الوقت - في ظل استمرار الحرب في غزة في ذروتها، وخوض قوات المقاومة معارك عنيفة جنوب مدينة غزة ومدينة خانيونس، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لجنود إسرائيليين وهم يرقصون، وينشدون قصائد وأغاني لها معانيها الخاصة.
لا توجد معلومات حول مكان هذا الفيديو بالتحديد، لكنه مصور ليلة أمس في قطاع غزة، في هذا الفيديو، تقدم مجموعة من الجنود، بعد الانتهاء من عملية القتل التي قاموا بها في الساعات الماضية، إلی جانب الدبابات والمعدات العسكرية، صورةً شاملةً لوجهة النظر والأيديولوجية القائمة على "جنون القتل الصهيوني".
إنهم يغنون: "نريد الاستيلاء على غزة ومن ثم سحق حزب الله"، وهو ما يشير بوضوح إلى الطبيعة التوسعية للجيش الإسرائيلي، وقد أشارت بعض الأوساط إلى أنه إذا تمكن الکيان الإسرائيلي من احتلال غزة والقضاء على حماس، فسيتمكن من الوصول إلى الحدود الشمالية وحزب الله بسهولة.
يواصل الجنود الإسرائيليون هذه الجوقة الجماعية قائلين: "سنعمل بـ ميتزفاه هالاخا وندمر العماليق"، تشير ميتزفاه هالاخا إلى مجموعة الوصايا الـ 613 في اليهودية (ميتزفاه تعني الوصية، وهالاخا تعني مجموعة قوانين الشريعة اليهودية)، ولكن من هم "شعب العماليق" الذي ينوي جنود الاحتلال تدميره في أغنيتهم؟
بالنسبة لليهود فإن عماليق أو "بنو عمليق" لهم نفس مكانة "الشيطان وقوة الشر"، عماليق هو اسم قبيلة في التوراة كانت في صراع مع بني إسرائيل، ويعتبر البعض هذه القبيلة من جيل "عيسو" (الأخ الأكبر للنبي يعقوب)، ولها مكانة مكروهة في الثقافة اليهودية.
كما يطلق المؤرخون اليهود ومن بينهم "جوزيفوس فلافيوس" على عماليق لقب "اللقيط"، وحسب التوراة، فإن "يهوه" إله إسرائيل غاضب عليهم وأقسم أن يستأصل العمالقة، وفي تاريخ الطبري، يُذكر جالوت الذي قتله النبي داود كعضو في قبيلة العماليق.
كما يعتبر اليهود "هامان" (رئيس وزراء ملك زركسيس) من نسل عماليق ويلعنونه كل عام خلال عيد المساخر، والنقطة الأخرى الجديرة بالملاحظة هي أنه وفقًا لوصايا الشريعة اليهودية (613 وصية)، أمر الله بني إسرائيل بذبح جميع العماليق، حتى نساءهم وأطفالهم.
في هذه الرقصة والدبکة، يعتبر الجنود الإسرائيليون أن أهل غزة هم نفس "العماليق" الذين عليهم بأمر الله أن يقتلوهم جميعاً، نساءً وشعبًا وأطفالاً.
ووفقاً لكتاب التوراة المحرف، فإن إله إسرائيل يأمر النبي صموئيل (عليه السلام): "الآن اذهب واذبح شعب عماليق، لا ترحمهم، بل أهلك جميع الرجال والنساء والأطفال والبقر والغنم والجمال والحمير".
ومن المثير للاهتمام أنه في عام 2010، وصف بنيامين نتنياهو جمهورية إيران الإسلامية بشعب عماليق الجديد، وقال: "يتم تشكيل عماليق جديد".
ولذلك، فإن وجوب ذبح سكان غزة، بمن في ذلك النساء والأطفال والرضع، متجذر في المعتقدات اليهودية المشوهة والتيار الصهيوني الديني اليميني في الکيان الإسرائيلي، وبالتالي، في نظر الجيش الإسرائيلي، فإن القتل الوحشي في غزة ليس مسموحًا به فحسب، بل هو مشيئة الله.
ثم يواصل الجنود الغناء في هذا الفيديو، قائلين: "خرجت من البيت ولن أعود إلا بعد النصر النهائي؛ نحن نعرف شعارنا جيدًا، لا يوجد مدنيون في الحرب".
يظهر هذا الفيديو بوضوح وحشية الجيش الإسرائيلي، ومن الغريب أن مسؤولي الجيش الإسرائيلي، ومن بينهم المتحدث باسم جيش هذا الکيان، قالوا مراراً وتكراراً إن "الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقيةً في العالم".
کما قال يسرائيل كاتس، وزير الطاقة في حكومة بنيامين نتنياهو، في تشرين الثاني/نوفمبر: "يواصل جيشنا التعامل مع الإنسانية أكثر من اللازم، ونحن أخلاقيون ورحماء للغاية"، وقد زعمت السلطات الإسرائيلية مراراً وتكراراً أنها تبذل كل ما في وسعها للحد من الخسائر في صفوف المدنيين في غزة.
هذا الفيديو، الذي يجب أن يسمى "فيديو جنون القتل"، يظهر بوضوح أنه حتى قتل طفل رضيع في غزة ليس مسموحًا به للجيش الإسرائيلي فحسب، بل له أيضًا ميزة روحية.