الوقت- أكدت وسائل إعلام أمريكية أن جماعة أنصار الله في اليمن كانت هدفا للقنابل الأمريكية لمدة 9 سنوات، لكن نتيجة الحرب هي استقرار موقعهم وترسانتهم الصاروخية، ولذلك يجب على أمريكا أن تتجنب الوقوع في فخ الحرب، وقد كتب أحد المحافظين الأمريكيين: "في حال المواجهة مع القوات الوكيلة لإيران في العراق وسوريا واليمن ولبنان، ستنتظر أمريكا مستنقعات كثيرة، وستتضرر مصالح أمريكا من خلال مغامرات مؤسفة في هذه الأجزاء من المنطقة".
ومنذ عام 2019، تستعيد الولايات المتحدة قواعد لعب مماثلة في التعامل مع وكلاء إيران: فرض عقوبات عليهم، ومهاجمتهم، والانتظار حتى يردوا، ومنذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) (هجوم حماس على إسرائيل)، تم تنفيذ 134 هجوماً على القوات الأمريكية، ولكن عدم الإعلان عن خسائر بشرية أدى إلى إبقاء تصعيد التوتر منخفضا، لكن الظروف وغياب الحذر ساهمت في تشكيل هذه النتيجة، وقد زود عشرات الآلاف من المقاتلين الموالين في العراق إيران بالقدرة على تزويدهم بطائرات دون طيار وصواريخ متطورة في فترة زمنية قصيرة، وتمتلك إيران أيضًا أنظمة أكثر تقدمًا لذلك القوات الأمريكية ذات التغطية الدفاعية الجوية المحدودة في البادية السورية ستدفع ثمن الوضع الأمريكي الحالي.
بعد الهجمات الصاروخية على لبنان واغتيال أحد قادة حماس، قد تمتد الحرب الإسرائيلية إلى الجبهة الثانية في لبنان، ونظراً للصراع العنيف الذي تعيشه "إسرائيل" على جبهة غزة وأدائها الهزيل في حرب عام 2006، فمن المرجح أن يكون للهجوم على لبنان نتيجة ضعيفة، بالإضافة إلى ذلك، نمت قدرات حزب الله بشكل هائل سواء من حيث العمق أو الجودة، ولذلك فإن الصراع سيكون مكلفا للغاية.
لقد تم استهداف جماعة أنصار الله في اليمن بقنابل أمريكية الصنع منذ ما يقرب من 9 سنوات، وقد أدى هذا الوضع إلى استقرار موقفهم وتعزيز ترسانتهم الصاروخية، وإن المزيد من التدخل الأمريكي في اليمن لن يؤدي إلى نتيجة مختلفة، وربما يشجع أنصار الله على تكثيف الهجمات الانتقامية على السفن، وفي استمرار المواجهات في البحر الأحمر، تصرفت إيران بجرأة أكبر وأرسلت سفينة حربية، ومن المحتمل أن توفر تلك السفينة الدعم الاستخباراتي لأنصار الله وتشير إلى استعدادهم لخوض المزيد من المخاطر.
ويجب على الولايات المتحدة أن تأخذ هذه الإشارة كما هي، ولم تردع الاستراتيجية الأمريكية إيران أو وكلاءها عن اتخاذ المزيد من الإجراءات، وكلما طال أمد الوضع الحالي في البحر الأحمر، كلما اضطرت المزيد من السفن إلى تغيير مسارها وسيتم التشكيك في مصالح أمريكا، حيث إن المواجهة المباشرة تشكل خطرا، فقد أدى التفجير الأخير في كرمان إلى مقتل 100 مدني، ومن المرجح أن يؤدي استهداف المدنيين إلى تأجيج التوترات، لذلك ينبغي على الولايات المتحدة أن تفتح قنوات خلفية لخفض التصعيد بينما يتمتع كلا البلدين بالقدرة السياسية اللازمة للقيام بذلك.
إن الولايات المتحدة معرضة لخطر الوقوع في الحرب من خلال تصعيد التوترات مع وكلاء إيران، حيث حققت مهمة مكافحة "داعش" في العراق وسوريا هدفها المتمثل في إخراج "داعش" من أراضي ذلك البلد، والآن يجب على القوات الأمريكية أن تنسحب من العراق، وفي اليمن، ربما لا يكون من الممكن إجبار أنصار الله على تغيير سلوكهم، وربما يجبرهم تصاعد التوترات على المزيد من تعطيل طرق النقل، و إن المكافآت التي ستجنيها الولايات المتحدة من البقاء في المنطقة هي "غير ملموسة، ومشكوك فيها، ووهمية إلى حد كبير" لكن مخاطر البقاء "دموية ومكلفة وكارثية".
أمريكا والغرب مسؤولون عن المجازر في اليمن
كما أن هناك تقارير مؤكدة تؤكد دور أمريكا في حرب اليمن، على سبيل المثال، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بعد أقل من عام من بدء الحرب في اليمن، حذرت هيومن رايتس ووتش من أن الولايات المتحدة قد تكون مسؤولة عن انتهاك قوانين الحرب في اليمن، وتضيف هيومن رايتس ووتش في هذا التقرير أنه رغم نفي الولايات المتحدة، فإننا نعتبرها أحد أطراف النزاع بسبب الدور المباشر للقوات الأمريكية في العمليات العسكرية في اليمن.
