الوقت- في الفترة الماضية، أعلنت حركة حماس أن "طوفان الأقصى" كانت "خطوة ضرورية ورد فعل طبيعياً" في مواجهة مخططات "إسرائيل" لتصفية القضية الفلسطينية، مطالبة بوقف فوري للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وجاء هذا التصريح في وثيقة طويلة تتألف من 18 صفحة بعنوان "هذه روايتنا،، لماذا طوفان الأقصى"، تم توزيعها باللغتين العربية والإنجليزية، وفي هذه الوثيقة، أكدت حماس أن "معركة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال والاستعمار لم تنطلق في 7 أكتوبر 2023، بل بدأت منذ 105 أعوام من الاحتلال؛ 30 عامًا تحت الاستعمار البريطاني و75 عامًا من الاحتلال الصهيوني"، وأوضحت الحركة أن "عملية طوفان الأقصى كانت خطوة ضرورية ورد فعل طبيعياً لمواجهة المخططات الإسرائيلية التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على الأرض وتهويدها، وحسم السيادة على المسجد الأقصى والأماكن المقدسة، وإنهاء الحصار الجائر على قطاع غزة"، وأضافت الوثيقة إن الهدف الرئيسي والنهائي لحماس هو "إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتحديد عاصمتها في القدس".
لماذا معركة طوفان الأقصى
في وثيقتها، نفت حركة حماس بشدة التقارير الإسرائيلية التي اتهمتها باستهداف المدنيين خلال الهجوم، وأكدت أن "تجنب استهداف المدنيين، وخصوصا النساء والأطفال وكبار السن، هو التزام ديني وأخلاقي يتربى عليه أبناء حماس"، مضيفة إن "مقاومتنا منضبطة"، وعلى الرغم من ذلك، أشارت إلى عدم امتلاكها لـ "أسلحة دقيقة"، مؤكدة أن أي ضرر قد يطال المدنيين ليس مقصودًا، وأكدت أن ما تروج له "إسرائيل" حول استهداف مقاتلي حماس للمدنيين الإسرائيليين هو "افتراء وكذب"، مشيرة إلى أن "مصادر المعلومات التي تدعي ذلك هي مصادر إسرائيلية، ولا توجد مصادر مستقلة تؤكد صحة مزاعمها"، وأضافت حماس قائلة: "ربما يكون قد حدث بعض الخلل بسبب انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بشكل كامل وسريع، وحدوث بعض الفوضى نتيجة الاختراقات الواسعة في السياج الفاصل.
وسبق لمصادر في حماس أن صرحت بأن عددًا من سكان قطاع غزة استغلوا الفوضى التي رافقت هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر وعبروا إلى "إسرائيل" في ذلك اليوم، وطالبت حماس بـ "وقف العدوان الإسرائيلي فورًا" على قطاع غزة ووقف "الجرائم والإبادة الجماعية"، داعية إلى فتح المعابر ورفع الحصار عن قطاع غزة وإدخال المساعدات، مع رفضها أي مشاريع دولية وإسرائيلية تسعى لتحديد مستقبل قطاع غزة، بما يتناسب مع معايير الاحتلال ويكرّس استمراره، والتشديد على أن الشعب الفلسطيني يملك القدرة والكفاءة في أن يقرّر مستقبله بنفسه"، وأنه "لا يجوز لأحد أن يفرض الوصاية عليه.
وتأتي هذه التصريحات في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزَّة والضفة الغربية، حيث يواصل الشعب الفلسطيني نضاله من أجل الحرية والكرامة والتحرر من الاحتلال، وأكدت حماس أن الشعب الفلسطيني يقدم أروع الأمثلة في البطولة والتضحية والصمود أمام آلة البطش والعدوان، وفي هذا السياق، أوضحت الحركة أنها ترغب في توضيح الحقائق حول ما جرى في السابع من أكتوبر، وتوضيح سياقه المرتبط بالقضية الوطنية الفلسطينية، مُدحضةً زعم المزاعم الصهيونية ووضع الحقائق في نصابها الصحيح، وفي جوابها عن سؤال "لماذا معركة طوفان الأقصى؟" تشير حركة حماس إلى أن معركة الشعب الفلسطيني مع الاحتلال والاستعمار لم تنطلق في 7 أكتوبر 2023، بل بدأت قبل ذلك منذ 105 أعوام من الاحتلال؛ حيث كان للشعب الفلسطيني، في عام 1918، ملكية لـ 98،5% من أرض فلسطين وأغلبية السكان بنسبة 92%، يأتي هذا في مقابل ما كان لليهود آنذاك، حيث جاء معظمهم عبر الهجرات الاستيطانية المبكرة، حتى عام 1948، وقبل إنشاء الكيان الصهيوني، لم يتمكن الصهاينة إلا من السيطرة على 6% من الأرض وأن يكونوا 31،7% من السكان.
