الوقت - جرت الانتخابات التشريعية والبلدية التي نظمتها السلطات في البحرين يوم السبت 22 نوفمبر، وسط مقاطعة شعبية ومسيرات عمت مختلف المناطق واشتباكات بين المتظاهرين الثوار وقوات الأمن، وفي المقابل نظمت المعارضة استفتاء شعبيا على تقرير المصير بدأ قبل يوم من موعد الانتخابات الصورية للنظام وقد سجل البحرينيون اقبالا كثيفا في اليوم الاول والثاني للاستفتاء الشعبي على تقرير المصير، وهذا ما يرسم حقيقة المشهد في البحرين رغم محاولات سلطات آل خليفة وحماتها الاقليميين والدوليين لطمس الحقائق والكتمان على الواقع البحريني المرير.
وفي مواجهة مقاطعة الانتخابات الصورية من قبل الشعب لجأت السلطات البحرينية الى سياسة الترغيب والتهديد لاجبار المواطنين على المشاركة في الانتخابات التشريعية والبلدية، لكن كما كان المراقبون يتوقعون فان هذه الانتخابات الصورية لم تشهد اقبالا من قبل المواطنين وان نسبة المشاركة لم تصل حتى الى نصف من يحق لهم التصويت، وقد قالت وكالة اسوشيتد برس للأنباء ان غالبية الشعب البحريني التزموا بمقاطعة الانتخابات ولم يشاركوا فيها.
وبدأت مراكز الاقتراع في الانتخابات الصورية عملها اليوم في البحرين وسط اقبال ضئيل وكان من قبل بعض المجنسين الاجانب في حين كانت مراكز الاستفتاء الشعبي ملييئة بالمشاركين في الاستفتاء وقد عجزت الاجراءات الامنية التي اتخذتها السلطات عن منع المواطنين البحرينيين من المشاركة في الاستفتاء.
وقد نظم ابناء الشعب البحريني تظاهرات ضخمة ضد هذه الانتخابات الصورية في يوم اجرائها فيما عمدت قوات النظام البحريني الى قمع هذه الظاهرات مستخدمة الغازات المسيلة للدموع وانتشار واسع في محيط التظاهرات مع تحليق للطيران المروحي على علو منخفض، وقد استهدفت قوات الامن العديد من المتظاهرين بالرصاص المطاطي ايضا .
وأتت التظاهرات للتأكيد على المقاطعة الشعبية الواسعة للانتخابات التي تؤكد المعارضة بانها صورية وتكرس واقع الاستبداد والديكتاتورية والاستئثار بالسلطة.
وحمل المتظاهرون شعارات المقاطعة، مؤكدين على أن البحرين تنتظر حلاً حقيقياً يحقق مبدأ أن الشعب مصدر السلطات جميعاً من خلال حكومة منتخبة ومجلس كامل الصلاحيات وعدالة في الدوائر الانتخابية واستقلال للقضاء وأمن للجميع وليس الاستمرار في نهج الاستفراد بالسلطة والثروة وتزوير وتضييق المشاركة الشعبية.
وقد اورد الموقع التواصل الاجتماعي لجمعية الوفاق البحرينية المعارضة على صفحته يوم السبت أنباء المواجهات العنيفة بين قوات امن النظام والجماهير البحرينية في انحاء البلاد ووصفت جمعية الوفاق هذا اليوم باليوم الأسود للديمقراطية.
وكان الامين العام للوفاق الشيخ علي سلمان قد اكد خلال مؤتمر صحافي عقدته قوى المعارضة البحرينية ان ما تتوقعه بالمعارضة للنسبة للحقيقة التي تشارك بحرية لن تتجاوز 30 بالمئة في انتخابات البحرين مضيفاً ان أكثر من 80% من المشاركين في انتخابات موظفين إما بالأجهزة الأمنية أو بالقطاع العام هم وأهاليهم .
وكان تيار الوفاء الاسلامي المعارض ايضا قد وصف يوم الانتخابات الصورة باليوم الأسود ودعا ابناء الشعب البحريني الى لبس السواد في يوم الانتخابات .
من جانبه قال الأمين العام لجمعية المنبر التقدمي الديمقراطي عبد النبي سلمان ان النظام البحريني يحاول ان يقدم صورة ان الانتخابات هي الحل السياسي الذي ينتظره الشعب وهو قمة الخطأ والتجاوزعلى مطالب شعب البحرين ، واردف ان اعداداً كبيرة من الناخبين المتجنسين الخليجيين اتو للتصويت على جسر الملك فهد الذي يربط السعودية بالبحرين .
وفيما اكدت قوى المعارضة التزام غالبية الشعب بقرار المقاطعة، حذرت من تزوير ارادة المواطنين، معتبرة ان اي برلمان ينبثق عن هذه الانتخابات الصورية فاقد للشرعية.