هيومن رايتس ووتش ليست المنظمة الوحيدة التي أثارت مخاوف بشأن مسؤولية الولايات المتحدة المحتملة عن جرائم الحرب في اليمن، ففي سبتمبر/أيلول 2016، جادل رايان جودمان، المحامي السابق بوزارة الدفاع والأستاذ بجامعة نيويورك، في منشور على مدونة حول المسؤولية القانونية للموظفين الأمريكيين في حرب اليمن، وعلى الرغم من أنه لم يتخذ أي موقف، فقد خلص إلى أن الدولة التي تساعد دولة أخرى في الحرب تتعرض لخطر التواطؤ في جرائم الحرب بموجب القانون الدولي.
كما أنه في العام الماضي عند انتهاء الحرب في اليمن وقبل أشهر قليلة من وقف إطلاق النار، وحسب إعلان وزارة الدفاع الأمريكية، وافقت وزارة خارجية هذا البلد على عقد محتمل لتقديم برامج تدريب عسكري للسعودية بسعر يقدر بمليار دولار، كما دعمت الحكومة البريطانية هذا التحالف المعتدي من خلال بيع أسلحة بمليارات الجنيهات الاسترلينية، كما أكدت المجموعات المناهضة لتجارة الأسلحة في جميع أنحاء أوروبا على دور عدد من الدول الأوروبية الأخرى في استمرار الحرب في اليمن، لكن أكثر من نصف الطائرات الحربية التي يستخدمها التحالف السعودي في قصف اليمن تأتي من بريطانيا.
خطوط أنصار الله وشعارهم ضد التهديدات
وتأتي التحركات الأمريكية للقيام بعمل عسكري ضد أنصار الله في ظل ظروف يحذر فيها اليمنيون أعضاء التحالف الأمريكي كل يوم من استعدادهم للرد على التهديدات، و حذر مسؤول يمني، السبت، من أن أي دولة تشارك في التحالف الأمريكي في البحر الأحمر ستفقد أمنها البحري، وبعد ادعاء وسائل إعلام أمريكية وجود تخطيط أمريكي محتمل لمهاجمة مواقع الجيش اليمني، أكد المتحدث باسم هذه الحركة محمد عبد السلام أن الشعب اليمني لا يقبل لغة التهديد.
وفي الأشهر الثلاثة الماضية أثبت قادة صنعاء أنهم لا يخافون من تهديدات البيت الأبيض وتل أبيب، ومتى أرادوا ردوا على السفن الصهيونية والسفن الأمريكية، وفي هذا الصدد، وفور التهديد العملي والرد الناري للجيش الوطني اليمني على رسالة التهديد الأمريكية، انفجر زورق يمني دون طيار بالقرب من موقع الطراد الأمريكي في البحر الأحمر، وعلى متنه براد كوبر قائده، وأعلن قائد الأسطول البحري الخامس للجيش الأمريكي، أن هذا القارب كان مليئا بالمتفجرات، لكن السفينة وطاقمها لم يصابوا بأذى.
ويبدو أن إرسال هذه القارب دون طيار هو رسالة تحذيرية يوجهها أنصار الله لتصرفات الولايات المتحدة وحلفائها، ويظهر أن صنعاء جاهزة لسيناريوهات تصعيد الصراع، ومن المؤكد أن دخانه سيبلغ عيون السفن التجارية للدول الأخرى، ورغم التحذيرات الأمريكية ومحاولة مهاجمة مواقع الجيش اليمني، إلا أن المؤكد هذه الأيام أن أنصار الله لهم الكلمة الأولى والأخيرة في البحر الأحمر، وتغيير مسار السفن التجارية من البحر الأحمر قد أجبر الشركات الأجنبية الموجودة في هذه المنطقة الزرقاء على قبول هذه التهديدات.
إن قادة صنعاء قاتلوا لمدة 9 سنوات ضد التحالف السعودي الذي كان مزودا بأسلحة الغرب المتقدمة، والآن وصلوا إلى مستوى من القدرة العسكرية التي جعلت السعودية تبحث عن اتفاق سلام للهروب من الأزمة من أجل تجنب الهجمات الصاروخية لأنصار الله، وقالت قوات أنصار الله مرارا وتكرارا إنه طالما استمرت الهجمات الصهيونية على غزة، فإنها ستواصل مهاجمة السفن الصهيونية، وفي الأشهر الأخيرة، ركز اليمنيون هجماتهم فقط على سفن نظام الاحتلال، ولا يوجد أي تهديد للسفن التجارية الأخرى في البحر الأحمر، والآن أخذ أنصار الله زمام المبادرة في البحر الأحمر ويتمتعون بتأييد شعبي واسع النطاق، ما يجعلهم أكثر إصراراً على مواجهة المغامرة الأمريكية، ويرى بعض الخبراء أن أمريكا قد تنفذ هجمات محدودة على بعض المواقع في اليمن للدفاع عن مصالح الكيان الصهيوني، لكن هذه الهجمات سيكون لها في النهاية تأثير سلبي وبدلا من إجبار أنصار الله على التراجع، ستزيد هذه الحركة من هجماتها ضد السفن الصهيونية وباتجاه الأراضي المحتلة ، وإن تصاعد التوترات سيضر بالأمن البحري.
