الوقت- من الواضح ميدانياً أن الكثير من الاتصالات والمبادرات التي تسبق الحديث عن معركة رفح، والتهديد والتلويح بها، قد تؤثر سلباً على جاهزية فصائل المقاومة وأجنحتها العسكرية في قطاع غزة، وخاصة في جنوبه، هذه الجاهزية تعتبر أمراً حاسماً فيما يتعلق بالتحضيرات لأي اشتباك محتمل، بالإضافة إلى ذلك، فإن الطاقم السياسي للمقاومة مستعد أيضاً للتعامل مع أي اشتباك مستقبلي، سواء من خلال وساطات أو مفاوضات، ولقد طلبت مصادر داخل فصائل المقاومة من المفاوضين الدوليين بضرورة عدم التعامل مع معركة رفح كموضوع يثير الرعب، أو كشبح يلوح في الأفق، بل يجب التركيز على الجهود المبذولة نحو تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة.
تبيّن مؤخرًا أن كلًّا من القائدين يحيى السنوار ومحمد الضيف قد أبلغا المفاوضين نيابة عن المقاومة عن استعدادهما التام للتعامل مع أي سيناريو تصعيدي عسكري في منطقة رفح، مهما كانت درجته من التصعيد، وتتضمن الرسالة المباشرة للسياسيين داخل المقاومة مطالب بعدم الانحياز أو التراجع عن المواقف، سعيًا لمنع نشوب معركة في رفح، وتجدر الإشارة إلى أن هذا التصريح دفع القيادي خليل الحية في الأيام الأخيرة إلى التأكيد على استعداد الكتائب العسكرية بالكامل لأي معركة في رفح، مؤكدًا أنها لم تفقد القدرة أو السيطرة كما يُشاع.
"رسائل داخلية" تفيد بوجود جاهزية كبيرة للتعامل مع معركة رفح، على غرار التعامل مع المعارك في خانيونس وشمال قطاع غزة، وتظهر التهديدات العسكرية المبالغ فيها من العدو بإجراء عملية عسكرية واسعة في مدينة رفح ومحيطها، لكن الأمر اللافت للانتباه هو الحديث عن وجود قوات أو مجموعات فلسطينية أمنية في منطقة ممر فيلادلفيا، نتيجة لاتفاقيات مع مصر وكيان الاحتلال، هذه المسألة تعتبر جزءًا من التطورات اللافتة أيضًا.
ومع ذلك، توضح الأوساط الداخلية في المقاومة أن معركة رفح ليست بالمعركة الصعبة أو المخيفة كما يتم تصويرها، وباستثناء مسألة حماية المدنيين، الجاهزية في الجانب العسكري للكتائب وتفاصيل التخطيط والتنفيذ تُعد بشكل دقيق، وخاصة بعد تجربة وتراكم الخبرة في الميادين، وذلك بعد تصحيح بعض الأخطاء التي حدثت في المناطق الشمالية والوسطى للقطاع.
ويبدو من سياق تبادل الرسائل أن قيادة الداخل تسعى لتعزيز جبهة التفاوض الخارجية لمواجهة الضغوط التي تشعر بأنها تهدف إلى تحييد المقاومة، وخاصة من خلال تجنب معركة رفح، ويأتي هذا في ظل تفاقم معاناة الحاضنة الاجتماعية للمقاومة، وتهديدات كيان الاحتلال بارتكاب مجازر، والتي تقول الداخلية إنها لم تتوقف في الأشهر السابقة.
لذلك، إن خطاب القوة الذي يتبناه القادة مثل يحيى السنوار يهدف في الغالب إلى تعزيز الصورة العسكرية لحماس وإظهار جاهزيتها للتصدي لأي تحديات محتملة، بما في ذلك اندلاع حرب في منطقة رفح، من خلال التأكيد على القدرة والجاهزية العسكرية، ويسعى السنوار وغيره من قادة حماس إلى تعزيز الثقة بين جماهيرهم وإظهار الاستعداد للتصدي لأي تهديدات محتملة.
وتتضمن دلالات هذا الخطاب القوة والجاهزية العسكرية لحماس في حال اندلاع حرب في رفح، وأهمها توجيه رسالة تحذيرية للعدو فمن خلال التأكيد على الجاهزية العسكرية، يرسل القادة في حماس رسالة واضحة إلى "إسرائيل" بأنها لن تتردد في الرد بقوة في حال شنت هجوماً على رفح أو أي جزء آخر من قطاع غزة، ويعمل الخطاب على تعزيز الدعم الشعبي لحماس وقادتها، حيث يعتبر الاستعداد العسكري عنصراً مهماً في بناء الثقة بين القيادة والجماهير.
وفي النهاية، من خلال التأكيد على جاهزية القوات العسكرية، يهدف القادة في حماس إلى تحقيق الردع وإظهار القدرة على التصدي لأي هجوم يتعرضون له، ويمكن أن يكون هذا الخطاب جزءاً من إستراتيجية لإعطاء درس للعدو بضرورة عدم التجاوز والاعتداء على أراضي قطاع غزة، مع التأكيد على جاهزية حماس للرد بقوة إذا ما تمت مهاجمتها، وبشكل عام، يعكس خطاب القوة والجاهزية العسكرية للسنوار وحماس تفانيهم في الدفاع عن قضاياهم وتحقيق أهدافهم بوسائل عسكرية إذا لزم الأمر، ما يعكس الجانب الإستراتيجي والتكتيكي للحركة ورغبتها في الحفاظ على الاستقرار والسيادة في المنطقة.