الوقت- في خضم المعارك الدائرة في المنطقة، برزت جبهة الإسناد اليمنية كلاعب رئيسي غير متوقع، أربكت حسابات الكيان الصهيوني وأفقدته توازنه، لم يكن في حسبان قادة تل أبيب أن يتحول اليمن إلى ساحة مواجهة جديدة، وأن يتلقوا ضربات موجعة من مسافة بعيدة.
ففي الوقت الذي كان فيه الكيان الصهيوني يشن عدوانه على غزة، كانت الصواريخ اليمنية تصل إلى عمق الأراضي المحتلة، مؤكدةً أن المعركة ليست محلية، بل امتدت لتشمل جبهات متعددة، ولم تتوقف أهمية جبهة الإسناد اليمنية عند هذا الحد، بل شكلت معادلة جديدة في الصراع الإقليمي، حيث أصبحت اليمن عاملًا مؤثرًا في مسار الأحداث، فمع كل صاروخ يطلق من الأراضي اليمنية، تدرك قوى الاستكبار وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا أهمية هذه المعادلة، وحاولت بكل الوسائل إخمادها، إلا أنها فشلت في ذلك.
سعت الولايات المتحدة وبريطانيا إلى تشكيل تحالف دولي ضد اليمن، بهدف عزل هذا البلد وإضعاف جبهته الداخلية، وقد نجحتا في جر بعض الدول إلى هذا التحالف، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل، حيث أدركت الدول الإقليمية أن الانخراط في أي عدوان على اليمن سيكون له عواقب وخيمة، وأن اليمن لن يقبل بالصمت على أي اعتداء على سيادته واستقلاله.
إن الدعم الذي تقدمه اليمن للقضية الفلسطينية ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لتاريخ طويل من التضامن العربي والإسلامي، وقد أثبت اليمنيون للعالم أجمع أنهم شعب عظيم، وأنهم قادرون على الصمود في وجه أي عدوان، مهما كانت قوته.
كما أثبتوا أن المعادلة التقليدية في الصراع العربي الإسرائيلي قد تغيرت، وأن هناك قوى جديدة صاعدة في المنطقة، تسعى إلى تحقيق التحرير والعدالة، إن جبهة الإسناد اليمنية أصبحت مصدر إلهام للشعوب العربية، التي تسعى إلى التحرر من الاستعمار والهيمنة.
إعلام إسرائيلي... هجوم مصري مرتقب ضد أنصار الله
نشرت مصادر إسرائيلية، مزاعم تدعي فيها أن مصر تخطط لشن هجمات جوية مكثفة ضد جماعة أنصارالله في اليمن، وقال الباحث الإسرائيلي وعضو مركز ديان بجامعة تل أبيب، يهوشوع ميري ليختر: إن لديه “معلومات سرية عن تدخل وشيك لمصر ضد جماعة أنصار الله، بضغط إسرائيلي، ردا على استمرار هجماتها في البحر الأحمر".
وأضاف الأكاديمي الإسرائيلي في تدوينة له على منصة “إكس”: إن “إسرائيل تدفع باتجاه مشاركة مصر في ردع جماعة الحوثي ووقف تراجع إيراداتها القومية من قناة السويس جراء تقييد الجماعة الملاحة عبر البحر الأحمر".
وقال يهوشوع: “القوات الجوية المصرية تُعد خططاً هجومية على الحوثيين في اليمن، الذين تتسبب عملياتهم في البحر الأحمر في خسارة مصر مليارات الدولارات نتيجة تكبد قناة السويس خسائر فادحة”، مدعياً أن “الجيش المصري أعد أنموذجاً في الصحراء الليبية بين مدينتي قصر الفرافرة وبوليت، تتدرب عليه القوات الجوية المصرية".
وتابع: إن “مصر تلعب دوراً في الصراع الدائر في اليمن اليوم، ومنذ مارس 2015، أصبحت إحدى دول التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين، وسبق أن نشرت حوالي 8000 جندي في اليمن".
وفي هذا السياق، أكد الدكتور محمد محمود مهران، الخبير في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن القانون الدولي يمنح مصر الحق في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية أمنها القومي وسلامة الملاحة في البحر الأحمر.
مصر ترد... الانتهاكات الإسرائيلية هي السبب الرئيسي في تهديد الملاحة البحرية
وحول المزاعم الإسرائيلية، شدد مهران على أن القرار المصري السيادي لا يخضع لأي ضغوط خارجية إن صح، مؤكداً أن مصر تتخذ قراراتها وفقاً لمصالحها الوطنية وأمنها القومي فقط.
وأشار الخبير الدولي إلى أن القانون الدولي يتيح للدول اتخاذ إجراءات وقائية لحماية مصالحها الاقتصادية المشروعة، موضحاً أن تراجع إيرادات قناة السويس يمثل تهديدا مباشرا للاقتصاد المصري.
وأكد أن أي إجراءات مصرية محتملة لحماية الملاحة يجب أن تكون متناسبة مع حجم التهديد ووفقاً لمبادئ القانون الدولي، مشددا على أن مصر دائما ما تلتزم بالشرعية الدولية في تحركاتها.
ولفت إلى أن الموقف المصري يستند إلى أسس قانونية راسخة في القانون الدولي، وأن حماية الممرات الملاحية الدولية تمثل مسؤولية جماعية للمجتمع الدولي.
هذا وشدد الخبير الدولي أن الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في المنطقة، وخاصة في غزة والقدس، هي السبب الرئيسي في تأجيج التوترات الإقليمية وتهديد الملاحة البحرية، مشيرا إلى أن وقف هذه الانتهاكات وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية يمثل الحل الأساسي لاستقرار المنطقة.
