الوقت- حذر المسؤولون السياسيون والعسكريون في الكيان الصهيوني، وبعضهم له تاريخ في المشاركة في حرب تموز/يوليو 2006 مع لبنان، من أي تحرك من جانب "إسرائيل" للدخول في حرب واسعة النطاق مع حزب الله، وأكدوا أن "إسرائيل" ستهزم في هذه الحرب أمام "حزب الله".
وفي حين تتزايد الانتقادات في أوساط الأوساط الصهيونية ومسؤولي مجلس الوزراء والجيش لهذا الكيان يوما بعد يوم بسبب الأداء الضعيف في الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة ضد حزب الله، وترتفع أصوات كثيرة لوقف الصراعات في هذا الشأن، أجرت مجلة نيوزويك الأمريكية عدة مقابلات مع مسؤولين صهاينة ناقشوا إمكانية نشوب حرب واسعة النطاق بين "إسرائيل" وحزب الله، وتوصلت في النهاية إلى استنتاج مفاده بأن "إسرائيل" في مثل هذه الحرب ستشهد دماراً غير مسبوق ولن تحقق النصر أبداً.
"إسرائيل" ستخسر في أول 24 ساعة من الحرب مع "حزب الله"
وفي هذا السياق، قال "عيران أتسيون" النائب السابق لرئيس مجلس الأمن الداخلي في الكيان الصهيوني، في حديث مع مجلة نيوزويك: إن "إسرائيل" ستخسر الحرب مع حزب الله في الـ 24 ساعة الأولى، وسنرى دماراً هائلاً في المنطقة وفي مناطق حساسة للغاية داخل "إسرائيل" (فلسطين المحتلة) لم يسبق لها مثيل، وأضاف: "بينما يبدو أن جهود وقف إطلاق النار في غزة تفشل مرة أخرى، فإن "إسرائيل" تستعد لمواجهة واسعة النطاق على الجبهة الشمالية مع لبنان، الأمر الذي سيتسبب في دمار واسع النطاق لإسرائيل".
وأكد الكيان أن أي حرب واسعة النطاق مع حزب الله سيكون لها عواقب وخيمة على "إسرائيل"، ومن ناحية أخرى، قال مسؤولون في الجيش الصهيوني لوسائل إعلام أمريكية: من المعتقد أن حزب الله يمتلك نحو 200 ألف صاروخ بالإضافة إلى قذائف الهاون والطائرات من دون طيار وصواريخ أرض جو وصواريخ مضادة للدبابات وأسلحة أخرى.
وأضاف هؤلاء المسؤولون الصهاينة: "إن حزب الله ينوي استخدام بعض هذه الأسلحة؛ بحيث إن هذا الحزب قد شن الآن حرباً حدودية معقدة للغاية ضد "إسرائيل"؛ وحتى وقت قريب، شهدنا تدمير إحدى بطاريات منظومة القبة الحديدية"، ومن جهته، قال شموئيل مئير، الرئيس السابق لدائرة الحد من التسلح في دائرة التخطيط الاستراتيجي في الجيش الصهيوني: "إن الهجوم الضخم الذي شنه الجيش الإسرائيلي على لبنان، كما يتحدث عنه بعض السياسيين، سيؤدي إلى رد فعل انتقامي قوي من حزب الله من خلال هجمات صاروخية واسعة النطاق على حيفا وتل أبيب".
وقال "دورون أفيتال" القائد السابق لوحدة "سيرت متكال" النخبة في الجيش الصهيوني: "لا أريد أن تخوض إسرائيل حرباً مع لبنان دون موافقة الولايات المتحدة، والجميع يعلم أن الولايات المتحدة تفعل ذلك لا نريد مثل هذه الحرب، إن الدعم الأمريكي لـ"إسرائيل" حاسم للغاية، لأنه حتى أي عملية محدودة للجيش الإسرائيلي قد تؤدي إلى صراع واسع النطاق، وسوف تدخل في هذا الصراع جماعات المقاومة الرئيسية الأخرى المتحالفة مع إيران".
ومؤخراً أيضاً، قال "تل بيري"، رئيس قسم الأبحاث في مركز دراسات "ألما" التابع للكيان الصهيوني، في هذا الصدد: "في حال نشوب حرب شاملة، فإن الجبهة الإسرائيلية (فلسطين المحتلة) ستنفجر وسوف تكون هناك كمية غير مسبوقة من الانفجارات مثلما حدث في حرب يوليو 2006، وحزب الله سوف يستهدف كامل "إسرائيل" فلسطين المحتلة، بأسلحة قوية وذات دقة عالية، حيث إن المنطقة التي ستتعرض بشكل رئيسي لكمية كبيرة من النيران هي المنطقة الشمالية بأكملها حتى حيفا، وسيكون جزء كبير من هذه الحرائق نتيجة إطلاق حزب الله للصواريخ قصيرة المدى.
وأكد: "في سيناريو الحرب الشاملة، سيحاول حزب الله مهاجمة الجليل في شمال "إسرائيل" فلسطين المحتلة، ووحدة "رضوان" الخاصة التابعة لحزب الله قادرة على القيام بذلك، بالإضافة إلى هذه التهديدات هناك أيضا خطورة الطائرات الانتحارية دون طيار، فحجم وشدة الهجمات بهذه الطائرات دون طيار سوف تكون خطيرة للغاية.
