الوقت- في تطور لافت، كشفت وسائل إعلام عبرية عن تحذير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) لقادة كيان الاحتلال بشأن تداعيات الحرب في غزة على التوجهات الشعبية نحو حركة حماس، وهذا التحذير يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيداً غير مسبوق للصراع من قبل كيان الاحتلال، ما يثير تساؤلات حول تأثيرات هذا الصراع على المستوى الإقليمي والعالمي، وخاصة من ناحية بروز حماس كقوة رادعة ومسيطرة رغم حرب إسرائيلية لم تتوقف منذ أشهر.
تحذيرات CIA والقلق الأمريكي
بوضوح، أبدت الولايات المتحدة قلقاً عميقاً من أن الحرب في غزة قد تؤدي إلى زيادة حادة في التوجه نحو حركة حماس والجماعات المقاومة المشابهة لها في مختلف أنحاء العالم، وهذا التحذير يشير إلى أن تصعيد الصراع قد يساهم في تعزيز شعبية حماس، ويزيد من توجهات الغضب الشعبي ضد كيان الاحتلال والولايات المتحدة، وتشير الوقائع إلى أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية حذرت السلطات الإسرائيلية من أن استمرار الحرب قد يدفع المزيد من الأفراد للانضمام إلى الجماعات المناهضة لأمريكا وكيان الاحتلال، والتي تُصنفها بعض وسائل الإعلام الغربية على أنها "إرهابية"، وهذه الجماعات تستغل الغضب الشعبي المتزايد تجاه الدعم الأمريكي غير المشروط لـ"إسرائيل"، ما يزيد من التوترات ويعقد المشهد الأمني في المنطقة.
وفي ظل الحديث الأمريكي –على المستوى الأمني- عن أن عملية حماس في الـ7 من أكتوبر كانت حادثة غير عادية استخدمتها العديد من المنظمات الناشطة في الشرق الأوسط كأداة فعالة للتجنيد، يعكس القلق الأمريكي من أن الحرب في غزة لا تؤثر فقط على الوضع الداخلي في كيان الاحتلال وغزة، بل تمتد تداعياتها لتشمل منطقة الشرق الأوسط بأسرها.
وحسب التقييم الذي أجرته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الشهر الماضي، يعتقد يحيى السنوار، قائد حركة حماس، أن الحركة ستخرج من هذه الحرب في موقف قوي يمكنها من المساومة والتفاوض بفعالية، وهذا التقييم يشير إلى أن حماس لا تزال في وضع قوة، وهو ما يعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز موقعها التفاوضي في المستقبل.
وإن التحذيرات التي أصدرتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تعكس قلقاً عميقاً من تداعيات الحرب في غزة على الأمن الإقليمي والدولي للكيان وأمريكا، وتزايد التوجه الشعبي نحو حماس والجماعات المشابهة لها يعكس تأثيرات واسعة للصراع تتجاوز حدود غزة، لتشمل المجتمع الدولي بأسره، ومن هنا، يمكن القول إن إنهاء الحرب الإسرائيلية بات ضرورة ملحة على كل المستويات وخاصة من ناحية الاعتراف بفشل نتنياهو وحكومته.
ومن الجدير بالذكر أن غزة شهدت في الآونة الأخيرة جولات كبيرة من الصراع بين حركة حماس وكيان الاحتلال، والتي لم تؤدِ لوقف إطلاق النار بعد سلسلة من المعارك الشرسة، وعلى الرغم من الدمار والضحايا الذي تسببت به الطائرات الإسرائيلية، إلا أن حماس خرجت من هذه المواجهة بنوع من الانتصار العسكري والمعنوي والسياسي، ما يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل الكيان الإسرائيلي والسياسات الأمريكية الداعمة لتل أبيب، بالإضافة إلى التداعيات على الشعب الفلسطيني.
انتصار حماس وتأثيره على الكيان وأمريكا
انتصار حماس في غزة، يحمل في طياته تداعيات كبيرة على كيان الاحتلال، فهذا الانتصار يعزز مكانة الحركة في المجتمع الدولي والفلسطيني ويزيد من شعبيتها، ما يضعف موقف السلطة الإسرائيلية ويزيد من تعقيد الوضع السياسي الداخلي للعدو، بالإضافة إلى ذلك، يثير هذا الانتصار مخاوف في الأوساط الإسرائيلية من أن يعزز من قدرة حماس على إعادة تسليح نفسها واستعدادها لجولات قادمة من الصراع.
وعلى المستوى الإقليمي، يعزز هذا الانتصار من دور حماس كفاعل أساسي في المقاومة الفلسطينية، ما يزيد من الضغوط على كيان الاحتلال في الساحة الدولية، فقد أظهرت الأحداث الأخيرة أن القدرة العسكرية لحماس قد تطورت، وأنها أصبحت قادرة على استهداف مناطق أوسع داخل كيان الاحتلال، ما يعزز من قدرتها على التفاوض في أي محادثات مستقبلية.
وإن السياسات الأمريكية الداعمة لـ"إسرائيل"، وخاصة الدعم العسكري والمالي غير المحدود، أصبحت محل انتقاد واسع في المجتمع الدولي وحتى داخل الولايات المتحدة نفسها، فقد أظهرت الأحداث الأخيرة أن هذا الدعم يساهم في تأجيج الصراع وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني، ما يزيد من حالة الغضب والكراهية تجاه الولايات المتحدة في المنطقة والعالم.
وبالتالي إن الدعم الأمريكي لـ"إسرائيل" يعقد من إمكانية الوصول إلى حل سلمي ودائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فالاعتماد الكامل على الدعم الأمريكي يجعل كيان الاحتلال يتبنى سياسات إبادية وعدوانية وتوسعية دون مراعاة للحقوق الفلسطينية أو القوانين الدولية، ما يؤدي إلى مزيد من التوتر والعنف في المنطقة، فالحرب الأخيرة خلفت آلاف الضحايا والجرحى، وألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في غزة، ما يزيد من معاناة السكان المدنيين الذين يعيشون أصلاً في ظروف قاسية بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر.
ختاماً، إن انتصار حماس في غزة يحمل في طياته العديد من التداعيات السلبية على مستقبل الكيان الإسرائيلي والسياسات الأمريكية الداعمة لتل أبيب، فقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن الحل العسكري ليس هو الحل للقضية الفلسطينية، وأنه يزيد من إبادة ومعاناة الشعب الفلسطيني ويعقد من إمكانية الوصول إلى سلام عادل ودائم، لذلك، يجب على المجتمع الدولي أن يعمل بجدية لتحقيق تسوية سياسية شاملة تأخذ بعين الاعتبار حقوق الشعب الفلسطيني وتضع حداً للعدوان المستمر على غزة.