ورأى أن استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وانتهاك حرمة المقدسات يدفع المنطقة نحو المزيد من التصعيد، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات وضمان احترام القانون الدولي.
فشل ذريع للعدوان الغربي في إخماد إرادة اليمن
فشل العدوان الأمريكي البريطاني فشلاً ذريعاً في إضعاف جبهة الإسناد اليمنية الداعمة لغزة، فبالرغم من الحملة العسكرية الشرسة التي شنتها قوات التحالف، أثبتت القوات الصاروخية اليمنية والطيران المسير قدرة هائلة على الصمود والتطور، حيث تمكنت من توجيه ضربات موجعة للأهداف الحيوية للعدو.
لقد تلقت البارجات الحربية الأمريكية والسفن الحربية البريطانية ضربات موجعة من الصواريخ اليمنية، ما كشف عن هشاشة منظومات الدفاع الجوي الأمريكية المتطورة، كما تمكنت الدفاعات الجوية اليمنية من إسقاط العديد من الطائرات الحربية الأمريكية في سماء اليمن، ما يؤكد على التطور الكبير الذي وصل إليه الجيش اليمني.
وفشلت جميع منظومات الدفاع الجوي الأمريكية والبريطانية في اعتراض الصواريخ اليمنية التي استهدفت عمق الكيان الصهيوني، وقد أثبتت هذه الصواريخ دقتها وقدرتها على الوصول إلى أهدافها، ما أظهر ضعف منظومات الدفاع الصهيونية في التصدي لهذا التهديد المتصاعد.
إن هذا الفشل الذريع للعدوان الغربي يؤكد على صمود الشعب اليمني وإصراره على دعم القضية الفلسطينية، كما يثبت أن المعادلات في المنطقة قد تغيرت، وأن القوة الناعمة والمقاومة الشعبية أصبحت تمثل تهديداً حقيقياً للقوى الاستعمارية.
تحذير من مغبة الانجرار وراء المشاريع الغربية
إن المحاولات الأمريكية والصهيونية لتعويض فشلها الذريع في اليمن من خلال جر دول عربية وإقليمية إلى حرب عبثية هي محاولة بائسة وميؤوس منها، فاليمن اليوم، بفضل صموده الأسطوري وتضحيات شعبه، أصبح أقوى من أي وقت مضى.
لم تعد اليمن قطعة سهلة المضغ، بل تحولت إلى صخرة صلبة تصطدم بها كل المؤامرات، فالقوات اليمنية، المدعومة بإرادة شعبها، أثبتت قدرتها على الصمود والتطور، وباتت تمتلك ترسانة عسكرية متطورة قادرة على ردع أي عدوان.
إن جبهة الإسناد اليمنية لن تتوقف عن دعم القضية الفلسطينية إلا بوقف العدوان الصهيوني على غزة، فاليمنيون يدركون جيداً أن مصيرهم مرتبط بمصير الشعب الفلسطيني، وأن النصر على العدو الصهيوني هو نصر لكل الأمة العربية والإسلامية.
وفي هذا السياق، يجب على مصر أن تدرك جيداً أن أي انخراط لها في أي عدوان على اليمن سيكون له تبعات وخيمة ستؤثر على أمنها واستقرارها، فالقوات اليمنية لن تتردد في الرد على أي اعتداء، مهما كانت المبررات التي تسوقها، يجب على القيادة المصرية أن تتذكر تاريخ اليمنيين، الذين كانوا دائماً في طليعة المقاومة ضد المستعمرين والغزاة، إن التاريخ يعيد نفسه، فهل تريد القيادة المصرية أن تكرر فشل أسلافها في اليمن؟ هل تنسى الدروس المستفادة من الحروب الطاحنة التي دارت على أرض اليمن؟
يبدو أن هناك مخططاً غربيًا أمريكيًا بريطانيًا صهيونياً يهدف إلى جر الدول الإقليمية إلى مستنقع اليمن، وهو مخطط محكوم عليه بالفشل، فاليمن مقبرة الغزاة، وقد أثبت التاريخ ذلك مراراً وتكراراً.
إن على الدول الإقليمية أن تعيد حساباتها جيداً قبل الانجرار وراء هذه المخططات التآمرية، فاليمن ليس ساحة للصراع، بل هو أرض عربية عريقة، وشعب كريم له تاريخ حافل بالمقاومة والصمود.
يجب على الجميع أن يتساءل: ما هي التبعات التي ستلحق بهم إذا ما تورطوا في هذا العدوان؟ هل يستحقون أن يضحوا بدماء أبنائهم من أجل مصالح أجنبية؟، إن الوقت قد حان لكي تستيقظ الشعوب العربية والإسلامية من غفلتها، وتدرك أن مصيرها مرتبط ببعضه البعض، وأن أي اعتداء على أي بلد عربي هو اعتداء على الأمة العربية جمعاء.
خامتاً في ظل التطورات المتسارعة في المنطقة، تواجه مصر قرارات مصيرية، فهل ستستمر في الانجرار وراء المشاريع الغربية، أم إنها ستختار طريق الاستقلال والسيادة؟، إن التاريخ يعيد نفسه، فهل ستكرر مصر أخطاء الماضي، أم إنها ستتعلم من دروسها؟، إن أي تدخل مصري في اليمن سيكون له عواقب وخيمة على أمن واستقرار المنطقة بأسرها، فاليمن ليس ساحة للصراع، بل هو أرض عربية عريقة، وشعب كريم له تاريخ حافل بالمقاومة والصمود.