الوقت- أربع سنوات مرت على اغتيال قادة المقاومة في العراق على يد أمريكا، لكن ذكرى هؤلاء الشهداء لم تمحَ من أذهان أبناء المنطقة، وهذا العام كما في الأعوام السابقة منذ سنوات أقيمت مراسم تأبينية للشهيد الجنرال قاسم سليماني ورفاقه في دول مختلفة، وفي العراق، حيث اغتيل قادة المقاومة، أقيمت في الأيام الأخيرة برامج مختلفة في مدن مختلفة من هذا البلد، وشهدت بغداد والبصرة، مسقط رأس الشهيد أبو مهدي المهندس، أكبر التجمعات الجماهيرية لإعلان الولاء للطريق لهذين القائدين الشهيدين، وأقيمت العديد من الاحتفالات في مدن أخرى.
وأقامت السفارة الإيرانية في بغداد، السبت الماضي، حفلا بمناسبة ذكرى استشهاد الفريق قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، حضره عدد من الشخصيات الرفيعة والتيارات السياسية العراقية، وقال محمد كاظم الصادق، سفير إيران لدى العراق، في هذا الحفل، إن تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة هو الهدف الرئيسي والأولوية لهؤلاء الشهداء.
كما أفادت شبكة الغدير بأن وفداً من علماء المناطق المحررة، بمناسبة الذكرى الرابعة لاستشهاد قادة النصر، رافعين شعار (تخليداً للشهداء)، قاموا بزيارة إلى مسجد ومقبرة وادي السلام وأقيمت وقفة تأبينية عند قبر الشهيد ابو مهدي المهندس. . كما أحيا أهالي البصرة ذكرى هذين القائدين الشهيدين بإقامة مراسم، ونظم المقر الإعلامي للحشد الشعبي، يوم السبت الماضي، حفلاً تذكارياً بمناسبة الذكرى الرابعة لقادة المقاومة بحضور عدد كبير من الشخصيات والقيادات السياسية والقادة الأمنيين وشيوخ العشائر في مدينة بغداد.
وألقى كلمات في هذا الحفل عدد من كبار المسؤولين والسياسيين العراقيين البارزين، بينهم فالح الفياض رئيس الحشد الشعبي ورئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، وقال فالح الفياض في هذا الحفل إن الشهيدين سليماني وأبو مهدي المهندس كانا على درجة عالية من الإخلاص، وقال إن إيران لعبت دورا مهما في دعم العراق في الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، واعتبر نوري المالكي اغتيال الشهيدين أبو مهدي المهندس والجنرال سليماني سقوطا لكل قيم المجتمع الدولي وأكد أن إشراف الرئيس الأمريكي على الجريمة في مطار بغداد حول مجلس الأمن إلى دمية، وأضاف: "أمة بلا شهداء هي أمة فارغة وضعيفة، وينبغي أن يستشهد شيوخها، لأنهم دافع قوي للأمة لتبقى على طريق المبادئ والقيم، وكان الشهيد سليماني ورفيقه الشهيد المهندس دائما إلى جانبنا في الجبهات".
من لبنان إلى نيجيريا
وبالإضافة إلى العراق، أقيمت احتفالات مماثلة في بلدان أخرى، وأقام حزب الله اللبناني، يوم الاثنين الماضي، حفلا تأبينيا في بيروت بحضور شخصيات ثقافية وسياسية، وحضر هذا الحفل أسامة حمدان أحد كبار قادة حركة حماس، وماهر حمود رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة، ونبيل قاووق عضو المجلس المركزي لحزب الله، وألقوا كلمة.
واستذكر نبيل قاووق في كلمته شجاعة وجهود قادة المقاومة، وأشار إلى التطورات الأخيرة في غزة، وقال: "إن الشيء الوحيد الذي يستطيع العدو الصهيوني أن يفعله هو ذبح المدنيين وتدمير المنازل السكنية في غزة، حيث لم يبق أي من المنازل السكنية في غزة، ولم تتحقق الأهداف المعلنة ولم يتمكن الغزاة من تدمير حماس وأدركوا أن هدفهم لم يكن أكثر من حلم، كما لم يتمكن الصهاينة من إعادة ولو واحداً من أسراهم دون تقديم أي تنازلات"، وأكد الشيخ حمود: "لقد بدأ عصر انتصارات المقاومة وما يحدث في غزة ليس بالأمر الهين ومن حقنا أن نفخر بأبطالنا المجاهدين في غزة ولبنان واليمن والعراق، كما نؤكد على وحدة موقفنا ورؤيتنا الإستراتيجية في يقين تدمير إسرائيل".
