الوقت-في ظل تصاعد الأحداث في قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة، وتزايد التقارير التي توثق الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، أصبح من الضروري أن يتدخل المجتمع الدولي بشكل عاجل لإرسال مراقبين دوليين لمراقبة الوضع في غزة، وتحديدًا الانتهاكات التي تطال المستشفيات والمنشآت الطبية، حيث إن استهداف هذه المنشآت في ظل النزاع القائم يعكس حقيقة مأساوية، حيث يتم تدمير مرافق إنسانية حيوية قد تؤدي إلى عواقب كارثية على المدنيين في غزة.
وفي هذا الصدد دعت حركة حماس، السبت، إلى إرسال مراقبين أمميين لمستشفيات قطاع غزة لتفنيد مزاعم الاحتلال الإسرائيلي بشأن استخدامها لأغراض عسكرية.
وقالت الحركة في بيان: “نطالب بإرسال مراقبين أمميين لمستشفيات غزة لتفنيد أكاذيب الاحتلال ومزاعمه حول استخدامها لأغراض عسكرية”، مضيفة: إنّ جيش الاحتلال يستمر باستهدافه وتدميره الممنهج لكل المنشآت الطبية والمستشفيات والتي كان آخرها حرق وتدمير مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع.
وأضافت: إن "الأمم المتحدة والمنظومة الدولية تتحمل مسؤولية تاريخية عن إخفاقها في وقف حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني".
وطالبت "حماس" الأمم المتحدة وكل المؤسسات الدولية ذات العلاقة بضرورة التدخل العاجل، بموجب التزاماتها أمام القانون الدولي الإنساني، لحماية ما تبقى من مستشفيات ومنشآت طبية في الشمال وإمدادها بالمواد الطبية.
كما طالبت الحركة بإرسال مراقبين أمميين لتلك المنشآت بهدف الوقوف على حقيقة ما يجري وتفنيد أكاذيب الاحتلال ومزاعمه حول استخدامها لأغراض عسكرية، ومن الجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تدعي، منذ بدء الحرب على قطاع غزة، استخدام حركة حماس للمستشفيات في قطاع غزة لأعمالها العسكرية، لتبرير حربها على المستشفيات واستهداف الكوادر الطبية.
مستشفيات أم أرض للمعركة الإسرائيلية
طالب مدير منظمة الصحة العالمية بإنهاء "الهجمات على المستشفيات" في غزة، وقال تيدروس أدهانوم إن المستشفيات في غزة أصبحت مرة أخرى "أرض معركة" وإن النظام الصحي يقبع تحت "تهديد شديد".
وتأتي مطالبات أدهانوم بعد اقتحام وإخلاء مستشفى كمال عدوان من قبل الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة الماضي، وهو آخر المنشآت الصحية الكبيرة العاملة في شمال قطاع غزة، إضافة إلى ضربات تعرّض لها مستشفيان في مدينة غزة يوم الأحد.
ويقول جيش الاحتلال الإسرائيلي: إن اثنين من هذه المواقع تستخدمها حماس كـ "مراكز قيادة"، وهو ما نفته الحركة مراراً.
وضم مدير منظمة الصحة العالمية صوته إلى أصوات جماعات حقوقية، تطالب بالإفراج الفوري عن مدير مستشفى كمال عدوان، الدكتور حسام أبو صفية، الذي اعتقلته القوات الإسرائيلية خلال اقتحام المستشفى.
الهجمات على المنشآت الطبية: انتهاك للقانون الدولي
تعد الهجمات على المستشفيات والمرافق الصحية جزءًا من استراتيجية تدمير ممنهجة قد تندرج تحت خانة الجرائم ضد الإنسانية، وفقًا للقانون الدولي، يُعتبر استهداف المنشآت الطبية جريمة في إطار النزاعات المسلحة، حيث ينص القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، على أن المستشفيات يجب أن تتمتع بالحماية الكاملة أثناء النزاعات، إلا أن التقارير المستمرة تشير إلى أن القوات الإسرائيلية قد استهدفت المستشفيات والمراكز الطبية بشكل متعمد، ما يعكس تحديًا صارخًا للقوانين الدولية.
المستشفيات الميدانية لا يمكن أن تكون بديلا
النظام الصحي في القطاع يكافح للتعامل مع آلاف الجرحى والمرضى ذوي الحالات الحرجة، والزيادات الحادة في أمراض مثل الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي، في ظل الشح الحاد في الماء والوقود والغذاء والكهرباء والإمدادات الطبية.
