الوقت- قبل عدة أيام استؤنفت المفاوضات اليمنية في قضية الأسرى فيما حاولت الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة جعل أي اتفاق في اليمن مرهونا بانسحاب أنصار الله من استراتيجية التفوق العسكري والتخلي عن دعم أهل غزة، وحول هذا السياق، كشفت بعض المصادر الاخبارية أن وفدي حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية ووفد الحكومة المستقيلة والمقيم في الرياض، بدءا الجولة التاسعة من المفاوضات بشأن إطلاق سراح أسرى الحرب في هذا البلد في مسقط. وبدأت هذه المفاوضات فيما يقبع نحو 7 آلاف من عناصر وقوات أنصار الله والجيش اليمني في أسر الحكومة المستقيلة، فيما تم أيضاً اعتقال 8 آلاف عضو من أعضاء حكومة “عبد ربه منصور هادي” وقوات الميليشيات الموالية لها من قبل حكومة صنعاء.
وسبق أن أجرى الطرفان مباحثات بهذا الخصوص في ستوكهولم وعمان، وفي حالتين خلال عامي 2018 و2022 تم تبادل أسرى وجرت عمليات التبادل بنجاح بين الطرفين، وكتب عبد القادر المرتضى رئيس فريق التفاوض التابع لحكومة صنعاء على صفحته الشخصية على قناة X:" لقد أتينا إلى العاصمة العمانية مسقط لعقد جولة جديدة من المفاوضات حول قضية الأسرى تحت إشراف الأمم المتحدة، وآمل أن تكون هذه الجولة ناجحة لتبادل الأسرى"، وفي المقابل، أكد ماجد فضائل رئيس الوفد الحكومي المستقيل، في حديث لبعض المصادر الإخبارية، "إننا نطالب بالإفراج عن كل السجناء والمعتقلين دون أي تمييز أو أولوية".
يُذكر أن عملية مفاوضات السلام في اليمن توقفت خلال العام الماضي نتيجة نصرة أنصار الله للشعب الفلسطيني المظلوم، وتماشياً مع الضغوط التي تتعرض لها المقاومة اليمنية، حاولت أمريكا وحلفاؤها أن يكون أي سلام في حالة اليمن مرهوناً بانسحاب أنصار الله من الموقف الداعم لغزة ووقف الهجمات على الأراضي المحتلة والسفن الغربية في البحر الاحمر، وفي البداية، حاول الأمريكيون إقناعهم بالتوقف عن دعم فلسطين من خلال الوعد بتقديم مساعدات مالية، والإفراج عن جزء من أصول اليمن، وكذلك الضغط على الجماعات اليمنية الأخرى لتقديم تنازلات لأنصار الله.
الحرب الاقتصادية والهجوم العسكري.. استراتيجية أمريكا ضد المقاومة اليمنية
إن أنصار الله لم يوافقوا على ذلك بإصرارهم على الموقف المبدئي والتاريخي للأمة اليمنية ضد الكيان الصهيوني، وأصبح هذا الموضوع هو العائق لواشنطن ولندن في عملية مفاوضات السلام في اليمن، وفي الوقت نفسه انسحبت السعودية أيضاً من عملية المفاوضات مع اليمن بسبب الضغوط الأمريكية، وتوقفت حركة المرور بين الرياض وصنعاء وحركة المرور بين الوفدين السياسيين للبلدين.
ولكن يبدو أن عقد هذه الجولة من المفاوضات له جانب سياسي وليس إنسانياً، ويظهر أن السعودية تريد الحفاظ على قناة الاتصال مع حكومة صنعاء، وتشعر الرياض بالقلق نتيجة لاستمرار الأزمة في غزة، وما يترتب على ذلك من تصاعد للصراع في باب المندب والبحر الأحمر، والذي سوف يؤدي إلى انهيار اتفاقيات المملكة مع اليمنيين، وبالتالي ستكون المناطق السعودية هدفاً لهجمات انتقامية من قبل اليمنيين، وهو ما يتعارض مع خطط محمد بن سلمان الاقتصادية.
وحسب تقارير إعلامية، فإن أبرز القضايا الخلافية في الجولة التاسعة من المفاوضات في مسقط هو مصير “محمد قحطان”، إحدى الشخصيات السياسية في حكومة، عبد ربه منصور هادي المستقيلة، ومع ذلك، هناك أمل في أن تسهل هذه المفاوضات الأوضاع المتعلقة بمستقبل الجيش والبنية العسكرية والسياسية والاقتصادية لليمن.
اختتام مفاوضات تبادل الأسرى
انتهت الجولة التاسعة من مفاوضات تبادل الأسرى والمعتقلين بين الحكومة اليمنية المستقيلة وحكومة صنعاء، والتي احتضنتها العاصمة العمانية مسقط على مدار ثمانية أيام، برئاسة مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأفاد بيان صادر عن مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، الأحد الـ7 من يوليو 2024، بأن المفاوضات أسفرت عن انفراجة مهمة حيث توصلت الأطراف إلى تفاهم حول إطلاق سراح محمد قحطان، وهو الأمر الذي كان مثار خلاف لسنوات.
