل وجهة الاسلحة التي كان مقررا ارسالها للجيش اللبناني إلى السعودية نفسها. وقد وعد "الحريري"، "جنبلاط" بوضعه في أجواء تلك الزيارة.
من هنا كان القرار "الحريري" المفاجئ والسريع بزيارة الرياض والتي استطاع من خلالها ضرب عصفورين (اذا صح التعبير) بحجر واحد. حيث أنه أولا كان يتحين الفرصة المناسبة لزيارة الرياض منذ قرارات الرياض الأخيرة بحق لبنان وحزب الله ليؤكد شخصيا لهم أنه لا زال على العهد سعوديا وفيا ويدهم الضاربة في لبنان ولو قررت الأخيرة إلغاء لبنان من على خريطة العالم العربي. وثانيا يقف على نتائج زيارة "محمد بن نايف" و"عادل الجبير" الأخيرة إلى فرنسا والتي تحمل في طياتها الكثير من تفاصيل اللعبة السعودية الدولية بخصوص لبنان.
أما عن تفاصيل المهمة السعودية الجديدة التي أوكلت للحريري خاصة بعد السياسة الجديدة لهم اتجاه لبنان فمن المؤكد أنها لن تكون مهمة أقل تخريبا من المهام الموكلة لجماعاتهم التكفيرية إن في سوريا أو في لبنان. ولكن الأمل يبقى أن يكون التخريب سياسيا فقط ولا يتعدى ذلك خاصة بعد ما صرح به "عبد الخالق عبد الله" مستشار ولي عهد أبو ظبي في تغريدة له عبر تويتر والذي قال فيه "لا أستبعد أن تقوم رياض الحزم بدعم مسلحين لبنانيين للوقوف في وجه حزب الله في المنطقة".