من جهة أخرى أقيمت في مدينتي نبل والزهراء في سوريا مراسم إحياء الذكرى الرابعة لاستشهاد قادة المقاومة والشهيد السيد رضاي موسوي، وقام المشاركون في هذا الحفل بتكريم ذكرى شهداء المقاومة، وثمن جهود هؤلاء القادة، وفي مؤتمر المجموعة التونسية لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي عقد السبت الماضي لإحياء ذكرى استشهاد الجنرال سليماني وأبو مهدي المهندس، شارك عدد من الشخصيات الرسمية والحزبية في هذا البلد.
وقال صلاح الدين المصري رئيس الجمعية التونسية للتسامح في حديث لـ”العالم”: "ما يحدث اليوم هو استمرار واستكمال لعقود من التضحية، وحارب الحاج قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس عدة عقود حتى وصلت مقاومة اليوم إلى هذا المستوى من القوة، إذ تتمتع الأمة الإسلامية برمتها من سوريا ولبنان والعراق إلى اليمن وفلسطين بحضور واسع وفعال"، ورافق مراسم إحياء الذكرى السنوية للقادة الشهداء قراءة أناشيد المقاومة.
كما قال الباحث التونسي "عابد الزريعي": "إن المقاومة ضد المشروع الإمبريالي الصهيوني للولايات المتحدة هي مقاومة مستمرة منذ سنوات طويلة، ولذلك وجد في هذا المسار رجال كثيرون وضعوا حجر الأساس لاستمرار المقاومة حتى تتمتع المقاومة بالقوة والقدرة اللازمة للانتصار على المشروع الصهيوني”، وحضر هذا المؤتمر شخصيات رسمية من سفارات إيران وسوريا وفلسطين إلى جانب شخصيات سياسية تونسية، وأكد الحاضرون على دور إيران البارز في دعم المقاومة، وأكد مباركة براهمي، أحد قيادات حزب الحركة الشعبية في تونس: "لا يمكن لأحد أن ينكر دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دعم حركات المقاومة، سواء كان الدعم المالي أو السلاح أو الدعم الهندسي والسياسي".
من جهة أخرى، أقيمت مساء الجمعة الماضية، مراسم تأبين الشهيد سليماني والسيد رضاي موسوي، في مسجد كانو بنيجيريا، وكرم المشاركون في هذه المراسم ذكرى قادة محور المقاومة الشهداء، وحمل أهالي مدينة كانو المسلمون صور الشهيد الفريق سليماني معهم في مراسم تأبين الشهيد موسوي، وقال الشيخ السنوسي عبد القادر، العضو البارز في الحركة الإسلامية النيجيرية، خلال الحفل: "إن اغتيال المستشارين الإيرانيين على يد أمريكا وإسرائيل لم يضعف محور المقاومة، بل المقاومة أصبحت أقوى من أي وقت مضى، وعندما اغتالت أمريكا الجنرال قاسم سليماني، ظنت أن محور المقاومة سيضعف، لكن المقاومة الفلسطينية أذلت الكيان الإرهابي الصهيوني بعملية "طوفان الأقصى" وأظهرت أن المقاومة لا تزال قوية".
كما اعتبر ائتلاف ثورة 14 شباط أن الشهيدين الحاج قاسم سليماني والمهندس هما الانتصار على تنظيم "داعش" ومشروعه التدميري في سوريا والعراق وأكد: "أن هذين الشهيدين مهمان في خلق قدرات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق واليمن، وأن تعزيز وحدة مناطق محور المقاومة كان فعالاً، وظهرت هذه القضية بوضوح في عملية "طوفان الأقصى" التي هزت الكيان الصهيوني".
باغتيال الشهيد سليماني، ظنت السلطات الأمريكية أن محور المقاومة سوف يمحى من أذهان شعوب المنطقة إلى الأبد، لكن مع مرور الوقت، تضاءلت أحلامهم، ويحتفل أنصار المقاومة في المنطقة كل عام بذكرى استشهاد قادة النصر، ويجددون العهد مع مُثُل هؤلاء الأحبة ويخلدون ذكراهم.
وإصرارا من قادة المقاومة على الانتقام من مرتكبي هذه الجريمة المروعة، أكدت السلطات الإيرانية مراراً وتكراراً أن خيار الانتقام مطروح دائماً ولن يهدأ لهم بال حتى تتم معاقبة دونالد ترامب وغيره من مرتكبي هذه الجريمة، إن الاحتفاء الرائع بذكرى الجنرال سليماني وحلفائه في دول المنطقة يدل على أن الغلة التي غرسها بجهوده تحولت الآن إلى شجرة مثمرة وقوية ألقت الرعب في قلوب الأعداء.