الوقت- بينما أعلن الممثل الأمريكي في الشأن اللبناني نجاح المؤسسة في محادثاته مع اللبنانيين، يقول محللون إن الضغوط العسكرية والسياسية على نتنياهو أجبرته على قبول وقف إطلاق النار، وفي مقال بعنوان "أسباب تسرع إسرائيل في التوصل إلى حل في لبنان وتأخرها في غزة"، قال الخبير السياسي الأردني عريب الرنتافي: "يبدو أن إسرائيل قررت تقسيم قضيتي الحرب والسلام في لبنان وغزة بين حكومتي أمريكا (بايدن وترامب) ومنذ أن وضعت الحرب في لبنان على أجندة وأولويات وخطط واشنطن وباريس والعواصم، والمجتمع الدولي، كان البيت الأبيض يسعى جاهداً للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار ليسجل هذا النصر في سجله".
لماذا "لبنان أولاً"؟
وحسب تقرير تابناك نقلا عن بعض المصادر الاخبارية؛ لقد نشأ إجماع بين الأحزاب في حكومة نتنياهو الائتلافية على وقف إطلاق النار مع حزب الله، وحتى أكثرهم تطرفاً، بن جير، وافق على ذلك.
إن أهداف حرب لبنان تختلف عن أهداف حرب غزة، في الحالة الأولى، يمكن لـ"إسرائيل" أن تتعايش مع سقف أدنى لتوقعاتها وأهدافها، إذ تريد "إسرائيل" الضغط على حزب الله لسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني وإحكام السيطرة على هذه العملية، فضلاً عن السيطرة على موارد الحزب من الأسلحة.
صحيح أن "إسرائيل" حققت بعض النجاحات في بداية الحرب ضد حزب الله، لكن على الجانب الآخر، تمكن حزب الله من إعادة بناء هيكله القيادي بسرعة وإطلاق صواريخ مختلفة الأحجام والمدى على مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة، بما في ذلك تل أبيب.
وعلى عكس غزة، فإن لبنان دولة مستقلة لها شبكة علاقات مع الحكومات الغربية والعربية، وبقاؤها ككيان مستقل له المصالح العليا للعديد من هذه الدول والعواصم، في حين أن مصير غزة هو الأرض.
ترتبط نتيجة الحرب على غزة إلى حد كبير بحل مختلف قضايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبالنظر إلى ظروف الحرب في لبنان، فإن "إسرائيل" تعتبر وقف إطلاق النار مقبولا ومرضيا لتجنب التكاليف المتزايدة، أما في غزة فلها رؤية أوسع تشمل الضفة الغربية والقدس المحتلة والمستقبل، والمثل العليا وحقوق الأمة الفلسطينية.
محلل أمريكي
وكتب الباحث في جامعة جورج تاون دانييل بايمان في مقال بمجلة فورين بوليسي، أن المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين يزعمون أن "إسرائيل" دمرت نصف ترسانة حزب الله من الصواريخ والطائرات من دون طيار وأن العمليات البرية الإسرائيلية على طول حدود فلسطين ولبنان المحتلتين كانت ناجحة.
لكن الحقيقة هي أن حزب الله، مثلما حاول إعادة بناء ترسانته بعد حرب 2006، يعمل هذه المرة على زيادة جودة أنظمته بشكل مستمر، يريد هذا الحزب أن يكون القوة العسكرية الأقوى في لبنان، وهو ما تقدره إيران لقب حليف مهم على الخطوط الأمامية للحرب مع "إسرائيل" وسيحاول تزويد حزب الله بأنظمة توجيه أكثر دقة وأسلحة أكثر تقدما.
المحللون الصهاينة
ناقشت وسائل الإعلام الصهيونية تصريح رئيس وزراء هذا الكيان بنيامين نتنياهو بأن المجلس الأمني الإسرائيلي وافق على وقف إطلاق النار مع لبنان بوساطة الولايات المتحدة، وبينما عارض السياسيون الإسرائيليون الاتفاق واعتبروه استسلاما، رحب به محللون وصحفيون صهاينة، وقالوا إن الظروف السياسية والعسكرية هي التي أدت إلى توقيعه، وإن كان مع كل ما شابه اتفاق وقف إطلاق النار من سلبيات وثغرات. وقال سليمان مسواد مراسل الشؤون السياسية في شبكة كان الصهيونية: هناك ظروف سياسية وعسكرية تجعلنا ندخل فصل الشتاء، والولايات المتحدة لم تساعد "إسرائيل" لقد نفدت الذخيرة اللازمة لحرب طويلة.
