الوقت- بالأمس، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن "الدول الإسلامية فضلت حاليا حل المشكلة في غزة باستخدام كل الأدوات الدبلوماسية والإنسانية المتاحة لديها"، وأضاف في مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية التي بثت مساء السبت إن أنقرة ترفض الحديث عن وضع قطاع غزة ما بعد الحرب قبل وقف إطلاق النار، وشدد وزير الخارجية التركي على أنهم تناولوا مع الدول الإسلامية قطع العلاقات مع "إسرائيل"، حيث يسعون لاتخاذ قرارات جماعية لفرض تأثير أكبر من خلال فرض عقوبات، وأشار إلى "اتخاذ قرارات مهمة جدًا في قمة الرياض (العربية-الإسلامية) مع دول العالم الإسلامي كلها، وتم قطع مسافات مهمة في هذا الصدد"، وأعرب عن إيمانه بأن "قمة الرياض تعتبر بمثابة انعطافة فيما يتعلق بإظهار روح التعاون والتضامن بين الدول الإسلامية".
ضرورة قطع العلاقات مع تل أبيب
ركّز وزير الخارجية التركي مؤخراً على "ضرورة تحقيق الوحدة بين الدول الإسلامية والتركيز على إمكانياتها في التعاون وتدرك مدى أهميتها"، وأكد هاكان فيدان، أن "أنقرة لا تتفق مع واشنطن في دعمها المطلق لإسرائيل ورفضها وقفا دائما لإطلاق النار"، وأضاف: "تحدثت مع نظيري الأمريكي أنتوني بلينكن بصراحة وطلبنا وقفا دائما لإطلاق النار ورفضنا سياسة التهجير"، وتابع فيدان: "كانت هناك أجواء من التطبيع في المنطقة قبل الحرب ولا يمكن أن تستمر"، وأشار إلى "تشكيل لجنة سباعية تمثل القمة الإسلامية لزيارة عواصم عالمية وشرح مقررات القمة".
ومنذ 43 يوما، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، حيث أسفرت عن وفاة 12 ألفًا و300 شخص، بينهم 5 آلاف طفل و3 آلاف و300 امرأة، وأكثر من 30 ألف مصاب، وذلك وفقًا لأحدث إحصاء رسمي فلسطيني صدر مساء السبت، الشيء الذي دفع المرشد الإيراني علي خامنئي إلى دعوة الدول الإسلامية التي تحتفظ بعلاقات سياسية مع "إسرائيل" إلى قطع هذه العلاقات، حتى ولو لفترة محدودة، وأكد أن هزيمة "إسرائيل" في حربها على قطاع غزة تشير إلى فشل الدول الغربية، وقال خامنئي إن بعض الحكومات الإسلامية أدانت جرائم "إسرائيل"، في حين لم يقم البعض الآخر بفعل ذلك، واعتبر ذلك غير مقبول.
وفي هذا الخصوص، أكد المرشد الإيراني علي خامنئي ضرورة على الأقل قطع العلاقات السياسية لدول العالم الإسلامي مع "إسرائيل" لفترة محدودة، مع تجديد دعوته لتحميل الدول الإسلامية مسؤولية قطع إمدادات النفط والمواد الغذائية عن "إسرائيل"، وأشار إلى أن القمة المشتركة لمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية في الرياض لم تتفق على فرض عقوبات واسعة النطاق على "إسرائيل"، على الرغم من طلب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.
وفيما يخص التطورات الحالية في الحرب الإسرائيلية المستمرة لليوم الـ44، أكد المرشد الإيراني علي خامنئي أن هزيمة "إسرائيل" في غزة هي حقيقة، وأن دخول المستشفيات أو بيوت الناس لا يشكل انتصارًا، حيث أوضح أن النصر يعني هزيمة الطرف الآخر، وهو ما لم يتحقق بعد من قبل الكيان الصهيوني ولن يتحقق في المستقبل أيضًا، ووفقًا للمرشد الإيراني، يعني هذا الفشل فشل أمريكا والدول الغربية أيضًا، وأضاف إن "الصهاينة يرون أنفسهم أعلى من جميع الأعراق، وانطلاقًا من هذه النزعة قتلوا آلاف الأطفال في غزة دون أن يرجف لهم طرف"، وأدلى بتصريحاته خلال زيارته لمركز تطوير القوات الجوية التابع للحرس الثوري الإيراني، حيث تم الكشف عن الصاروخ "فتاح 2"، وهو نسخة جديدة من ما يُقال إنه أول صاروخ باليستي محلي الصنع يتجاوز سرعة الصوت.
تحركات دبلوماسيّة ضد الكيان
في حين تحث عدة دول "إسرائيل" على ضرورة ضبط النفس في ردها العنيف على غزة، قامت دول أخرى بسرعة بقطع العلاقات معها أو قدمت احتجاجات دبلوماسية رسمية، تسلط هذه التحركات الدبلوماسية للدول المعارضة على الرد الإسرائيلي الضوء، مبرزة المعارضة المتزايدة لها على الساحة الدولية، يأتي ذلك في ظل تصاعد الدعوات لوقف إطلاق النار، وخاصةً مع تفاقم الوضع الإنساني في غزة، وفقًا لموقع "أكسيوس".
