الوقت- سياسة الاختطاف والإخفاء القسري التي يتبعها كيان الاحتلال الصهيوني في غزة تأتي ضمن سلسة ممارسات إجرامية متكاملة الأبعاد في إطار الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وفي هذا السياق أعلن الدفاع المدني الفلسطيني عن تسجيل اختفاء نحو 2000 فلسطيني من أبناء القطاع، بعد انسحاب الاحتلال من مناطق في القطاع، مشيراً إلى أنه من غير المعلوم إن كانوا معتقلين أو إنهم دفنوا تحت الأرض، ومن الجدير بالذكر أن الصهاينة يستخدمون أسلحة مجهولة وفظيعة لارتكاب مجازر بحق أهل غزة، الأمر الذي حول أجساد الشهداء إلى رماد.
بالإضافة للمقابر الجماعية التي يتم كشفها بعد انسحاب الاحتلال من المناطق التي كان قد توغل فيها حيث أعلن الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة الرائد محمود بصل، انتشال جثامين ما يزيد على 150 شهيداً من مجزرة خان يونس بعد انسحاب الاحتلال، فضلاً عن وجود نحو 500 آخرين في عداد المفقودين.
سياسة الإخفاء القسري
هذه السياسة ليست بجديدة على الاحتلال الصهيوني فهو يتبعها بحق الأسرى والجثث منذ قيامه على أرض فلسطين ويتم استخدام هذه السياسة بشكل ممنهج ومدروس بحق أهالي قطاع غزة، من خلال جرف عشرات الجثث ودفنها قبل انسحابه من أي منطقة في القطاع.
حتى اليوم, ورغم النداءات التي وجهت للعديد من المؤسسات الدولية والمختصة من جهات ذات الاختصاص بشأن الأسرى من أجل الحصول على أي معلومات واضحة بشأن معتقلي غزة، إلا أن هذه النداءات لم تفض إلى أي نتائج يمكن أن تطمئن عائلاتهم مع التأكيد أننا نتحدث عن عدة فئات من معتقلي غزة، والتي طالت مقاومين، وعمالا، ومدنيين منهم نساء وأطفال، ويعطي جيش الاحتلال الإسرائيلي الحق لجنوده في شن عمليات اعتقال تعسفية وعشوائية واسعة النطاق في قطاع غزة تحت إطار "قانون المقاتلين غير الشرعيين"، الذي يجرد الأسرى والمعتقلين من كل الحقوق التي يوفرها لهم القانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان، بما في ذلك الحماية القانونية المقررة لهم حسب أوضاعهم القانونية.
مقابر جماعية
كانت فرق الدفاع المدني أعلنت أنها انتشلت جثامين 190 شهيداً دُفنوا بمقبرة جماعية داخل مجمع ناصر الطبي في خان يونس، ما يؤكد من جديدٍ حجم الجرائم والفظائع التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وحسب الناطق باسم الدفاع المدني، فإنّ العديد من جثامين الشهداء كانت قد تمت تعرية أصحابها قبل قتلهم، مشيراً إلى تسجيلها تحت بند “مجهول”، ومضيفاً إنّ بعض هؤلاء قدم من شمال القطاع، وأفاد بأنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، يعطي الأمان للفلسطينيين، ثم يقتلهم بعد دقائق بشكل مباشر، مضيفاً إنّ العدد الأكبر من ضحايا المقابر الجماعية واقتحام المستشفيات هم من النساء والأطفال، وهو دليل دامغ على أن ما يحدث في قطاع غزة ما هو إلا تطهير عرقي تقوم به قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
وأشار شهود عيان إلى أن بعض جثامين الشهداء التي تم استخراجها من حفرة حفرتها جرافات جيش الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من مشرحة مجمع ناصر الطبي، كانت متحللة، وعلى أيدي الشهداء تظهر القيود التي وضعها عناصر الاحتلال قبل تصفيتهم، وقبل أيام، انتشرت مشاهد قاسية ومؤلمة لمقبرة جماعية لفلسطينيين دفنتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في باحة مجمع "الشفاء" الطبي في غزة، ولم تقتصر المقابر الجماعية على مجمع الشفاء فقد عثر السكان في بيت لاهيا شمال القطاع على نحو 20 جثة متحللة دُفنت في مقبرة جماعية، وحسب شهادات سكان المنطقة، فإن الجثث تعود لعائلة العساف التي استُشهد أفرادها خلال اقتحام قوات الاحتلال بيت لاهيا قبل 4 أشهر وتنفيذها إعدامات ميدانية لفلسطينيين عند الحاجز الترابي، حيث عثر على المقبرة الجماعية، ويأتي ذلك وسط صمت عربي واسلامي مطلبق على جرائم الاحتلال في غزة بينما أمريكا والدول الأوروبية يدعمون الاحتلال بكل ما أوتو من قوة ومال.
مصير مجهول
بعد اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في مجمع ناصر الطبي، تضم جثامين من مختلف الأعمار، أثيرت التساؤلات عن مصير آلاف المفقودين في الوقت الذي يعتمد الاحتلال على هندسة الإجرام والإبادة الجماعية، وإرهاب الجغرافيا، في وصف أقرب للممارسات والانتهاكات الإسرائيلية، في سبيل توسيع عمليات قتل وتهجير سكان قطاع غزة، فما يقوم به الاحتلال في القطاع يمثل هندسة للإبادة الجماعية اعتمادا على المقابر الجماعية والاعتقال وأوامر الإخلاء والتهجير.