ورغم أن الاستعمار البريطاني فتح أبواب فلسطين لهجرة اليهود وسعى لتوفير بيئة مناسبة لهم، فإن الصهاينة لم يتمكنوا سوى من السيطرة على نسبة صغيرة من الأرض، وقد حرم الشعب الفلسطيني من حق تقرير المصير، حيث قامت العصابات الصهيونية بارتكاب مجازر وتطهير عرقي، ما أدى إلى سيطرتها بالقوة على 77% من أرض فلسطين، وتهجير أكثر من 57% من شعب فلسطين وتدمير أكثر من 500 قرية وبلدة، وفي عام 1967، احتلت القوات الإسرائيلية باقي أرض فلسطين، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، فضلاً عن أراضٍ عربية أخرى.
وإن الاحتلال الإسرائيلي وفظائعه أدينا من قبل مؤسسات الأمم المتحدة ولجان التحقيق والمحاكم الدولية ومنظمات حقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية و(هيومن رايتس ووتش)، بالإضافة إلى منظمات إسرائيلية وفلسطينية متخصصة معروفة بالكفاءة والنزاهة، ورغم توثيق هذه الانتهاكات، فإنها لا تواجه مساءلة أو عقوبات، على سبيل المثال، في 29 أكتوبر 2021، قام السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة (جلعاد أردان) بتمزيق تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمام ممثلي دول العالم، ما يعكس استهتاره بمؤسسات الأمم المتحدة، وفي السنة التالية، انتُخِب (أردان) نائبًا لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة.
والولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون يتعاملون مع "إسرائيل" على أنها "دولة فوق القانون"، ويقدمون الدعم اللازم لاستمرار احتلالها وقمعها للشعب الفلسطيني ومصادرة المزيد من أرضه ومقدساته وتهويدها، كما يسعون لفرض ظروف معيشية قاسية وبيئات طاردة، محاولين في الوقت نفسه تهجير شعب فلسطين وإجباره على مغادرة أرض الوطن، على الرغم من أن الأمم المتحدة أصدرت أكثر من 900 قرار لمصلحة الشعب الفلسطيني على مدى 75 عامًا، إلا أن "إسرائيل" رفضت تنفيذ أي منها، وكان الفيتو الأمريكي الغربي يعتبر دائمًا عائقًا لأي محاولة لإجبار "إسرائيل" على الامتثال للقرارات أو إدانة سلوكها، وبالتالي، تظل هذه الدول متواطئة ومتورطة وشريكًا كاملًا في جرائم الاحتلال واستمرار معاناة الشعب الفلسطيني.
وحتى فيما يتعلق بمسار التسوية السلمية، فقد تم التوقيع على اتفاق أوسلو في عام 1993 مع منظمة التحرير الفلسطينية، الذي كان يهدف إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومع ذلك، قامت "إسرائيل" عملياً بتدمير فرص إقامة دولة فلسطينية من خلال حملة شرسة لتوسيع الاستيطان وتهويد المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية، وخاصةً في المناطق الشرقية من القدس، وبعد 30 عامًا من المحاولات، أكد مؤيدو مسار التسوية أنهم يواجهون حائطًا مسدودًا، وأن هذا المسار أسفر عن نتائج كارثية بالنسبة لقضية فلسطين، وأكد المسؤولون الإسرائيليون رفضهم القطعي لقيام دولة فلسطينية، وفي خطاب ألقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الأمم المتحدة في سبتمبر 2023، قدم خريطة لكامل فلسطين التاريخية بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة، ملونة بلون واحد وعليها اسم "إسرائيل"، ولم يتحرك المجتمع الدولي رغم هذه العنجهية الإسرائيلية واستمرارها في مصادرة إرادة المجتمع الدولي وإنكار حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته، وحقه في تقرير المصير.
مواجهة مخططات الكيان الإسرائيليّ
بعد أكثر من 75 عامًا من الاحتلال والمعاناة، وفشل أي أمل في التحرير والعودة، ونتائج كارثية لمسار التسوية السلمية، كان العالم يتوقع من شعبنا مواجهة المخططات التي تستهدف التهويد والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، والتصاعد الاستفزازي للاستيطانيين للمسجد الأقصى، وكذلك، في مواجهة ممارسات ائتلاف اليمين الصهيوني الأكثر تطرفًا، الذي باشر عملياً معركة حسم للسيطرة على الضفة الغربية من خلال خطة الضم وحملة لتحقيق السيادة على القدس والمقدسات، وخطة لطرد شعبنا وتهجيره من الضفة الغربية.
وكيف يمكن للشعب أن يجبر الاحتلال على إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يقبعون في سجونه، وخاصةً بعد التنكيل البشع الذي تعرضوا له في ظل حكومة نتنياهو وبن غفير، وفي مواجهة الحصار الجائر على قطاع غزة، الذي أدى إلى موت بطيء للسكان هناك، وماذا يفعل الشعب في مواجهة التوسع الاستيطاني الذي يتسارع في الضفة الغربية، وفي مواجهة عنف المستوطنين وجرائمهم التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، وكيف يمكن للشعب تحقيق أمل 7 ملايين فلسطيني في العودة إلى ديارهم بعد 75 عامًا من النفي والتشرد، وفي ظل عجز المجتمع الدولي وتواطؤ بعض الدول الكبرى في منع تحقيق حلمهم بالدولة، يتعين على الشعب أن يتخذ موقفًا للدفاع عن أرضه وحقوقه ومقدساته، حقًا مكفولًا في القانون الدولي والشرائع والأعراف البشرية.
