الوقت- بعد حوالي ثلاث سنوات من وصول طالبان إلى السلطة في كابول، لا يزال الوضع المستقبلي في أفغانستان محل نقاش، ومن المقرر عقد الاجتماع التشاوري الثالث للممثلين الخاصين للدول المعنيين بشؤون أفغانستان على مدى يومين في الـ30 من يونيو والأول من يوليو في الدوحة، عاصمة قطر، وعقدت الجولة الثانية من هذا الاجتماع في فبراير من هذا العام، ولم تشارك فيها حكومة طالبان.
زارت روزماري دكارلو، نائبة الأمين العام للمنظمة المتحدة للشؤون السياسية، كابول قبل عشرة أيام والتقت بمسؤولي حكومة طالبان، ومن بينهم وزير الخارجية أمير خان متقي، ودعتهم إلى إرسال ممثليهم إلى اجتماع الدوحة، وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة في نيويورك، للصحفيين: إن نائبة أنطونيو غوتيريس للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، زارت كابول في الفترة من الـ18 إلى الـ 21 من مايو.
وقال عبد الكبير، نائب رئيس الوزراء السياسي في حكومة طالبان، بعد لقائه مع السيدة ديكارلو: إن الاجتماع السابق في الدوحة كان به "أوجه قصور" وكان "غير مكتمل"، وأضاف إنه يأمل أن يتم قبول شروط حكومة طالبان في الاجتماع المقبل في الدوحة حتى يشارك وفدهم فيه، وتريد حكومة طالبان أن يعهد إليها بمقعد أفغانستان في الأمم المتحدة، كما تعارض تعيين ممثل خاص لأفغانستان، والذي ينبغي أن يتم ترشيحه بناء على قرار مجلس الأمن التابع للمنظمة.
ولكن، كما قيل، ليس هذا هو الاجتماع الدولي الأول الذي يعقد حول أفغانستان، ولكن لماذا فشلت هذه اللقاءات في تحقيق نتائج ملموسة؟
موقف غامض للأمم المتحدة
يبدو أن معظم الاجتماعات التي عقدت حتى الآن بخصوص أفغانستان قد عقدت بالتنسيق وفي بعض الأحيان باستضافة ممثلين للأمم المتحدة، لكن المشكلة هنا هي أن موقف الأمم المتحدة من حكم طالبان في أفغانستان ليس صحيحا أو واضحا جدا، والحقيقة أن الأمم المتحدة لا تعتبر حكومة طالبان في أفغانستان حكومة شرعية من جهة، وهي من جهة أخرى تتفاوض معهم.
يُظهر تعيين ممثل خاص للأمم المتحدة في أفغانستان الموقف النقدي للأمم المتحدة تجاه حركة طالبان، ومن ناحية أخرى، لم تتمكن الأمم المتحدة حتى الآن من التوصل إلى نتيجة واضحة بشأن الممثل القانوني لأفغانستان، وبالتالي فإن حركة طالبان، باعتبارها المجموعة الحاكمة في أفغانستان، لا تزال لا تعتبر نفسها ملزمة بالأمم المتحدة.
ولذلك فإن الموقف الغامض للأمم المتحدة تجاه طالبان والوضع في أفغانستان هو أحد أسباب عدم حسم الاجتماعات التي تستضيفها الأمم المتحدة بشأن أفغانستان.
فجوة كبيرة بين الواقع والكلام
ومن ناحية أخرى، هناك فجوة كبيرة بين شعارات الغرب حول أفغانستان وواقع أفغانستان اليوم، وقد قال عدد من الخبراء في الشؤون الدولية من قبل إنه من الصعب للغاية فهم حكومة تصريف الأعمال في أفغانستان برئاسة طالبان وشعارات الغرب حول أفغانستان.
في الواقع، تؤكد الدول الأوروبية والولايات المتحدة على مبادئ ومفاهيم حول أفغانستان لم تتحقق حتى أثناء احتلال الولايات المتحدة لأفغانستان، وفي الوضع الحالي، من المستبعد جدًا أن تتوصل الحكومة المؤقتة لطالبان إلى اتفاق على بعض هذه المفاهيم، فقضايا مثل حرية المرأة وبعض الحريات الغربية الأخرى لم تنفذ حتى أثناء احتلال أمريكا لأفغانستان، فكيف تتوقع الدول الغربية أن تنفذ حركة طالبان بعضاً من هذه الشعارات؟ وهذا الاختلاف جعل الدول الغربية والأوروبية والأمم المتحدة لا تتوصل إلى نتيجة مهمة بشأن أفغانستان في الاجتماعات الدولية.
وسبق أن أوضح "الدكتور أكرم عارفي"، الأستاذ الجامعي والخبير في الشؤون الدولية في كابول، في حديث مع الصحفيين، أن اللقاءات السابقة في الدوحة لم تحقق النجاح المطلوب، وأوضح: "خلال اللقاء الثاني في الدوحة، كانت هناك اختلافات بين الدول، وهذه الاختلافات وضعت مسافة أكبر بين الأمم المتحدة والحكومة المؤقتة لأفغانستان.
وذكر عارفي أن النقاط المشتركة بين حكومة تصريف الأعمال الأفغانية والمجتمع الدولي بعيدة، وتحاول حكومة تصريف الأعمال تعديل سياساتها الداخلية والخارجية على أساس معتقداتها وقيمها الدينية التي ناضلوا من أجلها لسنوات، ولكن الغرب يريد شيئاً آخر. وقال هذا الخبير في الشؤون الدولية: إنه يتعارض مع القيم التي تؤكد عليها حكومة تصريف الأعمال في أفغانستان؛ بينما الأمم المتحدة والدول الغربية تصر على قيم أخرى، ولهذا السبب تتباعد أطر التفاهم في اجتماع الدوحة الثالث عن بعضها البعض.
عدم الثقة المتبادلة
ومن ناحية أخرى، هناك نوع من انعدام الثقة المتبادل بين أفغانستان في ظل حكم طالبان والمجتمع الدولي، ولا تزال الدول الغربية والعديد من الدول الدولية غير مستعدة لقبول طالبان كقوة حاكمة في أفغانستان، وفي المقابل، لا تثق طالبان كثيرًا في الدول الأجنبية، بل إن طالبان تشك في جهود المجتمع الدولي، لأنها تعتقد أن هذه الجهود تهدف إلى توسيع نفوذ الغرب في شؤون أفغانستان من أجل الحصول على موطئ قدم مرة أخرى في أفغانستان، ولذلك فإن استمرار حالة عدم الثقة هذه جعل اجتماعات الأطراف الغربية والدولية حول أفغانستان في السنوات الثلاث الماضية غير ناجحة وغير مكتملة.