الوقت- رسمياً بعد اقل من 24 ساعة من انتهاء القمة الخليجية الطارئة تحت رعاية كويتية، قرر المثلث السعودي الاماراتي البحريني اعادة السفراء الى الدوحة دون تحديد موعد، وبالتالي انهاء الأزمة "اعلاميا" بين قطر والسعودية وفتح "صفحة جديدة" عنوانها "اتفاق الرياض التكميلي"، الذي ألزم قطر بالتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول مجلس التعاون والدول الأخرى، وأن تقوم بإبعاد كل العناصر المعادية لدول المجلس والمطلوبة قضائيا عن أراضيها خصوصاً جماعة الاخوان المسلمين.
البيان الختامي لقمة الرياض الاستثنائية، المنعقدة في ظل ظروف اقليمية ودولية استثنائية، كان "اعلامياً بامتياز"، فتحدث عن حدوث اختراق كبير في ازمة العلاقات بين الدول الثلاث وهي السعودية والامارات والبحرين من ناحية ودولة قطر من ناحية اخرى، حيث جرى التوصل الى اتفاق على عودة سفراء الدول الثلاث الى الدوحة، ولكن لم يتم تحديد موعد زمني لهذه العودة اولا، ولم يتم تحديد موعد جديد لمؤتمر وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي بغية الإعداد للقمة الخليجية المقبلة بل جرى تأجيله الى اشعار آخر، مما يطرح الكثير من التساؤلات، فهل انتهى حقاً الخلاق السعودي-القطري؟ وهل هناك ظروف "استثنائية" أجبرت الرياض على حل الأزم أو التخفيف من حدتها؟
من المؤكد أن قرار سحب 3 دول خليجية سفرائها من قطر لا يعبر عن أزمة طارئة بسبب «عدم التزام الدوحة بتعهداتها تجاه دول الخليج الأخرى» وفقًا لبيان الدول الثلاث، فالخلاف السعودي القطري الذي ضرب عمق المنظومة الخليجية ليس بجديد. الخلاف بين الجارين يعود إلى عام 1913، حين قرر عبد العزيز، مؤسس الدولة السعودية الحديثة، إلحاق قطر بإقليم الأحساء، بعد احتلاله، ولم يعترف عبد العزيز بحدود قطر إلا بعد عامين بضغط من بريطانيا. بعد إحباط انقلاب عسكري في قطر عام 1995، اتهمت الحكومة القطرية السعودية بـ«التورط في الانقلاب بالتعاون مع بعض أفراد قبيلة ال مرة ». في العام 2002 بثت قناة «الجزيرة» برنامجًا تلفزيونيًا عن تاريخ السعودية باستضافة شخصيات سعودية وخليجية وجهت انتقادات صريحة للملك عبد العزيز، ما أدى إلى سحب السفير السعودي في الدوحة مدة ست سنوات، ثم عادت العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها بعد زيارة قام بها أمير قطر السابق الشيخ حمد إلى السعودية ولقائه ولي العهد الأسبق الأمير سلطان في مارس2008. في الفترة الأخيرة برز الخلاف على أشدّه في مواقف الطرفين من مختلف القضايا العربية والإقليمية، وخصوصًا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز2006، وعلى غزة 2008، ذلك أنّ الدولتين اتخذتا مواقفَ متناقضةً كلِّيًّا؛ ففي حين دعمت قطر موقف المقاومة اللبنانية والفلسطينية المتمثلة بحزب الله وحماس في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وقدَّمت لهما دعمًا ماليًّا وسياسيًّا كبيرًا، برَّرت السعودية التي تزعَّمت في ذلك الوقت ما كان يُعرف بمحور الاعتدال الذي ضمَّ إليها كلًّا من مصر، والأردن، والإمارات، السياساتِ الإسرائيليةَ بما عدَّته خطواتٍ استفزازيةً قامت بها حركتا المقاومة. اذا العلاقات بين البلدين تمر بـ«فترات متقطعة من الهدوء، ما تلبث أن تشهد انتكاسة وتوترًا حادًا، لكن مع بدء "الربيع العربي" كان لا بد من اعادة ترتيب البيت الخليجي لمواجهة تداعيات الحراك الشعبي الذي كان يقترب من تخوم السعودية. مع اندلاع الأزمة السورية، شهدت العلاقة القطرية السعودية مرحلة غير مسبوقة من التعاون والتنسيق في سياق مشروع دعم المعارضة بكل أشكالها لإسقاط النظام، الى أن العلاقة بين البلدين عادت الى طبيعتها "المتأزمة" بعد موفقين لعلهما الأخطر في العلاقة السعودية القطرية. الموقف الأول قطري، عبارة عن تسريب مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي في يناير 2011 حول فكرة تقسيم السعودية، حيث تحدث الوزير حمد عن خطة «إنهاء السعودية على يده وأن قطر موجودة وستدخل يومًا الى القطيف والشرقية... وأن الملك عبد الله مسكين، مجرد واجهة، وأن الحاكم الفعلي هو سعود الفيصل، وأنه منته وستقسم بعده السعودية إلى عدة مناطق».
