الوقت- اعترفت وسائل إعلام عبرية بأن الجلوس وانتظار الرد الإيراني خلق ظروفا مدمرة لإسرائيل. وكتبت صحيفة يديعوت أحرونوت في تقرير لها أن الضغوط التي تتعرض لها إسرائيل فيما يتعلق بمنع التوتر الحالي من التحول إلى حرب إقليمية، عشية الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وضعت تل أبيب في وضع نفسي واقتصادي سلبي. وبحسب وسائل الإعلام العبرية فإن إسرائيل اليوم تعيش في حالة دمار.
وأعرب رون بن يشاي، مؤلف هذا التقرير، أنه من أجل الخروج من هذه الأزمة، خططت إسرائيل مرات عديدة لتنفيذ هجوم استباقي ضد حزب الله، لكن واشنطن منعت تل أبيب من هذا الإجراء خوفا من إشعال فتيل حرب إقليمية. ويشتاق "بن يشاي" أيضاً إلى الأيام التي كان بوسع إسرائيل فيها أن تتفاعل بشكل مستقل على كل الجبهات بمفردها، في حين يتعين عليها الآن أن تتعامل مع محور صراع واحد ومتكامل ومتعدد الجبهات، حيث يكون لأي عمل أهمية في حرب إقليمية واسعة النطاق، وهي الحرب التي تعارضها إدارة بايدن بشدة.
ولقد تم التأكيد في هذا التقرير على أن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة متداخلة وأن الولايات المتحدة تقدم مساعدات مالية وعسكرية واسعة النطاق لإسرائيل، وفي المقابل تستخدم إسرائيل للتعامل مع التهديدات الإقليمية وخطط إيران ولضمان أمن إسرائيل في المنطقة (الشكل المفضل لواشنطن).
وفي جزء آخر من هذا التقرير، يذكر أن السبب الرئيسي لمعارضة إدارة بايدن لمواجهة تؤدي إلى حرب إقليمية هو أنه في حال نشوب حرب، فإن فرص الحزب الديمقراطي الأمريكي في الانتخابات سوف تنخفض، لأنه إذا قُتل أمريكي في القواعد الأمريكية في العراق أو سوريا، فسيكون لذلك تأثير سلبي قوي على شعبية هاريس لأن المرشح الرئاسي دونالد ترامب، والجمهوريين سيفسرون هذه العملية على أنها نتيجة هزيمة إدارة بايدن، وفي الوقت نفسه، ستضطر الحكومة الأمريكية إلى إرسال المزيد من القوات إلى المنطقة.
وقالت القناة 12 التابعة للكيان الصهيوني في تقرير بثته هذه القناة ونشرت أجزاء منه أيضا على قاعدتها المعلوماتية: "كل بضع ساعات ينشر تقرير جديد من طهران وبيروت نقلا عن مصادر مطلعة، و يدق الجرس مرة أخرى والخطر يلوح في إسرائيل. إن إيران وحزب الله يشنان معنا حرباً نفسية كبيرة بإرسال هذه المعلومات". ومن ناحية أخرى، فإن الطريقة التي سترد بها إسرائيل على هذا الغزو لا تزال غير واضحة، لأنه عندما يطلب الجيش الإسرائيلي من القطاع السياسي الإعلان عن أهداف محددة، فإن ذلك يظهر هذا الالتباس. وجاء في جزء آخر من هذا التقرير أن حرب الاستنزاف في الشمال مستمرة، وهذه الحرب تجري في ظل استعدادات طويلة الأمد لإيران وحزب الله للرد على إسرائيل ردا على اغتيال إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في بيروت.
وهذا هو الأسبوع الثاني على التوالي الذي تكون فيه إسرائيل في حالة تأهب، ولا أحد يعرف نوع الرد والتوقيت. وبحسب تقارير أجنبية، فإن الولايات المتحدة وفرنسا وعدة دول أخرى تجري مشاورات وتضغط على إيران وحزب الله لتجنب الرد على إسرائيل، أو على الأقل القيام بذلك بعد 15 آب/أغسطس، عندما تبدأ المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن وإعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
لكن لا أحد يعرف حتى الآن ما الذي قرره حزب الله والإيرانيون بشأن ردهم. وبحسب التقارير المتوفرة، تشير التقديرات إلى تصميم حزب الله على الرد، ويبدو أن حزب الله هو الذي سيرد أولاً وينفذ هجمات انتقامية، وبعد ذلك سيتحرك الإيرانيون. وجاء في استمرار هذا التقرير: "تشير بعض السيناريوهات إلى أن رد حزب الله سيكون مختلفاً عما فعله حتى الآن، لكن هذا الرد لا يزال محدوداً، حتى لا يدخل في حرب شاملة مع إسرائيل". لكن القصة بدأت للتو بالنسبة لتل أبيب وستواجه مشكلة كيفية اللعب في إطار هذه المعادلة ومواصلة حرب الاستنزاف أثناء التفاعل مع هذا الحدث.