وأضاف: كما اتفقوا على عقد اجتماع لاحق لاستكمال الاتفاق حول أسماء المحتجزين الذين سيتم إطلاق سراحهم وترتيبات إطلاق سراح السيد قحطان، وقال هانس غروندبرغ، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن: "ينتظر آلاف اليمنيين لم شملهم مع أحبائهم، على الرغم من التقدم الإيجابي، فلا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به، وبوتيرة أسرع، للتخفيف من معاناة هذه الأسر".
ودعا غروندبرغ الأطراف إلى مواصلة العمل مع مكتبه لاستكمال خطة تنفيذ التفاهم الذي توصلوا إليه، بما في ذلك أسماء المحتجزين الذين سيتم الإفراج عنهم، والاتفاق على مزيد من عمليات الإفراج، كما توجه بالشكر إلى سلطنة عمان على استضافة الاجتماع، وأشاد بدعمها المستمر لجهود الوساطة الأممية في اليمن، وجدد المبعوث الأممي دعوات الأمم المتحدة للأطراف بالامتناع عن الاحتجاز التعسفي للمدنيين واحترام حقوق اليمنيين بموجب القانون الدولي.
وأضاف: "تظل الأمم المتحدة ملتزمة بهذا العمل المهم لإعادة لم شمل العائلات اليمنية مع ذويهم المحتجزين على خلفية النزاع، وبينما نواصل هذه المهمة، يجب علينا أيضًا أن نندد بالاحتجاز التعسفي لجميع المدنيين والتعبير عن أسفنا على معاناة عائلاتهم وأحبائهم، وإن إطلاق سراحهم بشكل فوري وغير مشروط هو الخيار الوحيد المقبول".
أسباب فشل واشنطن في مواجهة أنصار الله
وقال نائب الأمين العام للأمم المتحدة سابقا والمبعوث الأممي السابق إلى اليمن جمال بنعمر خلال مناقشته لتطورات الوضع بين اليمن والولايات المتحدة، ردا على سؤال "لماذا تفشل الولايات المتحدة في مواجهة هذه الهجمات بل تخسر مليار دولار حتى الآن في التصدي لها دون جدوى؟": إن الحملة التي تقودها الولايات المتحدة هي حملة تأكد فشلها الآن، لأن هجمات قوات أنصار الله تصاعدت.
وأضاف: "ليس فقط في البحر الأحمر، بل حتى في المحيط الهادئ وخليج عدن، كما أن الأسلحة التي تم استعمالها تطورت الآن إلى أسلحة جديدة، ومن خلال ما لاحظناه من تصريحات قوات أنصار الله، يبدو أن التهديد أمريكي بريطاني، وحتى يُقال إن هناك تحالف دول كثيرة، لكنه في الحقيقة تحالف أمريكي بريطاني أساسا"، وأكد بنعمر أن "هذه الحملة العسكرية ثمنها باهظ جدا من حيث التكلفة، لكنها لن تحقق أهدافها، لأن الحملة التي تشنها قوات أنصار الله مرتبطة بالوضع في قطاع غزة، وهم يطرحون أنهم يتضامنون مع أشقائهم الفلسطينيين ولن يتخلوا عنهم مهما كانت التكلفة".
وأشار إلى أن "هناك في اليمن إجماعا بين جميع القوى السياسية تاريخيا على دعم القضية الفلسطينية"، وأضاف "أتذكر عندما كانت دولة الجنوب المستقلة في عهد علي ناصر محمد وحيدر العطاس والقادة الآخرين، كانت قاعدة خلفية لدعم المقاومة الفلسطينية، والتقيت في صنعاء بعدد من الفلسطينيين الذين كانوا مكرمين فيها، كما أن القوى السياسية الأخرى كلها كانت تدعم القضية الفلسطينية، ومن بينها طبعا قوات انصار الله".
وشدد على أن "من المعروف أن دعم اليمن للقضية الفلسطينية هو جزء من عقيدتهم ومن خطتهم السياسية، هذا ليس جديدا، فقد كان هناك دائمًا دعم مطلق للقضية الفلسطينية عبر التاريخ في اليمن، وهذا مستمر حتى الآن مع قوات انصار الله أيضا"، وأضاف: " لقد استفاد أنصار الله تاريخياً من أخطاء أعدائهم، سواء كانوا أعداء محليين أو دوليين، سأبدأ بأعدائهم الدوليين وهم الولايات المتحدة الأمريكية، لقد أخطأت أمريكا حين استهزأت بقدرة قوات أنصار الله عندما سيطروا على مدينة عمران ونفس الشيء حدث عندما وصلوا إلى مشارف صنعاء، حيث كان هناك استخفاف بدخول قوات انصار الله صنعاء".
وتابع: "عندما قرر الأمريكيون إغلاق السفارة في عام 2014، كان هذا خطأ قاتل، لأن جميع السفارات الأخرى غادرت بعد إغلاقهم للسفارة، وأخطأ الأمريكيون أيضا عندما شجعوا المملكة العربية السعودية على الدخول في حرب ضد قوات أنصار الله، وكان هذا خطأ قاتلا كذلك وفشلت هذه الحرب ضد قوات أنصار الله".