الوقت- في رسالة ضجت بها وسائل التواصل، أعلن الناطق الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أبو عبيدة، عن مصير عددٍ من الأسرى الإسرائيليين، وأفاد أبو عبيدة في بيان مختصر بأن المقاومة سبق لها أن أعلنت عن انقطاع الاتصال مع المجاهدين الذين يحرسون عددًا من أسرى العدو في قطاع غزة، مشيرًا إلى احتمال وفاة عددٍ من الأسرى نتيجة للهجمات الإسرائيلية، وبعد الفحص والتدقيق خلال الفترة الأخيرة، تبين أنّ كتائب القسّام تلقت تأكيدات على استشهاد عدد من مجاهديها، ومقتل سبعة من أسرى العدو في القطاع، جراء القصف الصهيوني، وأشارت الكتائب إلى أن بعض الأسرى الإسرائيليين الذين فقدوا حياتهم جراء الهجوم هم: حايم جيرشون بيري، ويورام إتاك ميتزجر، وأميرام إسرائيل كوبر، ما يعني اشتعال غضب عائلات الأسرى ضد نتنياهو.
الأسرى يواجهون الموت
المقاومة ستكشف لاحقاً عن هويات القتلى الأربعة الآخرين بعد التحقق من هوياتهم، وإن عدد الأسرى الإسرائيليين الذين فقدوا حياتهم نتيجة للعمليات العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة قد يتجاوز 70 أسيرًا، كما أن المقاومة كانت دائمًا تحرص على الحفاظ على حياة الأسرى، في حين أظهرت قيادة الاحتلال وضوحًا في قتل أسراها بغية التخلص من هذا القضايا، وقد شدد الناطق العسكري باسم كتائب القسّام على أن "الثمن الذي سنفرضه في صفقة تبادل قد يكون متساويًا، سواء كان يتعلق بخمسة أو عشرة أسرى أحياء، وهو الثمن نفسه الذي كنا سنفرضه في صفقة تبادل لكل الأسرى لولا عمليات القصف التي قتل بها العدو الأسرى".
وبشدة، أكدت كتائب القسّام أن "سبعة من الأسرى قتلوا بسلاح جيش الاحتلال"، وفي أعقاب تصريحات أبو عبيدة، قامت كتائب القسّام بنشر مقطع مصور للأسرى، يتضمن ثلاث عبارات مكتوبة باللغة العربية والإنجليزية والعبرية، وجاء في العبارات: "على الرغم من حرصنا على المحافظة على حياتهم، إلا أن نتنياهو لا يزال يصر على قتلهم، سبعتهم قتلوا بسلاح جيشكم"، ورغم أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي أعلنتا منذ البداية عن استعدادهما لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في حال توافرت الشروط المناسبة، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بغطرسته المعهودة، لم يأخذ في اعتباره تحذيرات حركة المقاومة.
ويتحمل نتنياهو ووزراؤه المتطرفون المسؤولية الكاملة عن هذا القرار، فقد كان نتنياهو يعتبر هؤلاء الأسرى عبئاً في حربه الشخصية، وتبدو تصرفاته تجاههم واضحة في هذا السياق، وبالنظر إلى الوضع السابق، يمكن التحليل أنه رغم التصريحات السابقة من حركتي حماس والجهاد الإسلامي بشأن استعدادهما لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بشروط محددة، إلا أن بنيامين نتنياهو، برئاسة عاداته العادية، لم يعتمد على تحذيرات حركة المقاومة.
وبلا شك، تأتي رسائل "القسام" ضمن سياق الحرب النفسية التي يشنها الجناح العسكري لحركة "حماس"، بهدف تحريض الرأي العام وعائلات الأسرى ضد الحكومة والجيش الاحتلاليين، ويتم تداول هذه الرسائل كجزء من استراتيجية ناجحة لتحقيق أهدافها، وفي سياق متصل، فإن حماس مستعدة لكل المبادرات التي تساعد في وقف العدوان على الشعب في غزة، مع التأكيد على أن الاحتلال لن يتمكن من إطلاق سراح الأسرى أحياء قبل وقف العدوان ودفع الثمن.