الموقف الآخر، هو التصريح الاستفزازي الذي أطلقه بندر بن سلطان حين وصف قطر بأنها «300 شخص وقناة، وهذا لا يشكل بلدًا»، وجاء ذلك في وقت قررت فيه السعودية انتزاع الملف السوري من قطر، ثم جاء الانقلاب العسكري في مصر بغطاء شعبي في 30 يونيو 2013 ليسدد ضربة قوية لحليف قطر، ودخول الحكم الجديد بمصر في خلافات مع قطر، على خلفية وقوفها مع الرئيس المخلوع محمد مرسي وحكم الإخوان عمومًا.
اذاً الخلاف القطري مع السعودية "أيدولوجي" و "استراتيجي"، فالرياض تتهم الدوحة بدعم التنظيمات الاسلامية المتطرفة كجماعة الإخوان المسلمين وتنتظيم "داعش" الارهابي التي"تمثل تهديدا وجوديا في المملكة العربية السعودية " حسب تعبير الرياض، وهي موطن يوسف القرضاوي، رجل الدين والزعيم الروحي للجماعة، وأحد منتقدي دول الخليج الفارسي الأخرى، في المقابل توضح قطر أن الأزمة مرتبطة مباشرةً بمواقف قطر من الربيع العربي، من قبيل قيام قناة الجزيرة بتغطية الثورات إعلاميًّا، ودعْم قطر السياسي والاقتصادي المعلن للحكومات التي قامت بعد الثورات العربية، ورفضها الموقف السعودي الإماراتي المتمثِّل بمحاصرة هذه الثورات.
القمة الخليجية الاستثائية جاءت بعد حوالي الاسبوع على نشر شريط "صوتي" حمل عنوان "ولو كره الكافرون" نسب الى زعيم تنظيم "داعش" الارهابي "ابو بكر البغدادي"، والذي أعلن فيه أن الدولة الاسلامية "ستتمدد الى بلاد الحرمين وغيرها ولن تتوقف مطلقاً، متوعداً حكم "ال سلول" أي السعودية التي اعتبرها البغدادي "رأس الافعى ومعقل الداء"، مما يؤكد أن القرار السعودي لحل الأزمة القطرية جاء نتيجةً لخشية المملكة على الحكم الأمر الذي يوضح اسباب حالة الاستنفار التي اعلنتها السلطات السعودية تحسبا لاقتحامها، وحشد اكثر من ثلاثين الف جندي بكامل عتادهم العسكري على الحدود الشمالية المحاذية للعراق (رفحة وعرعر)، كما أن هذه القمة الطارئة وبالتالي عودة السفراء جاء في سياق ارضاء قطر لكبح جموحها في دعم تنظيم "داعش الارهابي.