تل أبيب تتجه نحو فشل ذريع متعدد الأبعاد
أعرب محلل عسكري إسرائيلي، الجمعة، عن اعتقاده بأن تل أبيب متجهة نحو "فشل ذريع متعدد الأبعاد"، وأنها على المستوى الاستراتيجي "عالقة في جميع الجبهات: غزة ولبنان ودوليا"، وقال المحلل بصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، في تحليل نشره الجمعة: "مع دخول الحرب على غزة شهرها التاسع فإنه من الصعب الإعلان عن وجود أخبار جيدة في الأفق"، وأكمل قائلا: "سلسلة من المناقشات أجريت في الأسابيع القليلة الماضية مع شخصيات رفيعة المستوى في مؤسسة الدفاع تشير بشكل متزايد إلى أن إسرائيل تتجه نحو فشل ذريع متعدد الأبعاد".
وأضاف: "استراتيجيا، نحن عالقون في جميع الجبهات، أكبرها وأهمها جبهة حزب الله في لبنان المهددة بالتحول إلى حريق هائل، إذا حدثت، ستلقي بظلالها على كل ما حدث قبلها"، ومنذ الـ8 من أكتوبر/ تشرين الأول تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلي قصفا متبادلا بين الجيش الإسرائيلي من جهة و"حزب الله" وفصائل فلسطينية في لبنان من جهة أخرى، ما خلّف قتلى وجرحى على طرفي الحدود.
جبهة غزة
وقال هارئيل: "كما هو الحال في غزة، فإن "إسرائيل" لا تنجح في ترجمة التراكم الكبير من الإنجازات التكتيكية إلى نصر استراتيجي"، وأوضح أن "النشاط العسكري في قطاع غزة الذي يتركز الآن في رفح ومخيمات اللاجئين في الوسط، يفرض ثمناً باهظاً على حماس، لكنه لا يحقق النصر في الحرب في المستقبل المنظور"، ووصف الوضع في غزة بـ"الأكثر تعقيدا"، مرجعا ذلك لـ"أسباب ليس أقلها اعتقاد حماس أن الوقت في مصلحتها وأن عملية الجيش الإسرائيلي على الأرض أصبحت متشابكة".
وأضاف حول ذلك: "على الأرض في غزة، فإن حماس لا تنكسر، لقد تدهورت بالفعل العديد من قدراتها العسكرية، مثل المقاتلين المسلحين وأنظمة القيادة والصواريخ، ولكن تم استبدالها بتشكيلات أصغر وأكثر مرونة تركز على البقاء ومحاولة إلحاق خسائر بالقوات الإسرائيلية"، وحول صفقة تبادل أسرى، قال: "يبدو أن المحادثات حول صفقة الرهائن مع حماس دخلت أزمة جديدة، بعد أن بدا للحظة أن خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن قد يخرجنا من المستنقع"، وأعرب عن اعتقاده بأنه "في ظل الظروف، يبدو أن الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله هو السعي قدر الإمكان إلى صفقة الرهائن، حتى على حساب وقف الحرب"، وأشار إلى أنه "قبل شهرين أو ثلاثة أشهر، عندما كان وضع "إسرائيل" في الحرب أفضل، ضاعت فرصة التوصل إلى اتفاق بسبب إصرار نتنياهو على تجنب اتخاذ قرار".
جبهة لبنان
في السياق، حذر هارئيل من "تبعات الحرب مع حزب الله في لبنان"، وقال: "يبدو أن الجمهور لم يدرك بعد الفرق من حيث الضرر الذي يمكن أن تسببه صواريخ حزب الله مقارنة بصواريخ حماس"، وأضاف: "عدد الصواريخ التي أطلقتها حماس في اليوم الأول من الحرب كان 5 آلاف، وهو عدد من الممكن أن يكرره حزب الله كل يوم لمدة شهر؛ والعديد من هذه الصواريخ أثقل، ولها مدى أطول وأكثر دقة أيضًا"، وتابع: "قد تكون تقديرات عشرات الآلاف من الضحايا في العمق (الإسرائيلي) جراء الحرب مع حزب الله مبالغاً فيها، ولكن على أي حال، فإن مدن الشمال والوسط ستواجه تهديداً على نطاق وكثافة لم يسبق لهما مثيل في الماضي".
وبالمقابل قال: "يتعين علينا أن نأمل أن يدرك حزب الله أيضاً فداحة الخطر، وأن يدرك حجم الضرر الذي سيلحق بالبنية الأساسية في لبنان وبالشعب اللبناني، وأن هذا من شأنه أن يكبح سلوكه"، ووصف الحال بين إسرائيل و"حزب الله" قائلا: "كما هو الحال في الأفلام الأمريكية القديمة، تلعب إسرائيل وحزب الله لعبة الدجاجة على حافة الهاوية"، وزاد: "لعل القول المبتذل القديم بأن أياً من الطرفين لا يريد حرباً شاملة لا يزال صحيحاً، ولكنهما من المحتمل أن يصلا إلى تلك المرحلة، وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى سوء التقدير.
وأردف هارئيل: "خلافاً للانطباع الذي خلقته بعض التقارير الأخيرة، من الصعب القول إن القيادة الإسرائيلية متحمسة لحرب في الشمال، ومع ذلك، فإن الخطر قائم في أن يؤدي العرض المفرط لقدرات الجيش الإسرائيلي إلى عكس النتيجة المرجوة، ويجعل الحرب الشاملة أكثر احتمالا".