الوقت- مساء السبت 30 كانون الثاني (يناير)، وبعد ساعات قليلة من خبر استشهاد عدد من المستشارين العسكريين الإيرانيين في الهجوم الصهيوني على دمشق، نقلت شبكة فوكس نيوز الأمريكية خبراً عن هجوم صاروخي كبير على قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار بالعراق، حيث يتمركز الجنود الأمريكيون.
وزعمت مصادر أمريكية أن هذا هو أكبر هجوم صاروخي خلال السنوات الأخيرة على موقع للجيش الأمريكي، وتسبب في قيام المنظومات الدفاعية في قاعدة عين الأسد بإطلاق عدد كبير من الصواريخ لاعتراض المقذوفات المهاجمة.
منذ العملية الانتقامية لاغتيال الشهيد الحاج قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير 2018، والتي رافقها إطلاق 13 صاروخاً باليستياً على مقرات إرهابيي القيادة المركزية في عين الأسد، لجأت فصائل المقاومة في العراق وسوريا مراراً وتكراراً إلى استخدام الطائرات الانتحارية المسيرة والصواريخ، وكانت هناك حالات إطلاق صواريخ باليستية تكتيكية استهدفت قواعد عسكرية أمريكية في عدة قواعد عسكرية غير قانونية في هذين البلدين.
بيان جماعة المقاومة الإسلامية العراقية بشأن الهجوم الصاروخي على عين الأسد
لكن الإطلاق المتزامن لنحو 20 صاروخا باليستيا وصاروخا ثقيلا (حسب مصادر أمريكية) باتجاه قاعدة عين الأسد الجوية يعتبر رقما قياسيا في هذا المجال؛ وحسب ادعاء شبكة فوكس نيوز نقلاً عن مصادر موثوقة في وزارة الدفاع الأمريكية، فإن نظام باتريوت الدفاعي المتمركز في عين الأسد أطلق أكثر من 15 صاروخًا اعتراضيًا من طراز PAC2 وPAC3 على الصواريخ المهاجمة، لكن لا يزال عدد من الصواريخ يضرب منطقة القاعدة وتسببت في إلحاق أضرار وجرح عدد من الجنود الأمريكيين.
من الواضح، في هذا السياق، مثل نتائج الهجوم الصاروخي الذي شنه الحرس الثوري الإيراني على المقر الرئيسي للجيش الأمريكي في العراق، نشهد مرة أخرى الرقابة الصارمة على الأخبار من قبل الجيش الأمريكي ومحاولة إخفاء الخسائر والإصابات الحقيقية التي لحقت بالجيش الأمريكي والجنود الأمريكيين والمنشآت في قاعدة عين الأسد.
اعتراف أمريكا المرير.. أصبح باتريوت "رقم الخروج" في عين الأسد
لكن النقطة المثيرة للاهتمام التي ظهرت في بيان «فوكس نيوز» أمس، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، هي الاعتراف المرير بـ«التفوق العددي» على نظام باتريوت؛ في المصطلحات العسكرية، عندما يكون عدد المقذوفات المهاجمة أكبر من عدد الصواريخ الاعتراضية في القصف الدفاعي، وبعد استنفاد الاحتياطيات، لن تستطيع أن تصيب الصواريخ المهاجمة الهدف، ويقال إن نظام الدفاع المذكور يواجه عددا يفوق عدد صواريخه الدفاعية.
وفي الهجوم الذي وقع مساء السبت 30 يناير/كانون الثاني، حدثت هذه الحادثة أيضاً لنظام باتريوت؛ ويقول المسؤولون الأمريكيون إن عدد الصواريخ والقذائف الصاروخية التي تم إطلاقها كان مرتفعا للغاية لدرجة أنه على الرغم من إطلاق 15 صاروخا من طراز باتريوت الاعتراضي، إلا أن بعض الصواريخ المهاجمة ما زالت تضرب قاعدة عين الأسد الجوية.
هذه القضية مهمة ويمكن تحليلها بعدة طرق؛ أولاً، تعتبر عين الأسد من أهم المراكز العسكرية في أيدي الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط، ومن الواضح أن الحماية القصوى لهذا المجمع العسكري تتم عن طريق أنظمة الدفاع وطائرات الاستطلاع دون طيار والقوات الخاصة البرية، لكن جماعة "المقاومة الإسلامية في العراق" نجحت في أفضل التضاريس الممكنة، مع التحديد الدقيق للقاعدة والقوة الدفاعية المتوافرة فيها، وبدأت بإطلاق صواريخ جماعية باتجاه هذا المقر وإزالة الدفاع من مسافة بعيدة.
نقطة أخرى مهمة هي أنه منذ عملية اقتحام الأقصى في 7 أكتوبر 2023 التي قام بها مقاتلون فلسطينيون، قام الجيش الأمريكي بنقل 11 صاروخًا من نظام باتريوت الدفاعي وصاروخين على الأقل من نظام "ثاد" عالي الارتفاع إلى غرب آسيا، من أجل توفير أقصى قدر ممكن من التغطية الدفاعية وإنشاء قواعدها العسكرية؛ والواقع أن هذه العملية الناجحة للمقاومة العراقية لم تتم في وضع مفاجئ، بل في ذروة الاستعداد القتالي للولايات المتحدة على المستوى الإقليمي.
الأمر الثالث والأهم في هذا الصدد هو إرسال رسالة خاصة إلى القيادة المركزية والقادة الأمريكيين؛ فإذا كانت مجموعة مقاومة عراقية ذات قوة عسكرية وترسانة محدودة لديها القدرة على إطلاق 20 صاروخاً وإبعاد دفاع الباتريوت عن بعد، فعند المواجهة المحتملة مع القوة الصاروخية رقم 1 في المنطقة، يجب أن نتوقع إطلاق النار عدة مرات، ولديهم الحد الأدنى من أداء الدفاع المضاد للصواريخ.