ختاماً، القمة الخليجية الاستثنائية تهدف لتهدئة الخلافات وشدّ اواصر الصف الخليجي، لكن بما أن قطر باتت تُهدد السعودية بالدور الوظيفي الأيديولوجي الذي تؤديه بالتوازي مع البعد الأمني لتنظيم "داعش الارهابي"، يتضح أن عودة السفراء الى الدوحة التي تطمح لدور يفوق حجمها بعدّة مرات بمثابة " الهدوء الذي يسبق العاصفة" ولا يتعدى "التهدئة الاعلامية"، فالحرب بين الجارين ساخنة بكل ما للكلمة من معنى، ولكن بلغة ناعمة.
البيان الختامي لقمة الرياض الاستثنائية، المنعقدة في ظل ظروف اقليمية ودولية استثنائية، كان "اعلامياً بامتياز"، فتحدث عن حدوث اختراق كبير في ازمة العلاقات بين الدول الثلاث وهي السعودية والامارات والبحرين من ناحية ودولة قطر من ناحية اخرى، حيث جرى التوصل الى اتفاق على عودة سفراء الدول الثلاث الى الدوحة، ولكن لم يتم تحديد موعد زمني لهذه العودة اولا، ولم يتم تحديد موعد جديد لمؤتمر وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي بغية الإعداد للقمة الخليجية المقبلة بل جرى تأجيله الى اشعار آخر، مما يطرح الكثير من التساؤلات، فهل انتهى حقاً الخلاق السعودي-القطري؟ وهل هناك ظروف "استثنائية" أجبرت الرياض على حل الأزم أو التخفيف من حدتها؟
من المؤكد أن قرار سحب 3 دول خليجية سفرائها من قطر لا يعبر عن أزمة طارئة بسبب «عدم التزام الدوحة بتعهداتها تجاه دول الخليج الأخرى» وفقًا لبيان الدول الثلاث، فالخلاف السعودي القطري الذي ضرب عمق المنظومة الخليجية ليس بجديد. الخلاف بين الجارين يعود إلى عام 1913، حين قرر عبد العزيز، مؤسس الدولة السعودية الحديثة، إلحاق قطر بإقليم الأحساء، بعد احتلاله، ولم يعترف عبد العزيز بحدود قطر إلا بعد عامين بضغط من بريطانيا. بعد إحباط انقلاب عسكري في قطر عام 1995، اتهمت الحكومة القطرية السعودية بـ«التورط في الانقلاب بالتعاون مع بعض أفراد قبيلة ال مرة ». في العام 2002 بثت قناة «الجزيرة» برنامجًا تلفزيونيًا عن تاريخ السعودية باستضافة شخصيات سعودية وخليجية وجهت انتقادات صريحة للملك عبد العزيز، ما أدى إلى سحب السفير السعودي في الدوحة مدة ست سنوات، ثم عادت العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها بعد زيارة قام بها أمير قطر السابق الشيخ حمد إلى السعودية ولقائه ولي العهد الأسبق الأمير سلطان في مارس2008. في الفترة الأخيرة برز الخلاف على أشدّه في مواقف الطرفين من مختلف القضايا العربية والإقليمية، وخصوصًا خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز2006، وعلى غزة 2008، ذلك أنّ الدولتين اتخذتا مواقفَ متناقضةً كلِّيًّا؛ ففي حين دعمت قطر موقف المقاومة اللبنانية والفلسطينية المتمثلة بحزب الله وحماس في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وقدَّمت لهما دعمًا ماليًّا وسياسيًّا كبيرًا، برَّرت السعودية التي تزعَّمت في ذلك الوقت ما كان يُعرف بمحور الاعتدال الذي ضمَّ إليها كلًّا من مصر، والأردن، والإمارات، السياساتِ الإسرائيليةَ بما عدَّته خطواتٍ استفزازيةً قامت بها حركتا المقاومة. اذا العلاقات بين البلدين تمر بـ«فترات متقطعة من الهدوء، ما تلبث أن تشهد انتكاسة وتوترًا حادًا، لكن مع بدء "الربيع العربي" كان لا بد من اعادة ترتيب البيت الخليجي لمواجهة تداعيات الحراك الشعبي الذي كان يقترب من تخوم السعودية. مع اندلاع الأزمة السورية، شهدت العلاقة القطرية السعودية مرحلة غير مسبوقة من التعاون والتنسيق في سياق مشروع دعم المعارضة بكل أشكالها لإسقاط النظام، الى أن العلاقة بين البلدين عادت الى طبيعتها "المتأزمة" بعد موفقين لعلهما الأخطر في العلاقة السعودية القطرية. الموقف الأول قطري، عبارة عن تسريب مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي في يناير 2011 حول فكرة تقسيم السعودية، حيث تحدث الوزير حمد عن خطة «إنهاء السعودية على يده وأن قطر موجودة وستدخل يومًا الى القطيف والشرقية... وأن الملك عبد الله مسكين، مجرد واجهة، وأن الحاكم الفعلي هو سعود الفيصل، وأنه منته وستقسم بعده السعودية إلى عدة مناطق».