من جانبه شدد الناشط السياسي البحريني وأحد القائمين على الاستفتاء الشعبي سعید الشهابي على نجاح الاستفتاء الشعبي في إخراج المواطنين إلى الشارع للإدلاء بآصواتهم حول مستقبل البلد، مؤكداً أن المقاطعة الشاملة للانتخابات قد أصبحت عنواناً آخر لرفض الشعب للعائلة الحاكمة في البحرين.
وقال الشهابي في تصريح صحفي إنه قد أصبح واضحاً أن هناك فجوة حقيقة لا يمكن ردمها بين شعب البحرين من السكان الأصليين شيعة وسنة وبين العائلة الحاكمة.
واتهم العائلة الحاكمة في البحرين بأنها تحاول استدراج المواطنين السنة إلى جانبها، مضيفاً "ولكن أصبح واضحاً لهم أنهم ليسوا مفضلين على الأجانب والمجنسين الذين جاءوا ليضايقوهم ."
وأشار إلى أن الاستفتاء الشعبي والمقاطعة الشاملة قد أحبطت الجانب الوحيد الذي كان النظام الحاكم يعول عليه لتسويق نفسه للعالم بأن لديه انتخابات برلمانية.. فأصبحت هذه المقاطعة عنواناً لرفض آخر لهذا النظام ومشاريعه .
وشدد على أن الاستفتاء قد نجح بإخراجه الجماهير البحرينية إلى الشارع في أحرج الأوقات بالنسبة للسلطة وباستطاعته إقناعهم بالإدلاء بآرائهم حول مستقبل البلد.
ودعا الشهابي المجتمع الدولي وخاصة الأمين العام للأمم المتحدة بإعادة النظر في مواقفه السابقة التي تتسم بقدر كبير من الحذر وأن يكون أكثر شجاعة وتصريحاً بحق شعب البحرين في تقرير مصيره.. بعد أن أدلى برأيه مرتين الأولى عام 1970 ، والآن حيث أراد وقرر ونفذ هذا الاستفتاء ليقول للعالم إنه يريد أن يعيش حراً ومستقلا.
وعلى الصعيد الدولي قالت 18 منظمة حقوقية في بيان قبل موعد اجراء الانتخابات بالبحرين إن الحكومة البحرينية تصادر الإرادة الشعبية في إدارة الشؤون العامة في البلاد عبر انتخابات لا تراعي اشتراطات النزاهة والحرية والمساواة بين المواطنين.
وأضافت المنظمات إن الانتخابات التشريعية والبلدية تأتي بلا مراقبة دولية وتعتمد على نظام انتخابي ينبني على التمييز بين المواطنين البحرينيين مع السعي لتوجيه أصوات المجنسين الذين تم تجنيسهم خارج القانون والعسكريين لصالح السلطات وحساباتها السياسية .
وبيّنت المنظمات: أن الانتخاب هو حق وليس واجبا في مباشرة الحقوق السياسية والحق لا ينازع عليه ولا يحق للحكومة إرغام المواطنين على المشاركة في الانتخابات أو ترهيبهم بحرمانهم من الخدمات العامة التي توفرها الدولة أو بفرض جزاءات عليهم .
وتابعت المنظمات: لقد تم رصد حملات كراهية في الإعلام الرسمي ضد المواطنين الذين قرروا عدم المشاركة في الانتخابات لمواقف تتعلق بانتهاكات طالت حقهم السياسي جراء السياسات القمعية للسلطات البحرينية .
ودعت المنظمات إلى إيجاد حوار جاد وشفاف مع المعارضين المطالبين بالديمقراطية والحريات، مؤكدة على أن تنظيم العملية الانتخابية من دون إحداث معالجات جذرية للازمة تستند على توصيات بسيوني ومقررات مجلس حقوق الإنسان بجنيف سوف تزيد الأزمة السياسية والحقوقية تعقيدا وتطيل من أمدها في البلاد .
هذا ويؤكد المحللون ان السلطات البحرينية قد اختارت طريقا لارجعة فيه للابتعاد عن الشعب وعن تلبية مطالبه الديمقراطية الشرعية بعدما عمدت هذه السلطات الى مصادرة حق الشعب البحريني في تقرير المصير بعد 4 سنوات من بدء ثورة البحرينيين ، ويؤكد هؤلاء الخبراء ان استقواء النظام البحريني بالخارج وخاصة الاستقواء بالسعودية وامريكا وبريطانيا لن يجلب الاستقرار لنظام الحكم في البحرين والدليل على ذلك هو هذا المشهد الانتخابي الذي يراه الجميع وسط رفض وانتفاضة جماهيرية للسلطات وافعالها.
