الوقت - كما وعدنا وكان الجميع ينتظرها، العملية الانتقامية للجمهورية الإسلامية الإيرانية لمعاقبة الكيان الصهيوني الغاصب على الهجوم على قنصلية بلادنا في دمشق بالرمز "وعد الصادق" ليلة 13 أبريل 2024؛ وهي العملية التي، حسب العديد من الخبراء والمسؤولين في الدول الغربية وحلفاء الصهاينة، كانت ضخمة وتجاوزت توقعاتهم.
ورغم أن الكثيرين زعموا قبل هذه العملية أن إيران ستنفذ هجوماً محدوداً ومسيطراً عليه فقط لتوجيه رسالة إلى الكيان الصهيوني، ومن المحتمل أن يكون هدف العملية هو منطقة الجولان المحتل (وليس الجزء الرئيسي من الأراضي الفلسطينية المحتلة)، ولكن تم إطلاق عشرات الطلقات الصاروخية والطائرات دون طيار التي استهدفت قاعدتين جويتين استراتيجيتين للكيان الصهيوني، والتي كانت المصدر الرئيسي لعملياته الإجرامية ضد أراضي غزة ولبنان وسوريا في السنوات الأخيرة، أظهرت أن إيران متواجدة بشكل أساسي لمعاقبة المعتدي واستكمال الحجة مع داعميهم الدوليين لإنهاء العدوان غير القانوني للكيان الصهيوني.
عمليات الطائرات دون طيار الصاروخية الخاصة للحرس الثوري الإيراني تحطم الأرقام القياسية
في السنوات الأخيرة، كانت القوات الجوية التابعة لحرس الثورة الإسلامية دائما اليد القوية للأمة الإيرانية في طريق الانتقام وتوجيه الضربات الموجعة لأعداء إيران؛ من عدة هجمات على وجود إرهابيي "داعش" والجماعات الديمقراطية، وتدمير مقر تجسس الموساد في إقليم كردستان العراق أو جيش العدل في منطقة بلوشستان، حيث كانت ترسانة الصواريخ والطائرات دون طيار التابعة للحرس الثوري الإيراني هي التي تعمل دائمًا كأداة للاستجابة السريعة لبلادنا للتهديدات خارج الحدود الإقليمية.
إن العملية الأخيرة "الوعد الصادق" هي بلا شك العملية العسكرية الأكثر شمولاً ورائعة للقوة الجوية للحرس الثوري الإيراني في تاريخ بلادنا وحتى منطقة الشرق الأوسط، وقد سجلت العديد من الأرقام القياسية والإنجازات الخاصة.
ورغم عدم وجود معلومات دقيقة عن عدد القذائف التي أطلقت على الأراضي المحتلة، باستثناء ادعاءات الولايات المتحدة و"إسرائيل"، إلا أن هذه العملية كانت بلا شك غير مسبوقة من حيث عدد الطائرات دون طيار والصواريخ الباليستية، وأطلقت في يوم واحد في تاريخ المعارك الحديثة؛ وحتى في اليوم الأول من الغزو الروسي لأوكرانيا أو الهجمات الضخمة على منشآت الطاقة الأوكرانية هذا الشتاء، لم يتم تسجيل مثل هذا المعدل من الصواريخ الباليستية وإطلاق الطائرات الانتحارية دون طيار في يوم واحد.
كما أن استهداف صواريخ الحرس الثوري الإيراني قاعدتين جويتين استراتيجيتين للصهاينة، نافاتيم في صحراء النقب ورامون في ميناء إيلات، أدى إلى تفعيل المنظومات الدفاعية الموجودة في قاعدتي نظام باتريوت وبيكان في 3/2 أغسطس وفي الموجة الثانية، تعرضت عدة طائرات لهجوم بالصواريخ، وأصابت منشآت هاتين القاعدتين.
