الوقت- على الرغم من أن الحرب في غزة والتطورات المتعلقة بها تجري على الأرض، إلا أن جزءا آخر من تطورات الحرب في غزة يرتبط بالحرب النفسية التي شملت مختلف أطراف هذه الحرب، حيث أظهرت الاحتجاجات العالمية الكبيرة في مدن مختلفة من العالم من أوروبا إلى أمريكا دعماً لغزة وإدانة الإبادة الجماعية التي ارتكبها الكيان الصهيوني، وإن "إسرائيل"، خلافاً للفكرة الأولية لقادة تل أبيب، قد منيت بهزيمة ثقيلة في الحرب النفسية، والرأي العام العالمي محتشد بقوة ضد الصهاينة هذه الأيام، وقد وصلت معارضة الحرب والإبادة الجماعية في غزة إلى تل أبيب نفسها، حيث يطالب العديد من المواطنين الصهاينة الآن بإنهاء الحرب والمفاوضات مع حماس، ومن ناحية أخرى، على الجبهة الشمالية، تسير التطورات ضد إرادة "إسرائيل"، ويشعر العديد من الصهاينة الآن بالقلق من الدخول في حرب قاسية مع حزب الله بعد الحرب في غزة.
خشية الصهاينة من اندلاع حرب واسعة النطاق في جنوب لبنان
في الأيام الأخيرة، زاد حزب الله اللبناني من هجماته بطائرات دون طيار وصواريخ على الجبهة الشمالية، ومؤخرا، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين صهاينة قولهم إن الجيش الإسرائيلي نشر أكثر من 100 ألف جندي على طول الحدود مع لبنان. وفي وقت سابق، ذكرت وسائل الإعلام العبرية، في اعتراف منها بقوة حزب الله اللبناني على الجبهة الشمالية، أن حزب الله أعاد نظام الاستخبارات الإسرائيلي في الشمال إلى العصر الحجري، وأعلن كوبي ميروم، مراسل القناة 12 التابعة للكيان الصهيوني، أن حزب الله حقق العديد من الإنجازات لدى الرأي العام، من بينها أن 70 ألف مستوطن تركوا منازلهم في القطاع الشمالي وما زال مئات الآلاف الآخرين تحت تهديد هجمات حزب الله الصاروخية.
إن الخوف والتحذير من المواجهة مع حزب الله، وإخلاء المستوطنات الشمالية من المناطق المحتلة، هو المؤشر الأوضح على نجاح حزب الله في الحرب النفسية ضد الصهاينة، والحقيقة أن حزب الله نجح في تحقيق الردع المنشود ضد المحتلين الصهاينة في الحرب النفسية، لدرجة أن العديد من الخبراء الصهاينة يعتبرون أن مواجهة الجيش الإسرائيلي مع حزب الله تضر بـ"إسرائيل" نفسها، ويحذرون من الدخول في حرب واسعة النطاق مع جنوب لبنان.
وقبل أسبوعين، قال "مئير شتريت"، الوزير السابق في حكومة الكيان الصهيوني، إنه إذا بدأت الحرب مع لبنان، فإن صواريخ حزب الله لن تصل إلى كريات شمونه فقط، بل ستصل إلى تل أبيب وديمونة وأي نقطة في عمق "إسرائيل"، واعترف هذا المسؤول السابق في الكيان الصهيوني، في مقابلة مع قناة "كان" الفضائية العبرية حول تعقيدات الوضع على حدود فلسطين ولبنان، بأهمية الترسانة الصاروخية لحزب الله اللبناني وقال: "حزب الله يمتلك صواريخ بعيدة المدى ودقيقة تعمل بنظام تحديد المواقع العالمي GPS وهذا أخطر موضوع.
وقبل ذلك، أعلن معهد "ألما" البحثي التابع للكيان الصهيوني، أن تقدم حزب الله وتجهيزه بأنظمة أسلحة دقيقة، هو أمر مؤكد ومنهجي وسريع للغاية، كما كتبت صحيفة هآرتس الناطقة بالعبرية أن استخدام حزب الله للصواريخ المضادة للدبابات واستخدامها كأسلحة قنص هو عمل غير مسبوق في الأراضي المحتلة وربما في العالم.
رسالة ذات معنى إلى جهاز التجسس في تل أبيب
ونشرت المقاومة الإسلامية اللبنانية، أمس، في تقرير لها مشاهد العملية التي استهدفت القبة التجسسية في قاعدة "جل العلام" العسكرية التابعة لجيش الكيان الإسرائيلي المحتل، وجاء في فيلم توثيق الاستهداف الذي نشرته المقاومة الإسلامية اللبنانية أن هذه العملية تمت باستخدام صاروخ موجه خاص، وفي هذا السياق، تشير معلومات الميادين إلى أن الصاروخ الذي كشفت عنه المقاومة قادر على ضرب أهداف غير مرئية وتقديم إحداثيات قد لا ترصدها الطائرات المسيرة.
