الوقت - لطالما استخدمت المذهبية والطائفية كسلاح في مواجهة الخصوم، هو الأسلوب المعتمد مع فقدان المنطق وغياب الهدف والرؤية واستقلالية القرار، هذا السلاح هو ما تستخدمه العائلة الحاكمة في السعودية ومن وراءها الغرب الاستعماري والكيان الاسرائيلي. ولأن الغرب لا يريد أن يتحمل اعباء تأجيج هذا النوع من الحرب في عالمنا العربي والإسلامي، فقد وكّل الأنظمة الحاكمة التي أنشأها واختلقها وعلى رأسها النظام العائلي السعودي الحاكم لإدارتها وتغذيتها. فتملأ الفضائيات التي ترعاها العائلة الحاكمة خطابات التحريض المذهبي والقومي، فهي تبث روح البغض والكراهية تحت عناوين عرب وعجم في مكان وسنة وشيعة في مكان آخر، وتمول وتدعم وترعى جماعات الفكر التدميري التخريبي في سوريا والعراق وغيرهما، وتشن حرباً على اليمن وتحشد له الطاقات بنفس الأسلوب، وتجري احكام الإعدام بروحية مذهبية مقيتة مع فقدان المبرر كما آخرها بحق الشيخ النمر وغيرها الكثير، فلماذا تدخل السعودية في مواجهة مع مخالفيها من بوابة الحرب المذهبية؟ وهل الإختلاف مبرر لمحاربة الآخرين؟
العائلة الحاكمة في السعودية ترفع من الإسلام شعاراً لملكها، فهل تخالف في احكامها وسياستها وحروبها احكام الإسلام ام لا؟ فقد روي عن ابن مسعود أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه. أما التأجيج القومي بين العرب والفرس فلا دليل يدفع لصحته والآية القرآنية الكريمة رقم 13 من سورة الحجرات تقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). وروى أحمد (22978) عَنْ أَبِي نَضْرَةَ: "حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى).
أما أهداف السعودية من وراء ذلك فهي:
أولاً: يرى النظام السعودي العائلي الحاكم أن الخيار الأوحد المتبقي للمواجهة مع فقدان المنطق بوجه حركة الشعوب يتمثل بتأجيج النعرات الطائفية مستفيدة من بعض أدواتها. فهي تلعب لعبة المذهبية كفرصة أخيرة، تزيد من دعمها العسكري والمالي للجماعات التكفيرية، وقد بدأ التنسيق الإستخباراتي الميداني مع تركيا وقطر، وفي اليمن اعلنت دخولها في منعطف جديد ستتطور معه الأحداث نحو المزيد من اتساع الحريق مع دخول الخيارات اليمنية الإستراتيجية حيذ التنفيذ. اما في لبنان فـعقارب الساعة عادت مجدداً الى الوراء وتراجعت فرص عودة الحريري الى رئاسة الحكومة.
ثانياً: تستفيد السعودية من اشعال حروب مذهبية وتأجيج نعرات قومية بهدف القضاء على خصومها، فهذا النوع من الحروب لا يحتاج إلى الكثير من التدخل المباشر سوى الإستفادة من بعض الأدوات البشرية ولو بأعداد قليلة لإحداث فوضى تجر البلاد إلى فقدان بناها التحتية كما حدث في سوريا وحصد مئات الآلاف من أرواح أبنائها وتدمير قوامها الحضارية والثقافية وإعادة تشكيلها على أسس تتناسب وعقلية العائلة السعودية الحاكمة ومن وراءها الغرب الإستعماري.
ثالثاً: الهدف ايضاً التعتيم على جرائم الکيان الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وتحييد الأنظار عن قضية فلسطين من خلال اشغال شعوب المنطقة بخلافات مصطنعة. وعليه فإن هذا سيكون كفيلاً بتعزيز الكيان لوضعه الأمني في مواجهة حق الشعوب بإستعادة الأرض والقدس الشريف. كما أن موجة التحريض بوجه ايران قد دفعت بعض الدول إلى تحالفات مذهبية بغيضة مؤخراً كما مع تركيا وأخرى ذات طابع عدائي للشعوب كما مع الكيان الإسرائيلي.
رابعاً: تدمير وتقسيم الدول العربية القائمة، والإساءة إلى الإسلام إلى حد ربطه بالإرهاب والمطالبة بإعادة النظر فيه كدين، وتدمير التراث الحضاري والإرث الإنساني الإسلامي والعربي. بإختصار أن يقوم العرب والمسلمون بتنفيذ مخطط قد لا تكون أمريكا أو الكيان الإسرائيلي قادرين عليه أو راغبين في تنفيذه مباشرة وبأنفسهما. وقد يكون الهدف وضع العبء التاريخي والمعنوي والأخلاقي للكلفة البشرية لذلك المخطط ونتائجه على أكتاف المسلمين والعرب أنفسهم من خلال حكومات لا تمثيل شعبي لها سوى أنها أخذت الحماية والدعم من الغرب.
خامساً: تكسب العائلة السعودية الحاكمة حمايتها من الغرب الإستعماري بناءً على منافع ومصالح مشتركة، وإحدى هذه المصالح المشتركة فتح اسواق لتصريف الغرب لنتاجه العسكري والذي يدر عليه ارباحاً اقتصادية، ولهذا تسعى العائلة الحاكمة السعودية الى اشعال فتيل الحرب المذهبية بين السنة والشيعة داخل سوريا والعراق ودعم وتسليح التنظيمات التكفيرية والقاعدة بمختلف الدول العربية وشمال افريقيا، وتصعيد الحرب الإعلامية بين الدول الخليجية وايران فهناك عقد مع السعودية على سبيل المثال قيمته 6.8 مليار دولار بالإضافة إلى عقد قيمته 1.2 مليار دولار لدعم سلاح الجو الملكي السعودي وكلها اسلحة امريكية الصنع.