كما تعتبر هذه العملية أول استخدام قتالي للصواريخ الباليستية الإيرانية متوسطة المدى؛ وفي العمليات الصاروخية الماضية تم استخدام الصواريخ الباليستية قصيرة المدى من عائلة الفتح مثل فتح 110 وفتح 313 وذو الفقار وصواريخ خيبر شكن أو القيام، ولكن لأول مرة يتم استخدام صواريخ قدر وعماد متوسطة المدى أيضًا، حيث شوهدت من مناطق مثل شيراز وضواحي طهران وتم إطلاقها نحو الأراضي المحتلة.
الهجوم المشترك لقدر وعماد وخيبرشكن على منزل طائرة F35 الإسرائيلية
وعلى الرغم من اختيار أهداف أخرى في مناطق أخرى من الأراضي المحتلة، إلا أن قاعدتي نافاتيم ورامون الجويتين كانتا محور التركيز الرئيسي للعمليات الصاروخية.
في هذه الأثناء، تعتبر قاعدة نافاتيم الجوية في صحراء النقب هدفا خاصا وواحدة من القواعد الجوية الثلاث الكبرى للكيان الصهيوني.
وتم بناء قاعدة نافاتيم الجوية بالتزامن مع تشكيل هذا الكيان المزيف عام 1947 وشهدت عدة حروب كبرى منها حروب 1948 الشهيرة وحرب الأيام الستة ومعركة يوم الغفران ومعركة البقاع، والتي تعتبر مركز وجود أحدث المقاتلات الجوية الإسرائيلية التي كانت تستخدم ضد الجيوش العربية.
كما جرت أيضاً عملية "أوبرا" الشهيرة عام 1981 لتدمير المفاعل النووي التابع لكيان البعث العراقي السابق من قاعدة نافاتيم الجوية.
وعلى الرغم من أن قاعدة نافاتيم استضافت أنواعًا مختلفة من المقاتلات وأسراب سلاح الجو الإسرائيلي، إلا أنه تم اختيارها في عام 2016 كمركز عمليات لأحدث مقاتلات الكيان الصهيوني وحيويتها، وتحديدًا طائرات إف-35 التي تم شراؤها حديثًا من الولايات المتحدة الامريكية.
وكان الكيان الصهيوني قد طلب شراء مقاتلة الجيل الخامس والشبح F-35 في مناسبتين، وتم تسليم الطلب الأول الذي يتضمن 50 طائرة، وأضيفت إليه مؤخراً طلبية جديدة مكونة من 25 طائرة، وتتمركز هذه المقاتلات في 3 أسراب 116 و117 و140 تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي وتتمركز جميعها في قاعدة نافاتيم الجوية.
اعترفت السلطات الغربية، نقلاً عن بعض المصادر الصهيونية، بأن 9 صواريخ سقطت على قاعدتي نافاتيم والنقب الجويتين (النقطة الأساسية في القصة هي أنه لا يوجد شيء اسمه قاعدة جوية اسمها النقب، ومن المحتمل أن تكون جميع الضربات التسعة المزعومة مرتبطة بقاعدة نافاتيم).
يفرض الصهاينة رقابة مشددة على الأخبار المتعلقة بعدد القذائف التي مرت عبر الدفاع، والشركات التي تمتلك أقمار صناعية تجارية ليست مستعدة لنشر صور عالية الجودة للمكان الذي ضربت فيه الصواريخ الإيرانية، ولكن حتى الآن أبلغوا أيضًا عن عدة إصابات واعترفوا أيضًا بإلحاق أضرار بطائرة C-130 Hercules المتمركزة في القاعدة.
وأهم ما في القذائف التي أصابت هذه القاعدة هو استخدام صواريخ كان من المستحيل اعتراضها لأنظمة الدفاع الإسرائيلية مثل السهم أو مقلاع داود.
صاروخ خيبر شكن ذو القدرة على الانزلاق والمناورة للهروب من المنظومات الدفاعية باتجاه الهدف النهائي، وكذلك صواريخ قدر وعماد متوسطة المدى برأس حربي موجه وسرعة أعلى بكثير من صواريخ عائلة الفاتح (بسرعة قريبة من 10 ماخ)، أفشلت أحدث أنظمة الدفاع الصهيونية.