لا يمكن أن تكون المستشفيات الميدانية بديلًا عن مستشفيات غزة التي تعد أساسية في تقديم الرعاية الصحية للمدنيين في ظل النزاع المستمر، على الرغم من دور المستشفيات الميدانية في توفير الرعاية الطارئة والإنقاذ، إلا أنها لا تستطيع تلبية الاحتياجات الطبية الشاملة والمتخصصة التي توفرها المستشفيات الكبرى في غزة، والمستشفيات الميدانية تفتقر إلى التجهيزات المتطورة، والأطباء المتخصصين، والقدرة على إجراء العمليات الجراحية المعقدة أو علاج الحالات المزمنة التي تتطلب رعاية طويلة الأمد.
علاوة على ذلك، فإن المستشفيات في غزة تحتوي على موارد مخصصة لرعاية المرضى في جميع الأوقات، مثل الأقسام المخصصة للأورام، وغرف العناية المركزة، بالإضافة إلى وحدات الولادة والتوليد التي تقدم خدمات حيوية للأمهات والمواليد، وتعطيل هذه المنشآت أو تدميرها يعني حرمان الآلاف من العلاج المناسب، ما يعمق من الأزمة الصحية في المنطقة.
باختصار، المستشفيات الميدانية، رغم أهميتها في تقديم الرعاية العاجلة، لا يمكن أن تعوض عن البنية التحتية الطبية المتطورة التي توفرها المستشفيات الرئيسية في غزة، والتي تعتبر خط الدفاع الأول في مواجهة الأزمات الصحية المتعددة.
أزمة إنسانية وتدهور الوضع الصحي
إن الهجمات على المنشآت الطبية في غزة لم تقتصر على تدمير المباني، بل أدت إلى تفاقم الوضع الصحي في المنطقة بشكل غير مسبوق، فمع تدمير المستشفيات، تتفاقم معاناة المرضى، وخاصة أولئك الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة، كما أن النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية يجعل من الصعب توفير الرعاية اللازمة للمصابين والجرحى، ما يزيد من معدل الوفيات والأمراض.
من خلال إرسال مراقبين دوليين، يمكن ضمان توثيق هذه الانتهاكات ومعالجة الأضرار الناجمة عن الهجمات، وستكون هذه الخطوة بمثابة إشراف دولي على مدى احترام القوانين الإنسانية وضمان حماية حقوق المدنيين والمرافق الصحية في غزة.
الحاجة إلى الرقابة المستقلة والشفافية
إرسال مراقبين دوليين يمكن أن يوفر الشفافية والمصداقية في توثيق الانتهاكات التي تحدث في غزة، وستعزز فرق المراقبين الدوليين القدرة على جمع الأدلة، مثل الصور والفيديوهات، التي يمكن استخدامها في المحاكمات الدولية أو لجلب المسؤولين عن الجرائم إلى العدالة، كما أن الرقابة الدولية ستكون أداة مهمة للضغط على الأطراف المعنية، وتحديد المسؤولين عن الهجمات المستمرة على المنشآت الطبية.
من خلال وجود مراقبين دوليين محايدين، سيكون هناك فرصة لتقديم تقارير موضوعية ودقيقة حول الوضع على الأرض، ما سيؤدي إلى زيادة الضغوط الدولية على المسؤولين عن هذه الانتهاكات، ودعوة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات أكثر فاعلية لتطبيق القوانين الدولية وحماية حقوق الإنسان في غزة.
النداءات الدولية: ضرورة التحرك العاجل
لقد أطلقت العديد من المنظمات الإنسانية والحقوقية، بما في ذلك الأمم المتحدة، نداءات متكررة للمجتمع الدولي من أجل إرسال فرق مراقبة دولية لمراقبة الوضع في غزة، ولكن حتى الآن، لم تُتخذ خطوات عملية كافية لتحقيق هذا الهدف، إن عدم وجود مراقبين دوليين في غزة يعني أن هناك نقصًا في مساءلة الأطراف المتورطة في الانتهاكات، ما يعزز من استمرار الأعمال الإجرامية ضد المدنيين.
يجب أن يكون المجتمع الدولي أكثر التزامًا بتحمل مسؤولياته في ضمان حماية المدنيين في مناطق النزاع، وبالأخص حماية المستشفيات والمرافق الطبية، وإن إرسال مراقبين دوليين يعد خطوة حاسمة في الحد من الانتهاكات وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى من هم في حاجة إليها.
ختام القول
إن إرسال مراقبين دوليين لمراقبة الأعمال الإجرامية الإسرائيلية ضد مستشفيات غزة والمنشآت الطبية أمر بالغ الأهمية، سيضمن ذلك توثيق الانتهاكات، ويضع ضغطًا دوليًا على الأطراف المعنية للامتثال للقوانين الدولية، كما يعزز الجهود الرامية إلى تقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة، وفي نهاية المطاف، فإن حماية المستشفيات والمرافق الطبية في غزة هي جزء أساسي من حماية حياة المدنيين، وهي مسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره.