الوقت- ما هي الاهداف المشتركة بين "داعش" و الکيان الصهيوني .. و كيف نشأ كل منهما. . ؟ وبماذا يتقاطع التنظيمان الارهابيان اللذان يشكلان الخطر الاکبر على مستقبل شعوب المنطقة؟
اذا عدنا الوراء قليلا اي مرحلة النشوء الأولى وأسباب هذا النشوء فسنشاهد وببساطة نقاط تشابه كبيرة اذا لم نقل تطابق فكلا التنظيمين ظهرا بالبداية على شكل تنظيمات ارهابية سرعان مما تحولت الى كيان تحت مسمى "دولة" وبدعم من اكبر قوى الاستعمار في كل زمن بريطانيا قديما وامريكا حاليا.
فتنظيم " داعش" في العراق وقبل أن يظهر في سورية مر بعدة مراحل، كانت الأولى في عهد أبو مصعب الزرقاوي، الذي أسسه مستفيداً من آلاف المتسللين العرب، بحجة "محاربة" الاحتلال الامريكي وكان معظم منتسبي التنظيم في تلك المرحلة من حاملي فكر القاعدة أو المتعاطفين معه ومن ثم المرحلة الأخيرة تحت قيادة أبوبكر البغدادي هذه المرحلة شهدت دخول عشرات الضباط البعثيين من الجيش العراقي المنحل.والانتقال الى "دولة الخلافة " وما تبعها من احتلال بعض المناطق وترويع أهلها ودفعهم في النهاية للهجرة عن ديارهم.
في المقابل نرى أن أول خطوة في انشاء كيان الاحتلال في فلسطين كان في مؤتمر هرتزل الذي يعد المؤتمر الافتتاحي للمنظمة الصهيونية، عقد بزعامة تيودور هرتزل في مدينة بازل بسويسرا يوم 29 أغسطس 1897 و بعدها تم تشكيل عصابات"الهاغانا" و"الأرغون" والجمعيات اليهودية النشطة وبتواطئ مع الانتداب البريطاني في ذلك الوقت هذه التنظيمات عملت على اتباع سياسة القتل و التدمير والابادة لدفع السكان الفلسطينيين الى الهجرة من بلادهم، وصولا الى اعلان "الدولة" المزعومة في أيار 1948 ومن ثم ما فعله الكيان لاحقا من جرائم بشعة في حروبه مع العرب و الفلسطينيين آخرها كان في غزة.
والتاريخ يعيد نفسه ... فمن حيث اسباب النشوء نرى أن كلا التنظيمين الارهابيين سعيا الى استخدام التطرف كدين حيث الايديولوجيات الطائفية الصارمة اُستغلت لتشكيل كيانه. "فإسرائيل" تدعي أنها الدولة اليهودية كما أن داعش تصف نفسها بأنها "الدولة الإسلامية".
وكلا الکيانيين يعيشان على أرض ليست له و مسروقة ويحکمان الشعب الاْصلي للمنطقة بالترهيب والترويع كما أنهما يتشاركان بالنظرة الذاتية لكيانيهما فالصهيونية ترى نفسها شعب الله المختار وباقي الشعوب يرونها أقل درجة منهم وتنظيم داعش أيضا يكفر كل ماعداه ويرى نفسه فقط الدين " الصحيح".
زد على ذلك أن کلا الکيانيين بلا حدود رسمية معترف بها وبلا هوية وبلا دستور والداعم الأكبر لهم الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية وإن كان الكيان الصهيوني بشكل علني ومباشر والكيان الثاني بشكل غير مباشر.
اما من حيث الأهداف المنوطة على عاتق الكيانيين فنلاحظ أن الكيان الصهيوني زرع في قلب عالمنا العربي والاسلامي لتهديده وتفتيته وتشكيل حالة توتر لأي نزعة تقدمية ممكنة في هذه البلدان فيما وضعت داعش كسكين في خاصرة بلدان محور المقاومة للغاية ذاتها و السعي على تدمير من الداخل قدر الأمكان.
بالاضافة الى ذلك يوجد بين الکيانين الكثير من القواسم المشتركة، بما في ذلك العيش على أرض مسروقة و الطائفية وجرائم الحرب وزعزعة استقرار الدول المجاورة، کل هذا التکامل والانسجام بدى بشكل واضح وجليّ بينهما. فالكيان الصهيوني المستكبر الأقدم من شقيقته الصّغرى "داعش" وجد أنّه لا بدّ أن يقدّم لها يد العون، فبات يرسل الأسلحة إليها ويعالج مصابيها حيث كشفت الصّحف العبريّة على أنه نحو 700 عنصرًا من التّنظيم المصابين في سوريا يتعالجون في تل أبيب. 700 عنصرًا هو الرّقم الذي أقرّته تلك الصّحف و باتت العمالة أمر لا يخفيه العملاء والمتآمرون فلم نتفاجئ من تصريحات هؤلاء الجرحى التكفيريون الذين نقلوا إلى مشفى “نهاريا” و”صفد” حين قالوا إن “أولوية القتال حسب شريعتنا الإسلامية هي محاربة الشيعة والعلويين والروافض لأنهم كفار، أما محاربة اليهود فثانوية لأنهم أهل كتاب ويمدّون لنا أيديهم”.
في الحقيقة فـأن دراسة الانسجام الحاصل بين"داعش" والصهيونية أمر لا ينتهي فهما وجهان لعملة واحدة تحدد تسعيرتها السياسة الامريكية في المنطقة التي أصبح لها خادمان مخلصان تسعى عبرهما الى اشغال العالم الاسلامي والعربي عن السعي للحاق بركب التطور الصناعي وأخذ بناصية العلم.