الوقت ـ بعد ان عقد أعضاء فی حرکتی حماس وفتح لقاءات قبل أیام بین الجانبین أعلنوا خلالها إنهاء الانقسام الفلسطینی وأعلن رئیس وزراء الحکومة الفلسطینیة المنتخبة فی قطاع غزة إسماعیل هنیة الاتفاق علی تجاوز الانقسام وتفعیل المجلس التشریعی واتفاقیات المصالحة السابقة , تجدد الأمل بین الفلسطینیین لرأب الصدع داخل مجتمعهم الذی یدنس الاحتلال الصهیونی مقدساته الاسلامیة , وینهش لحم اطفاله ویجوعهم ویمنع عنهم الماء والدواء .
ویجب النظر بعین ایجابیة الی اتفاق انهاء الانقسام الفلسطینی لکن یجب الأخذ بعین الاعتبار ان الاتفاقیات السابقة بین الجانبین لم تصمد طویلا لأنها لم تکن مبنیة علی أسس قویة , کما ان فتح وحماس لدیهما خلافات کبیرة فیما یتعلق مثلا بموضوع الاعتراف بالکیان الصهیونی والمقاومة وموضوع حدود الدولة الفلسطینیة , وهناک احتمال بأن یصبح هذا الاتفاق فی مهب الریح ودون التوصل الی نتائج تعود بالنفع علی القضیة الفلسطینیة .
ومن المتوقع ان یشهد هذا الاتفاق تعثرا فی التنفیذ ولا یرجی منه ان یفضی الی نتیجة کبیرة بسبب عوامل عدة , منها الخلافات الفلسطینیة الفلسطینیة وکذلک ما سیقوم به کیان الاحتلال الصهیونی بهدف افشال الاتفاق , لأنه یشکل ضربة کبیرة لمساعیه لتقطیع الفلسطینیین اربا والاستفراد بکل فئة منهم بغیة القضاء علیهم .
وقد شن الکیان الصهیونی حملة واسعة علی السلطة الفلسطینیة وحرکة حماس بعد اتفاق المصالحة وهدد بوقف المفاوضات , وقد وصف بعض المراقبین هذه الحملة الصهیونیة المسعورة بالهستیریا العارمة وسط تلویح بعقوبات قاسیة ضد السلطة الفلسطینیة .
وبینما اتفق الطرفان الفلسطینیان الرئیسیان علی تشکیل حکومة وحدة وطنیة برئاسة أبومازن خلال 5 أسابیع تمهیدا لعقد انتخابات تشریعیة ورئاسیة بعد ذلک بستة أشهر لعودة اللحمة الوطنیة , تحوم الشکوک حول مدی امکانیة تجاوز الخلافات والمشارکة فی السلطة , وکم من الممکن ان تتنازل السلطة الفلسطینیة عن امتیازات استحوذت علیها واستأثرت بها , وذلک من أجل تلبیة الشروط الموضوعیة لأیة مصالحة .
کما یجب علی السلطة الفلسطینیة ان تبتعد قدر الامکان عن الارتماء فی احضان الاتحاد الاوروبی والجهات الداعمة والمانحة لها مالیا , والتی تضع فی سلم اولویاتها دعم الکیان الصهیونی وتضعیف المواقف الفلسطینیة واخضاع الفلسطینیین للارادة الصهیونیة فی تهوید المقدسات وقضم الاراضی وبناء المستوطنات وسرقة المیاه والتربة , وتهجیر الفلسطینیین فی قطاع غزة والضفة وحتی فی داخل الاراضی المحتلة وطمس هویتهم لدفعهم الی القبول بالوطن البدیل .
کما علی السلطة الفلسطینیة ان تسعی جاهدة الی تضمید الجرح الفلسطینی النازف فی قطاع غزة والذی یندی له جبین البشریة , حیث شارکت السلطة , شاءت أم أبت , فی تجویع الشعب الفلسطینی من اهالی القطاع ومنع الماء والدواء والسفر للعلاج عنهم ومنع الوقود فی البرد القارس بینما قنابل الاحتلال وصواریخهم تدمر مساجدهم وتمزق ملیون ونصف ملیون انسان علی مرأی ومسمع کل من یدعی حقوق الانسان ویتشدق بالدیمقراطیة ومکافحة الارهاب وغیرها من الشعارات الزائفة .
ویتساءل المراقبون عن مدی استعداد مسؤولی السلطة الفلسطینیة وشخص أبو مازن للعودة الی الثوابت الوطنیة الفلسطینیة والادراک بأن مصلحة الفلسطینیین (جمیع الفلسطینیین) هی فی التلاحم واستعانة کل فریق فلسطینی بنقاط قوة الفریق الفلسطینی الآخر بغیة انتزاع اکبر قدر ممکن من الحقوق الفلسطینیة الضائعة , ولعل الکیان الصهیونی یدرک تماما واکثر من غیره , حجم خطورة المصالحة الفلسطینیة علی مخططاته لکبح جماح الفلسطینیین , الذین لایعرف قوتهم بعد أی أحد , الا اذا انتبه الی حجم الفزع الصهیونی من مصالحة الفلسطینیین مع بعضهم البعض .