الموقف الآخر، هو التصريح الاستفزازي الذي أطلقه بندر بن سلطان حين وصف قطر بأنها «300 شخص وقناة، وهذا لا يشكل بلدًا»، وجاء ذلك في وقت قررت فيه السعودية انتزاع الملف السوري من قطر، ثم جاء الانقلاب العسكري في مصر بغطاء شعبي في 30 يونيو 2013 ليسدد ضربة قوية لحليف قطر، ودخول الحكم الجديد بمصر في خلافات مع قطر، على خلفية وقوفها مع الرئيس المخلوع محمد مرسي وحكم الإخوان عمومًا.
اذاً الخلاف القطري مع السعودية "أيدولوجي" و "استراتيجي"، فالرياض تتهم الدوحة بدعم التنظيمات الاسلامية المتطرفة كجماعة الإخوان المسلمين وتنتظيم "داعش" الارهابي التي"تمثل تهديدا وجوديا في المملكة العربية السعودية " حسب تعبير الرياض، وهي موطن يوسف القرضاوي، رجل الدين والزعيم الروحي للجماعة، وأحد منتقدي دول الخليج الفارسي الأخرى، في المقابل توضح قطر أن الأزمة مرتبطة مباشرةً بمواقف قطر من الربيع العربي، من قبيل قيام قناة الجزيرة بتغطية الثورات إعلاميًّا، ودعْم قطر السياسي والاقتصادي المعلن للحكومات التي قامت بعد الثورات العربية، ورفضها الموقف السعودي الإماراتي المتمثِّل بمحاصرة هذه الثورات.
القمة الخليجية الاستثائية جاءت بعد حوالي الاسبوع على نشر شريط "صوتي" حمل عنوان "ولو كره الكافرون" نسب الى زعيم تنظيم "داعش" الارهابي "ابو بكر البغدادي"، والذي أعلن فيه أن الدولة الاسلامية "ستتمدد الى بلاد الحرمين وغيرها ولن تتوقف مطلقاً، متوعداً حكم "ال سلول" أي السعودية التي اعتبرها البغدادي "رأس الافعى ومعقل الداء"، مما يؤكد أن القرار السعودي لحل الأزمة القطرية جاء نتيجةً لخشية المملكة على الحكم الأمر الذي يوضح اسباب حالة الاستنفار التي اعلنتها السلطات السعودية تحسبا لاقتحامها، وحشد اكثر من ثلاثين الف جندي بكامل عتادهم العسكري على الحدود الشمالية المحاذية للعراق (رفحة وعرعر)، كما أن هذه القمة الطارئة وبالتالي عودة السفراء جاء في سياق ارضاء قطر لكبح جموحها في دعم تنظيم "داعش الارهابي.
ختاماً، القمة الخليجية الاستثنائية تهدف لتهدئة الخلافات وشدّ اواصر الصف الخليجي، لكن بما أن قطر باتت تُهدد السعودية بالدور الوظيفي الأيديولوجي الذي تؤديه بالتوازي مع البعد الأمني لتنظيم "داعش الارهابي"، يتضح أن عودة السفراء الى الدوحة التي تطمح لدور يفوق حجمها بعدّة مرات بمثابة " الهدوء الذي يسبق العاصفة" ولا يتعدى "التهدئة الاعلامية"، فالحرب بين الجارين ساخنة بكل ما للكلمة من معنى، ولكن بلغة ناعمة.