وبحسب معدي هذا التقرير فإن المشكلة الأكبر التي يواجهها الجيش الإسرائيلي هي أنه خلال الأشهر العشرة الأخيرة من الحرب، لم تعقد حكومة نتنياهو اجتماعا واحدا لبحث موضوع الشمال بشكل جدي ولم تتخذ أي قرارات. فيما يتعلق بالجبهة الشمالية. لذلك، ليس من الواضح ما هي أهداف إسرائيل، وعند أي نقطة من المفترض أن تنتهي الحرب في الشمال. كما اعترفت القناة الثانية عشرة التابعة للكيان الصهيوني في تقريرها وقالت: "بشكل عام، العملية الأخيرة أثبتت لنا أنه مهما نجحت هذه الأعمال، فإنها لا تستطيع أن تقود ظروف الحرب إلى النصر، وحتى الآن لا يوجد إطار للأهداف وإذا لم يحددها، فسيستمر هذا الوضع". كما أطلق حزب الله مؤخراً عدداً من الطائرات المسيرة باتجاه (فلسطين المحتلة)، ولم يتم اعتراض سوى عدد قليل منها، بحسب الجيش، لكن بعضها الآخر أصاب أهدافه وأوقع إصابات.
توتر أمني بإسرائيل
تعيش إسرائيل توترا أمنيا وسط حالة الاستنفار القصوى للجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية، وذلك تحسبا لرد إيران وحزب الله على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وكذلك مهاجمة الضاحية الجنوبية في بيروت واغتيال القيادي العسكري في الحزب فؤاد شكر. وتشير سياسة الاغتيالات التي عادت إسرائيل لتنفيذها -بعد فشلها في حسم الحرب على غزة والإخفاق في تقويض حركة حماس سياسيا وعسكريا، ومنع اتساع المواجهة على الجبهة الشمالية مع حزب الله- إلى استعداد إسرائيل لخوض المخاطر التي من شأنها تأجيل نهاية هذه الحرب الطويلة التي تتناقض مع مفهوم الأمن لإسرائيل، وفقا لتقديرات المحللين.
وتوافقت قراءات المحللين على أن إسرائيل تعيش حالة من التوتر الأمني والترقب لطبيعة رد حزب الله وحماس وإيران الذين يهددون بالقيام برد شديد قد يستهدف العمق الإسرائيلي. وأجمعت التحليلات على أن الاغتيالات ما هي إلا إنجاز تكتيكي، واعتبرتها فشلا إستراتيجيا لمفهوم الأمن الإسرائيلي، إذ قدرت أنه بإمكان إسرائيل أن تغتال المزيد من القيادات السياسية والعسكرية من فصائل المقاومة الإسلامية والفلسطينية، لكن دون أن تتمكن من القضاء على حماس أو حل المشكلة الإستراتيجية مع قطاع غزة
فشل إستراتيجي
تحت عنوان "إنجاز تكتيكي.. فشل إستراتيجي" كتب المؤرخ الإسرائيلي آفي شيلون مقالا في موقع "واي نت" شرح فيه أن عمليتي الاغتيال في بيروت وطهران "يجب أن توضعا في سياق الحرب على غزة المستمرة منذ أكثر من 300 يوم". ولفت المؤرخ المحاضر في "كلية تال حاي" بالجليل الأعلى إلى أنه "باستثناء حرب الاستقلال، التي بدأت حتى قبل أن تقوم إسرائيل كدولة، فإن الحرب الحالية هي أطول حرب عرفها شعب إسرائيل على الإطلاق".
ويعتقد أن استمرار الحرب في حد ذاته فشل إسرائيلي، وذلك "حتى قبل مناقشة حقيقة أن عشرات الآلاف من سكان البلدات الحدودية مع لبنان والجليل الأعلى الذين تم إجلاؤهم منذ 10 أشهر ما زالوا مشردين عن منازلهم، وأن المختطفين الإسرائيليين في غزة ما زالوا هناك". ويرى المؤرخ الإسرائيلي أن استمرار الحرب -التي تعتبر الأكثر إيلاما وصدمة للإسرائيليين حتى من حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، واستمرت أقل من 3 أسابيع- هو فشل ذريع لأنه يتعارض مع المفهوم الإسرائيلي الأساسي للأمن