وقال حزب الله اللبناني إنه استهدف مقرات أجهزة تجسس الكيان الإسرائيلي في قاعدة "زرعيت" الواقعة شمال فلسطين المحتلة، ويظهر استهداف حزب الله لهذه القاعدة أنه في حال نشوب حرب واسعة النطاق، حتى جهاز مخابرات الكيان الصهيوني لن يكون في مأمن من صواريخ حزب الله.
تفاصيل جديدة عن الصاروخ الموجه لحزب الله
وفيما يتعلق بخصائص الصاروخ الذي يستخدمه حزب الله ضد منظومة التجسس الإسرائيلية، تشير المعلومات إلى أن جسم الصاروخ مجوف وله رأس يحمل متفجرات، وهذا ما يضمن قدرته العالية على الاختراق، ويمكن تعديل الرأس المتفجر لهذا الصاروخ مثل صاروخ كورنيت، وفي الوقت نفسه، يمكن استخدام هذا الصاروخ في المناورات البرية وأثناء عمليات الاشتباك، وحسب تقرير الميادين فإن هذا الصاروخ يمكن إطلاقه من منصة ثابتة، أو من منصة إطلاق متحركة، وكذلك من طائرة مسيرة خاصة، فيما يعمل هذا الصاروخ عن طريق التوجيه التلفزيوني ويمكن توجيهه بالليزر.
وأظهرت معلومات "الميادين" حول تصوير الصاروخ وتوثيق عملية إطلاقه ومروره بالجدار العازل وإصابة الهدف، أن الكاميرا كانت ضمن عملية التحكم بالصاروخ الذي أطلق على قاعدة "جل العلام" الصهيونية، وأكدت شبكة الميادين أن هذا الصاروخ يضرب الأهداف من خلال التوجيه التلفزيوني والكاميرا جزء من هيكله، وأشارت إلى أن هذا النظام الصاروخي ذا التوجيه التلفزيوني حدد واستهدف عدداً من النقاط المرتبطة بخليج ليمان وشلومي.
وأعرب خبراء عسكريون، بينهم جنود الكيان الصهيوني، عن قلقهم إزاء الفيديو المنشور، ويعتقدون أن هذا الصاروخ ينتمي إلى عائلة صواريخ "دايموند" الإيرانية أو صواريخ مماثلة تصنعها المقاومة الإسلامية لمواجهة صواريخ "سبايك" للكيان الإسرائيلي، وحسب ما ورد في عدد من المواقع والصفحات المتعلقة بالشأن العسكري، فإن قرار صناعة هذه الصواريخ تم اتخاذه في العقد الأخير، وخاصة أن عدة أجيال منها تم تصميمها وتصنيعها بعدة أنواع وأحجام مع وجود رأس حربي يحمل مادة متفجرة حجمها من 1.5 إلى 15 كجم وجهاز اتصال وتوجيه (ليزر - لاسلكي - تلفزيون / منفصل - متصل بمنصة الإطلاق) وجهاز مراقبة (كهروضوئي وحراري) ومدى من 5 إلى 15 كم من مميزات هذا الصاروخ، وقال عباس فنيش، المحلل اللبناني في شبكة الميادين، إن نهج المقاومة اللبنانية يتغير من العمليات "الفعالة كميا" إلى العمليات "الفعالة نوعيا" على أساس الاحتياجات الميدانية.
الاعتراف بنجاح السيد حسن نصر الله في الحرب النفسية
"رون شليفر"، خبير ومتخصص في الحرب النفسية في الكيان الصهيوني، شغل سابقًا منصب نائب رئيس قسم الإعلام في كلية "يهودا والسامرة" (الضفة الغربية) وكان أستاذًا في جامعة "بار إيلان"، قال في مجال مهارات حزب الله والسيد حسن نصر الله في الحرب النفسية لصحيفة "هآرتس": "بفضل نصر الله فهمنا أن الحرب النفسية مهمة وأن قذائف الهاون والغارات الجوية وحدها ليست حاسمة في الحرب، حيث يركز الأمين العام لحزب الله على هذه الحرب ضد "إسرائيل" الفكرة الأساسية في الحرب النفسية هي: "إذا لم تكن قادرا على التأثير على سلاح عدوك، عليك التأثير على الإصبع الذي يوضع على الزناد"، ونصر الله أستاذ في هذا الأمر، وقال: "المأساة الأكبر هي أننا نعتبر العالم العربي متخلفا، لكننا مخطئون جدا، فالعالم العربي مليء بوسائل الاتصال، والحرب النفسية بعد آخر تحتاجه الحرب".