ويتبيّن أن عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023 كانت خطوة ضرورية واستجابة طبيعية لمواجهة المخططات الإسرائيلية التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وكانت هذه العملية تستهدف حسم السيادة على المسجد الأقصى والمقدسات، وإنهاء الحصار الجائر على قطاع غزة، والتصدي لمخططات السيطرة والتهويد على الأرض، وبالإضافة إلى ذلك، تعدّ هذه الخطوة جزءًا من السعي للتخلص من الاحتلال واستعادة الحقوق الوطنية، وتحقيق الاستقلال والحرية على غرار باقي شعوب العالم، وتأتي هذه الخطوة كجزء من حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، والتي ستكون عاصمتها القدس.
وبخصوص الأحداث التي جرت في 7 أكتوبر وردًّا على ادّعاءات الاحتلال، وفي ظل الاتهامات والادعاءات الإسرائيلية الملفّقة، يُؤكد أن أحداث 7 أكتوبر والتطورات التي تلتها كانت ردًّا على أكاذيب الاحتلال، وإن توثيق الحركة والمقاومة الفلسطينية يظهر أن العملية كانت مُنفذة بشكل دقيق ومنظم، وتجنبت استهداف المدنيين، مع التأكيد على أن مقاومتها تلتزم بالأخلاق والقيم الدينية، علمًا أن حماس نفت بشدة التقارير الإسرائيلية حول استهدافها مدنيين وأكدت أن أي انحراف قد يحدث لا يكون مقصودًا، كما شددت على أن التصعيد الإسرائيلي والادعاءات بشأن استهداف المدنيين هي محاولات لتشويه صورة المقاومة الفلسطينية، دون وجود مصادر مستقلة تؤكد صحة هذه الادعاءات.
حركة حماس تعرف بأنها حركة تحرير وطنية ذات فكر إسلامي معتدل، وتتميز برفض التطرف والالتزام بقيم الحق والعدل والحرية، مع تأكيد على حرمة الظلم، كما تعتبر الحركة أن للحرية الدينية حقوقها، وتؤمن بالتعايش الإنساني الحضاري، وترفض الإكراه الديني، مع رفض أي اضطهاد على أساس قومي أو ديني أو طائفي، وحماس تؤكد أن الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعًا مع اليهود بسبب ديانتهم، وأنها لا تخوض صراعًا ضد اليهود بسبب ديانتهم، بل تعارض الصهاينة كمحتلين يعتدون على حقوق الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، ويشددون على أن الصهاينة هم الذين يتبنون دعاوى دينية ويفرضون الطابع اليهودي على الكيان بناءً على خلفيات دينية وقومية، يركزون على أن دول الاحتلال هي الكيان الوحيد في العالم الذي يقوم على أساس ديني، ويمنح الجنسية لكل يهودي في العالم، ويمارس الهوس الديني في تشكيل هويتها الوطنية، ويحجب حقوق الشعب الفلسطيني ويهوّد أرضه ومقدساته بمبررات دينية وقومية.
وإنّ البيان الذي قدمته حركة حماس يركز على عدة نقاط مهمة، مثل وقوف الشعب الفلسطيني ضد الاضطهاد والظلم ورفض ارتكاب المذابح والمجازر بحق المدنيين، بغض النظر عن من يكونون، ويشير البيان إلى التاريخ الطويل للتعايش الإنساني والحضاري في البيئة العربية والإسلامية، ويعتبره نموذجًا للتعايش والتفاعل الحضاري والحريات الدينية، ورفض استغلال معاناة اليهود في أوروبا لتبرير قهر شعب فلسطين واحتلال أرضهم واستنزاف حقوقهم وقتل أفراد شعبهم، كما أن حماس هي حركة تحرر وطني مشروعة الأهداف والوسائل، تستند إلى القانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الدولية في مقاومتها للاحتلال الإسرائيلي وحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه والسعي للتحرر وتقرير المصير، وإن حماس حرصت على حصر معركتها ومقاومتها مع الاحتلال الإسرائيلي داخل أرض فلسطين المحتلة، رغم انتهاكات الاحتلال التي تمت خارج حدود فلسطين.
في النهاية، هذه النقاط تعكس مواقف حركة حماس ورؤيتها في مواجهة التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني، ويطالب البيان بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فورًا، والعمل السريع على وقف الجرائم والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وفتح المعابر وفك الحصار عن قطاع غزة، وتوفير المساعدات ومستلزمات الإيواء وإعادة الإعمار، ويدعو البيان إلى معاقبة الاحتلال الإسرائيلي قانونيًا على احتلاله وكل الآثار السلبية التي نجمت عنه، ويدعو إلى تقديم الاحتلال للمحاكمة بسبب جرائمه ضد المدنيين والأضرار التي سببها للممتلكات والمؤسسات، ويحث البيان على دعم المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي باستخدام كل السبل المتاحة، ويعتبر ذلك حقًا مشروعًا وفقًا للقانون الدولي والشرائع والأديان.