وحتى الآن، رفضت "إسرائيل" الدعوات لوقف مؤقت لإطلاق النار دون إطلاق سراح الرهائن، لكنها وافقت على هدنة إنسانية في ظل ظروف محددة، وكانت دولة بيليز (هندوراس البريطانية سابقا) آخر الدول التي اتخذت إجراءات احتجاجية على الرد الإسرائيلي هذا الأسبوع، انضمت إلى عدة دول في الشرق الأوسط وأفريقيا، بالإضافة إلى حكومات يسارية في أمريكا اللاتينية.
الأردن كذلك، قرر استدعاء سفيره لدى "إسرائيل" في وقت سابق من هذا الشهر، اتهمت فيه تل أبيب بخلق "كارثة إنسانية غير مسبوقة" وتهديد الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط، وفقًا لبيان وزارة الخارجية الأردنية، كما وجَّه الأردن إنذارًا لسفيره في "إسرائيل" بعدم العودة، ويذكر أن الأردن أقام لأول مرة علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل" في إطار معاهدة "السلام" التاريخية التي تم توقيعها في عام 1994.
أيضاً، البحرين قررت استدعاء سفيرها من "إسرائيل"، وأعلنت أن سفير "إسرائيل" في البحرين قد عاد إلى فلسطين المحتلة، وفقًا لوكالة رويترز، من جهتها، نفت "إسرائيل" أن يكون هناك أي إخطار بتغيير في العلاقات، مشيرة إلى أن العلاقات بينهما "مستقرة"، يُشار إلى أن "إسرائيل" قد أخلت سفارتها في البحرين الشهر الماضي لأسباب أمنية، إلى جانب سفارات أخرى في المنطقة، وأفاد بيان صادر عن البرلمان البحريني بأن البلاد قطعت علاقاتها الاقتصادية مع تل أبيب.
تركيا كذلك قررت استدعاء سفيرها لدى "إسرائيل" في أعقاب "المأساة الإنسانية التي تتكشف في غزة"، وذلك وفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية التركية، يأتي هذا القرار بعد أن قررت تل أبيب استدعاء دبلوماسييها من تركيا في الشهر الماضي لأسباب أمنية، وعلى ضوء التطورات الأخيرة، أعلنت بيليز تعليق العلاقات الدبلوماسية مع "إسرائيل"، مع سحب قنصلها من فلسطين وسحب اعتمادها لسفير "إسرائيل" لديها، وفي السياق نفسه، أكدت تشيلي أنها استدعت سفيرها لدى الكيان في وقت سابق بسبب "انتهاكات غير مقبولة للقانون الإنساني الدولي ارتكبتها "إسرائيل" في قطاع غزة".
وتأتي هذه الخطوات الدبلوماسية من قبل عدة دول للتنديد بالتصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة، غابرييل بوريتش، رئيس تشيلي، وصف تصرفات "إسرائيل" بأنها تنتهك القانون الإنساني الدولي، فيما استدعت كولومبيا وهندوراس سفراءهما لدى "إسرائيل"، مع إدانة رئيس كولومبيا غوستافو بيترو للمذابح في غزة وتهديده بالمغادرة إذا لم تتوقف "إسرائيل" عن هذه الأعمال.
وتأكيدًا على التنديد الدولي، أعلنت بوليفيا أيضًا في الشهر الماضي عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع "إسرائيل"، ردًا على ما وصفته بـ"الهجمات العدوانية وغير المتناسبة" في غزة، يذكر أن بوليفيا قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع "إسرائيل" في عام 2009 نتيجة للقتال في غزة، لكنها قامت بإعادة تأسيسها في عام 2020، وفي المقابل، أدانت "إسرائيل" هذه الدول بسبب مواقفها، وفقًا لوكالة أسوشييتد برس.
وفي هذا الشأن، أعلنت جنوب أفريقيا الأسبوع الماضي أنها ستستدعي جميع دبلوماسييها من "إسرائيل" للتشاور، وأشارت حكومة جنوب أفريقيا إلى عدة أسباب لهذه الخطوة، بما في ذلك "رفض الحكومة الإسرائيلية احترام القانون الدولي" و"غاراتها الجوية التي تهدف إلى الإبادة الجماعية" ضد الفلسطينيين، ولم يكن لجنوب أفريقيا سفير في "إسرائيل" منذ عام 2018، ومن جانبها، استدعت تشاد القائم بالأعمال لدى "إسرائيل" في وقت سابق من هذا الشهر، وأعلنت وزارة الخارجية التشادية في بيان أن "تشاد تدين الخسائر البشرية في صفوف العديد من المدنيين الأبرياء وتدعو إلى وقف إطلاق نار يؤدي إلى حل دائم للقضية الفلسطينية".
بالاستناد إلى كل ذلك، شهد العالم تحركات دبلوماسيّة مهمة ضد كيان الاحتلال العنصريّ المحتل لفلسطين والذي يبيد شعبها بكل الإمكانات الغربية والأمريكيّة، فما الذي تنتظره تركيا أكثر من ذلك، أم إنّ تصريحات أردوغان البطوليّة ذهبت أدراج الرياح، وقد عودتنا تركيا على مواقف متناقضة خلال العشر أعوام الفائتة، الشيء الذي يلزم تركيا والدول كافة بقطع العلاقات مع المجرمين في تل أبيب.