الوقت - في أعقاب التحركات المحمومة لبنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الکيان الصهيوني، والتي أدت إلى تصعيد التوترات في المجتمع الإسرائيلي داخل فلسطين المحتلة، فضلاً عن تعطيل عملية مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، تعرض نتنياهو لانتقادات حادة من قبل الدوائر والخبراء الصهاينة، الذين وصفوه بأنه مقامر يقود "إسرائيل" نحو الهاوية.
حيث أشار المحلل الصهيوني ناحوم برنياع في صحيفة يديعوت أحرونوت، إلى أن نتنياهو يركز جهوده على تعطيل اتفاق تبادل الأسرى، حيث عاد رئيس الموساد ورئيس الشاباك من رحلة غير مثمرة إلى القاهرة، وهي رحلة كانت معروفةً مسبقًا بأنها لن تسفر عن أي نتائج.
وأكد أن الأمريكيين والمصريين والقطريين والقادة العسكريين الإسرائيليين، مقتنعون بأن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى يمكن أن يغيرا مجرى الحرب، لكن نتنياهو اختار إحباط أي تقدم نحو هذا الاتفاق، واعتبر بارنيا أن نتنياهو يرفض الاستماع إلى أي شخص، وهو مصمم على جر "إسرائيل" إلى الهاوية.
وفيما يتعلق بطموحات نتنياهو، قال المحلل: "يعتقد نتنياهو أنه الرجل الذي سينقذ الغرب والشعب اليهودي من "العدو الإسلامي".
باغتيال هنية، ترك الکيان الإسرائيلي مصيره في يد الصدفة
علّق ناحوم برنياع على الجرائم الإرهابية الأخيرة للاحتلال، بما في ذلك اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس في طهران، وفؤاد شكر القائد العسكري الأعلى لحزب الله في بيروت، قائلاً: "ما تفعله إسرائيل الآن هو مقامرة".
وأشار إلى أن صناع القرار الإسرائيليين ارتكبوا خطأً كبيرًا باغتيال هنية، دون معرفة كيف سيكون رد فعل إيران، ما ترك مصير "إسرائيل" معلقًا على حافة الخطر، وحذّر من أنه إذا حدثت كارثة في تل أبيب أو حيفا، سيكون من الصعب للغاية منع اندلاع حرب إقليمية.
وقال هذا الكاتب والخبير الصهيوني: الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترامب ومرشح الحزب الجمهوري، وكامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي، لا أحد منهم يريد الدخول في حرب إقليمية مع إيران، ونتنياهو يعلم أيضاً أنه لن يتمكن من الدخول في مثل هذه الحرب من دون أمريكا.
نتنياهو قامر بمصير "إسرائيل"
قال بن كاسبيت، وهو كاتب وخبير صهيوني آخر، في مقال له في صحيفة معاريف: "صحيح أنه لم يتمكن أحد من معرفة الاتجاه الذي يسعى نتنياهو للذهاب إليه حتى الآن، لكن النقطة الواضحة هي أن نتنياهو يفعل كل ما في وسعه لعدم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين"، وأكد أن نتنياهو بذل قصارى جهده لتعقيد الأمور، ومنع أي تقدم في إعادة السجناء إلى منازلهم.
وأضاف: "يواصل نتنياهو لعبته المزدوجة الشهيرة، وهدفه هو كسب الوقت وخداع الجميع"، واصفًا إياه بأنه مقامر ومغامر راسخ، وأشار إلى أن الرجل الذي أراد أن يصنع التاريخ كضامن للأمن الإسرائيلي، قد عرّض "إسرائيل" الآن لأكبر خطر وحرب إقليمية، حيث أوصل الوضع إلى نقطة يتآكل فيها الجيش ويتعرض الاقتصاد لخطر الدمار، ما أدى إلى معاناة جميع الإسرائيليين من مستوى غير مسبوق من القلق والتوتر، إن لم يكن الجنون.
وتابع الكاتب الصهيوني: "الآن نحن جميعًا رهائن لدى رجل غير مؤهل وغير عقلاني يُدعى نتنياهو، الذي يقامر بمصير الإسرائيليين"، وأشار إلى أن الجميع يرى كيف كسر نتنياهو الحواجز، وكيف يتحدث مع الرئيس الأمريكي ورؤساء الأجهزة الأمنية، بينما يسعى لعزل وزير الحرب يواف غالانت، ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي، ورئيس أركان الشاباك رونين بار.
وختم بن كاسبيت بنبرة ساخرة قائلاً: "كان نتنياهو سيتخلص منا جميعًا إذا استطاع، ويشعر أن لا أحد من الإسرائيليين يستحقه"، وأكد أن الشيء الوحيد الذي لا يتبادر إلى ذهن نتنياهو، هو ضرورة عودته إلى بيته، وهو العقبة الوحيدة أمام توحيد الإسرائيليين لإنقاذ "إسرائيل".
خلق الشعور بـ "عدم الأمان" هو سلاح إيران الأكثر فعاليةً ضد الکيان الإسرائيلي
أشار الكاتب إلى الوضع المتوتر والهيستيري للمستوطنين الصهاينة، في ظل الخوف من ردود الفعل الإيرانية ومحور المقاومة، مؤكدًا أن الإسرائيليين ينظرون الآن بعيون متعبة وقلقة إلى ما يحدث، في انتظار هجوم محتمل من إيران وحزب الله وأنصار الله في أي لحظة، دون أن يعرف أحد ما الذي سيحدث بالفعل.
وشدد الكاتب على أن الوضع العقلي والنفسي للإسرائيليين كارثي، حيث يبدو أن السلاح الأكثر فعاليةً الذي يستخدمه الإيرانيون ضدهم، هو سلاح "عدم اليقين"، فبينما يعاني الإسرائيليون من الخوف والقلق، يبدو أن هذا الوضع بالنسبة للإيرانيين هو مجرد هواية.
من ناحية أخرى، قال آموس هاريل، المحلل السياسي البارز للکيان الصهيوني، في صحيفة هآرتس العبرية: إن نتنياهو يبدو سعيدًا، حيث إن الأحداث الأخيرة، بدءًا من الاغتيالات وصولًا إلى الدعم الذي تلقاه من المسؤولين الأمريكيين في الكونغرس، جعله يعتقد أنه يستحق حكمًا دائمًا على الإسرائيليين.
وأضاف هاريل إن نتنياهو يحاول استغلال هذه المكاسب الظاهرة، لشن حملة ضد الأجهزة العسكرية والأمنية، ولا يظهر أمام الكاميرا إلا عندما يستطيع التباهي بالنجاحات العسكرية، وحتى في تلك اللحظات يتجنب الإجابة على الأسئلة.
وأشار الخبير الصهيوني إلى جهود نتنياهو لعزل وزير الحرب ورئيس أركان الجيش ورئيس الشاباك، مؤكدًا أن نتنياهو يسعى لعزلهم لأنهم يجب أن يتحملوا المسؤولية عن هزيمة ال 7 من أكتوبر.
كما أن نتنياهو لا يتحمل أي انتقادات، ولا يتسامح مع أي لوم، حتى أن بايدن قام بتوبيخ نتنياهو لعرقلته عملية اتفاق إطلاق سراح الأسرى، في حين أن قادة الأمن الإسرائيليين لا يفعلون شيئًا، وقد يستيقظون بعد فوات الأوان.