وإن الرسالة التي وجهتها كتائب القسام لأهالي الجنود الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة تعد أكثر قسوة وإيلامًا من مشاهد التدمير التي تنقلها المقاومة، وسيكون لها تأثير واسع في المجتمع الإسرائيلي، وفي السياق نفسه، بثت كتائب القسام مقطع فيديو يحتوي على رسالة تحذير موجهة إلى عائلات جنود الاحتلال المحتجزين في قطاع غزة، مشيرة إلى أن رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو لا يُبالي بحياة ذويهم.
ويُعتبر أن نتنياهو يعاني من مشكلات شخصية مرتبطة بمحاكمته في قضايا الفساد، وهو ما يظهر برأي البعض في تفضيله الهروب إلى الأمام، حيث يضع مصالحه الشخصية فوق كل اعتبار، ولذلك، فإن هذه الرسالة التي وجهتها كتائب القسام إلى أهالي الجنود الأسرى كان لها تأثير أكبر من مقاطع القسام الأخرى، حيث تتضمن إشارة واضحة إلى أن نتنياهو يعاني من عقدة نفسية تعود إلى عام 1976 حيث قتل شقيقه يوناتان، وتعكس الرسالة عدم اهتمام نتنياهو بحياة الجنود المحتجزين ورغبته في تحميل الآخرين ما عاناه بمقتل أخيه، ويُتوقع أن تحظى هذه الرسالة بصدى داخل المجتمع الإسرائيلي.
وسائل التواصل تفضح نتنياهو
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا أساسيًا في نقل الرسائل من الجانب الفلسطيني وفضح جرائم نتنياهو دون تصفية عبر وسائل الإعلام التقليدية التي تركز على الرواية الإسرائيلية الرسمية، ويُتوقع أن تكون مشاهد الجنود الأسرى لها تأثير كبير على الإسرائيليين، وخاصة في ظل أزمة الثقة بين أهالي المحتجزين وحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وبالنظر إلى التأثير المحتمل للرسالة في المجتمع الإسرائيلي، يظهر الواقع عدم اهتمام نتنياهو بحياة الجنود المحتجزين، ويعكس هذا النوع من الرسائل تشدد حماس في استراتيجيتها الإعلامية والنفسية القوية للتأثير في الرأي العام الإسرائيلي، وتبدو الإستراتيجية الجديدة التي يعتمدها جيش الاحتلال الإسرائيلي كتغيير استراتيجي في إدارة المعركة.
ونتيجة لهذا، أصبحت إخفاقات الكيان الصهيوني وحكومة الحرب الآن فاضحة لدرجة أن وزراءه يعبرون عن اشمئزازهم منها، ويبدو أن تل أبيب ستتحرك نحو الاتفاق رغمًا عنها، ولن تقوم قائمة لنتنياهو بعد حرب غزة بكل تشعباتها، وسيفهم الإسرائيليون بعد تجاربهم أنها أكبر عقبة في طريقهم، وتظهر المعلومات أن الوقائع والفيديوهات التي يقدمها الجانب الفلسطيني، وخاصةً الفصائل المقاومة، تلقى تفاعلًا كبيرًا من قبل الجمهور الإسرائيلي، ومشاهد الجنود الإسرائيليين المحتجزين وتصريحاتهم يُمكن أن تقلب الرأي العام بمجمله وتشكل عاملًا مهمًا في تشكيل الرأي الإسرائيلي بشأن الحرب في قطاع غزة.
ومن الواضح أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا كبيرًا في نقل هذه الرسائل وتأثيرها، حيث يمكن للمعلومات والفيديوهات التي يتم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن تصل إلى الجماهير بسرعة ودون تصفية من خلال وسائل الإعلام التقليدية، هذا يمكن أن يتسبب في تأزم الوضع السياسي والعسكري في "إسرائيل" بأضعاف، وخاصة في ظل الفشل الذريع لحكومة الحرب الإسرائيلية، بالتزامن مع ارتكاب أبشع المجازر بحق الفلسطينيين.