الوقت ـ منذ 3 سنوات یعانی الشعب السوری من فتنة تکفیریة وهابیة غریبة علی البلاد , أتت علی الأخضر والیابس وتسببت بقتل أطفال سوریا وسفک دماء الشیوخ والنساء من المدنیین الأبریاء , والجرائم التی ارتکبها الوهابیون التکفیریون لامثیل لها فی التاریخ من ذبح وأسر وتعذیب وحرق وتهجیر وابادة جماعیة , فهل من سبیل لانهاء هذه المأساة وانقاذ سوریا من براثن الوهابیة التکفیریة ونجاة أهلها وسکانها , وهم شعب مسلم له الحق فی الحیاة والتمتع بکافة حقوقه السیاسیة والمدنیة أسوة بباقی الشعوب؟
ولایمکن بدء الحل فی سوریا الا عبر ابنائها من الرسمیین والاوساط الشعبیة والاحزاب والعشائر والقومیات والمذاهب المختلفة , وفی مقدمتهم رجال الدین الذین یعلمون وحدهم سبل مواجهة الفکر التکفیری الوهابی المتشدد ولدیهم العلاج المناسب لکل من تأثر بالمرض الوهابی التکفیری والافکار المسمومة والشیطانیة لهذا النهج الاجرامی العدائی , وقد عقدت فی دمشق مؤخرا ندوة حول موضوع "دور المصالحة الوطنیة الدینیة والاخلاقیة والسیاسیة فی انهاء الأزمة" ورکز المشارکون فیها علی دور رجال الدین فی التوعیة وضرورة اختیار الأشخاص الأکفاء وذوی السمعة الطیبة للقیام بمهام المصالحة الوطنیة والعمل علی إعادة بناء العقد الاجتماعی علی أسس سلیمة وإطلاق الحوار الوطنی الشامل فی مختلف المناطق.
واذا تم السماح لعلماء الدین للقیام بدورهم واداء مهامهم الخطیرة فعندئذ یکتشف کل من یبحث عن الحل فی سوریا من ابناء الداخل واصدقاء الخارج ان مفتاح الحل وسبیل مواجهة السعودیة وسیاساتها العدائیة تجاه سوریا ومحور المقاومة والممانعة فی المنطقة هو بید هؤلاء العلماء , لأنهم یملکون بین ایدیهم النصوص الاسلامیة المقدسة التی تدحض الأفکار الوهابیة المسمومة وتشفی الصدور من امراض التکفیر والسلفیة وتجبر من اتبع التکفیریین والارهابیین علی العودة الی دینهم وشعبهم ووطنهم وتشحذ همم الشباب والرجال السوریین لقتال من یصر علی الکفر والعناد والتبعیة لآل سعود وقطر وترکیا وغیرهم , فبامکان العلماء وحدهم کسر المؤامرة الخبیثة التی تفتک بالسوریین وابعاد الشباب السوریین من فخ الانتماء للجماعات المسلحة وکذلک ایجاد التعبئة الشاملة للرجال السوریین لمحاربة منفذی المؤامرة وشذاذ الآفاق الذین جاؤوا الی سوریا لتدمیرها والقضاء علی شعبها .
وقد ادرک التکفیریون خطورة علماء الدین السوریین علی مشروعهم الشیطانی فی سوریا والمنطقة ورأینا کیف استهدفوا کبار علماء الدین السوریین واغتالوهم , کما سارع الامریکیون واذنابهم فی المنطقة الی عرقلة سیر عملیة المصالحة الوطنیة التی بدأت قبل أشهر فی سوریا بعدما شهد هؤلاء عودة بعض ابناء سوریا الی شعبهم ووطنهم , وقد رأینا کیف قام مسلحون فی مناطق عدة بتسلیم أنفسهم للسلطات وتصالحوا مع الدولة وخولت الحکومة السوریة مسؤولیة حمایة مناطقهم وعشائرهم الی هؤلاء المسلحین بعد عودتهم الی احضان شعبهم ووطنهم فی حمص وجنوب دمشق ومناطق أخری وشهد الأمر نجاحا فی التنفیذ , ونأمل ان تتوسع هذه العملیة مستقبلا لیکتشف الجمیع ان السوریین بکل فئاتهم قادرون علی کسر الید الوهابیة التکفیریة التی امتدت علی أمنهم ووطنهم وترابهم خدمة للاهداف والاجندات الامریکیة والصهیونیة ولضرب محور المقاومة والممانعة فی المنطقة وجعل سوریا مفتتة وممزقة .
وقد اتبعت الحکومة السوریة عدة سبل لحل الازمة المستفحلة فی البلاد بموازاة الحرب الضروس التی یشنها الجیش السوری علی الارهابیین التکفیرییین , ومنها اصدار عفو عام عن المسلحین الذین یسلمون انفسهم ویعودون الی احضان شعبهم ووطنهم کما عمدت الحکومة السوریة الی الاستعانة ببعض شیوخ العشائر السوریة لارساء الأمن فی بعض المناطق وشهدت هذه العملیة نجاحات ویمکن توسیع هذه الدائرة عبر افساح المجال أمام المزید من الانفتاح السیاسی والمصالحة مع ابناء الشعب والتخلی عن امتیازات ومکاسب فئویة لصالح عملیة المصالحة الوطنیة وانقاذ سوریا من الغرق فی مستنقع الفتنة الوهابیة الصهیونیة خدمة لسوریا وعموم المنطقة والقضیة الفلسطینیة علی وجه الخصوص , ونعود ونذکر مرة أخری بأن لعلماء المسلمین فی سوریا دور محور وریادی فی فک رموز المؤامرة متعددة الجوانب التی تفتک بالسوریین الآن وبامکانهم القیام بما لایستطیع الآخرون القیام به فی تفتیت الجماعات الارهابیة المتشددة .