الوقت - لقد أسقط الکيان الإسرائيلي قنابل على شعب غزة، تعادل قوتها خمسة أضعاف قوة القنبلة الذرية التي ألقيت علی هيروشيما؛ لكن رغم أن الحرب تجاوزت 100 يوم، فليس هناك أدنى علامة على الاستسلام في غزة، والشعور بالنصر من الجانب الصهيوني.
اليوم، وبينما نُشر خبر تدمير مروحية إسرائيلية وعدة دبابات، تعترف صحيفة "يديعوت أحرونوت" بما يلي: "علينا أن نتقبل الهزيمة، حماس ويحيى السنوار يستعدان للاحتفال بالنصر، بعد 100 يوم من الهزيمة والعجز في غزة، علينا أن نقبل الوضع الراهن، رغم أن البعض لن يعترف بذلك، والقادة العسكريون يعرفون ذلك جيداً، لكن كيف يمكن لنتنياهو ووزرائه سد الفجوة بين التوقعات غير المسؤولة التي خلقوها، والقرارات الصعبة التي يواجهونها؟".
كما ترى مجلة "ذا هيل" للكونغرس الأمريكي: "من الصعب أن نفهم بشكل كامل أبعاد هزيمة إسرائيل في غزة، لأنها عميقة ومتعددة الطبقات، وبعض عواقبها غير معروفة، وحتى لو لم تتم إدانة إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية، فإن تل أبيب وواشنطن خسرتا الحرب في غزة".
من خلال جرّ الحرب إلى اليمن، قد يشعر الصهاينة بالسعادة، لأن انتباه العالم سينحصر قليلاً في "الإبادة الجماعية/الهزيمة" المزدوجة لـ "إسرائيل" في غزة، لكن الحقيقة أن ظهور محاور المقاومة في اليمن ولبنان والعراق، وتناوب الضربات الاستراتيجية التي وجهتها إلى الکيان الإسرائيلي والولايات المتحدة، كان بمثابة الدعم الكبير لمقاومة غزة، لوقوفها بشجاعة وإجبار الجيش الإسرائيلي على الفرار.
لقد تسبب الکيان الإسرائيلي بجرائمه غير المسبوقة، في حماسة المقاومين في المنطقة لتدمير الهامش الأمني للاحتلال الصهيوني والأمريكي في المنطقة، وانهيار جدار الردع النفسي للکيان الإسرائيلي وأمريكا، أعظم من أي ضربة أخرى لهما.
أمريكا حاربت المقاومة اليمنية لمدة 8 سنوات بالوكالة (عبر السعودية والإمارات)، وكانت هذه الحرب مثل ضربات المطرقة التي حولت الحديد المنصهر إلى فولاذ لا يمكن اختراقه، وكانت الهيمنة العسكرية والاستخباراتية لأمريكا - وليس السعودية والإمارات - هي التي انهارت في هذه الحرب.
إن قصف المقاومة اليمنية لن يساعد الاستراتيجية الأمريكية، تماماً كما لم يساعد في فيتنام وأفغانستان على نطاق أصغر، لكن أمريكا بدأت لعبةً مع مجموعة لا تعرف الخوف، وتُعرف بالشجاعة العالية حتى في جبهة المقاومة، ومنذ سنوات، ظل اليمنيون ينتظرون الفرصة المناسبة لمواجهة أمريكا.
من الحرب في فيتنام وأفغانستان والعراق، لم تحصل أمريكا إلا على الذل والتخلي عن مكانتها كقوة عظمى، وقد تعلمت من التجربة أنه لا ينبغي لها أن تسعى إلى الحرب فتتحول إلى دولة مهزومة.
لكن الآن، فإن مجموعةً متطرفةً جرّت إدارة بايدن إلی وحل اليمن، وقريباً ستتعرض قواعد البيت الأبيض ومنشآته وسفنه والشريان الاقتصادي في المنطقة لهجمات غير مسبوقة، تماماً مثل المثل المعروف الذي يقول: اِذا کانَ بَیتُکَ مِن زُجاج فَلا تَرمِی النّاسَ بِالحِجارَة.