كما وصف دورون كادوش، مراسل الشؤون العسكرية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، الصفقة بأنها "سيئة ومليئة بالثغرات"، لكن الجيش أراد في النهاية التوصل إلى صفقة.
وأوضح هذا المراسل الصهيوني: "أما بالنسبة للذخائر ومسألة جنود الاحتياط الذين يموتون تحت ضغط الحرب ولم يعودوا قادرين على الصمود، فإن وقف إطلاق النار هذا إيجابي، بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى تركيز الجهود على غزة"، وتجريد السجناء وإرجاعهم.
في المقابل، أوضح ألون بن دافيد، محلل الشؤون العسكرية في القناة 13، أن المؤسسات الأمنية تعترف بأن الاتفاق مع لبنان "ليس اتفاقا مثاليا، لكن الجيش لم يزعم منذ البداية أنه سيقضي على القوة العسكرية لحزب الله"، وقال موشيه سعادة عضو الكنيست وحزب الليكود عن موضوع الاتفاق مع لبنان: الوضع معقد للغاية ويتم تنفيذ التهديدات بحظر الأسلحة لـ"إسرائيل"، وكذلك قرارات الأمم المتحدة ضد "إسرائيل"، ولم يكن من الممكن مواصلة الحرب مع مثل هذه الضغوط.
من جانبه، وصف يائير جولان، زعيم الحزب الديمقراطي ومعارض نتنياهو والنائب السابق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الاتفاق بأنه "اتفاق مؤقت بسبب إرهاق الجيش الإسرائيلي"، وقال: إن هذا الاتفاق فرض لأن جيشنا متعب جداً، وقال أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”: إن “هذه هدنة قصيرة الأمد مدتها 5 أو 6 سنوات، حتى تبدأ الحرب الرابعة في لبنان، وحينها سيكون لدى حزب الله 40 ألف طائرة مسيرة، في بعلبك فقط”.
رغم اتفاق وقف إطلاق النار، فقد انتهك الكيان الصهيوني وقف إطلاق النار بشكل متكرر خلال اليومين الماضيين، الأمر الذي أدى إلى رد فعل من جميع الأطراف، وخاصة حزب الله اللبناني.
وكما كان متوقعا، لم يلتزم الكيان الصهيوني بوقف إطلاق النار، ومنذ البداية، عندما اضطر جيش هذا الكيان إلى الانسحاب من جنوب لبنان، انتهك الصهاينة وقف إطلاق النار مرة أخرى، وفي بعض هذه الحالات كانت هناك تحركات إعلامية، لانتهاكات وقف إطلاق النار؛ ولقد شهدت مناطق بيروت والضاحية الجنوبية ومرجعيون وبنت جبيل في محافظة النبطية وصور وصيدا قصفاً مدفعياً وتحليق طائرات مسيرة ومقاتلات وإطلاق نار ومهاجمة بعض المناطق وتسوية الطرق بالجرافات وإضرام النار في السيارات.
وحسب مصادر لبنانية، فقد استشهد خلال هذه الهجمات والانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار، ثلاثة مواطنين لبنانيين وأصيب العشرات من المدنيين، وأخيراً، بعد هذه الإجراءات، قام حزب الله اللبناني بأول رد فعل له على انتهاك وقف إطلاق النار من قبل الكيان الصهيوني.
أكدت مصادر عبرية أن حزب الله اللبناني أطلق صاروخين على الأراضي المحتلة في منطقة حردوف، وأصدر حزب الله اللبناني بيانا بهذا الخصوص، وأعلن: "أن العدو الإسرائيلي خرق مرارا اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي أعلن عنه فجر الأربعاء الـ 27 من تشرين الثاني/نوفمبر 2024، وجرت هذه الانتهاكات بطرق مختلفة، منها إطلاق النار على المدنيين، وغارات جوية في مناطق مختلفة من لبنان، واستشهاد بعض المواطنين وإصابة عدد من الأشخاص على إثرها، واستمرار خروقات المقاتلات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية، بما فيها بيروت".