الوقت - آلة الحرب الصهيونية التي تسعى لتدمير حماس في غزة، ولا تتورع عن ارتكاب أي جريمة لتحقيق هذا الهدف، بعد تدمير البنى التحتية الاقتصادية والمناطق السكنية بحجة الأنشطة العسكرية لحماس، ترکز منذ عدة أيام على المستشفيات، والتي حسب المحللين تسعى لتحقيق أهداف خفية مهمة، وفي هذا الصدد، هاجمت قوات الجيش الصهيوني، الأربعاء، مستشفى الشفاء في غزة، واحتلته بالكامل.
كما أفادت التقارير المنشورة بأن جنود الجيش الصهيوني قاموا بقطع الكهرباء والإنترنت عن مستشفى الشفاء، وقال إسماعيل الثوابطة، مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي: "إن قوات الاحتلال هاجمت مستشفى الشفاء وأطلقت النار داخل غرف المرضى، وما تفعله قوات الاحتلال جريمة حرب".
کما قصف الکيان الإسرائيلي خلال الأسابيع الستة الماضية العديد من المستشفيات في المنطقة، بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي المشدد ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهذه الجريمة جعلت من الصعب علاج الجرحى، وحتى الجراحون يقومون بعمليات بتر الأطراف دون تخدير.
ووصفت الأمم المتحدة الوضع الإنساني في غزة بأنه كارثي، وحذرت من وجود مستشفى واحد فقط نشط في غزة، ويمكنه العمل حتى يوم الخميس بسبب نقص الوقود والكهرباء.
ويأتي هجوم الاحتلال علی مستشفى الشفاء، فيما وفق تقرير مديري شبكة الصحة بغزة، فإن العشرات من جثث الشهداء تركت على الأرض في هذا المستشفى، وقد تم دفن ما يقرب من 200 من الشهداء في مبنى هذا المستشفى.
وثائق مزورة ضد حماس
بما أن الهجمات على المستشفيات محرمة بموجب القانون الدولي، فقد لجأ الجيش الإسرائيلي إلى مبادرات جديدة لتبرير جرائمه ضد أماكن مدنية معروفة، مثل الهجوم على مستشفى المعمداني.
ويتعرض الکيان الإسرائيلي الآن لضغوط دولية متزايدة لمنع سقوط قتلى في صفوف المدنيين والحد من التدهور الإنساني، وهي ضغوط قد تنهي الحرب قبل تحقيق أهدافها المعلنة، ولذلك، ومن أجل الحد من موجة الاحتجاجات، تبحث سلطات تل أبيب عن وثائق مزعومة ضد حماس لتبرير استهداف المراكز الصحية.
ويدعي الجيش الصهيوني أن حماس قامت بإخفاء أسلحتها في الأنفاق تحت مستشفى الشفاء ومراكز طبية أخرى وحولتها إلى مركز قيادتها، ومن أجل قبول ادعاءاتهم أمام العالم، قاموا مؤخرًا بنشر صور ومقاطع فيديو لإقناع الرأي العام العالمي بأن حماس تستخدم المراكز الصحية في غزة لشن هجمات على الأراضي المحتلة، وهو ادعاء تنفيه حماس.
ومع ذلك، يشكك العديد من المحللين في صحة الوثائق الإسرائيلية المزعومة. بل إن بعض المصادر ذكرت أن المركز الأمني الموجود أسفل مستشفى الشفاء، والذي يزعم الصهاينة أنه مقر لحركة حماس، بناه المحتلون أنفسهم عام 1983 واستخدموه للقتال ضد المقاتلين الفلسطينيين.
ومن ناحية أخرى، وعلى الرغم من ادعاءات السلطات الصهيونية بوجود قوات عسكرية تابعة لحماس في مستشفى الشفاء، إلا أنه عندما دخل الغزاة المستشفى، لم تكن هناك أي قوات من حماس في هذا المكان، ودخل الغزاة المستشفى دون مقاومة.
ولذلك، إذا كان الصهاينة يزعمون حقاً أن المستشفى جزء من قواعد عسكرية تابعة لحماس، فعليهم السماح لوسائل الإعلام الأجنبية بزيارة هذه المراكز لإثبات ادعائهم.
لكن يأتي هذا في حين أن وسائل إعلام فلسطينية أفادت بأن الجيش الإسرائيلي اعتقل جميع الصحفيين والمصورين المتواجدين في محيط مستشفى الشفاء، استمراراً لسياسة الرقابة على الجرائم. ويبين هذا الإجراء الذي قام به الصهاينة، أنه لا توجد وثيقة صالحة لاتهام حماس بالقيام بنشاط عسكري تحت مستشفى الشفاء.
ومن ناحية أخرى، يأتي ادعاء الجيش الصهيوني في حين أنه وفقاً للتقارير، فإن حماس قامت بحفر ما يقرب من 500 كيلومتر من الأنفاق تحت قطاع غزة، الذي تبلغ مساحته 360 كيلومتراً مربعاً. ومن الطبيعي في هذه المنطقة الصغيرة أن يمر جزء من أنفاق حماس، التي يبلغ عمقها عشرات الأمتار، تحت المستشفيات.
جرائم الاحتلال الجديدة تتم في وضع حيث إنه بسبب تدمير العديد من المباني في غزة، تحولت المستشفيات الآن إلى أماكن إقامة مؤقتة للناس، بصرف النظر عن واجب خدمة الجرحى، وقد لجأ عشرات الآلاف من الأشخاص إلى المستشفيات ليكونوا آمنين من هجمات الاحتلال الهمجية، لكن الکيان جعل كل مكان غير آمن للفلسطينيين.
وتحاول سلطات تل أبيب تبرير الهجوم على المستشفيات بهدف محاربة حماس، لكن جرائم هذا الکيان في الأسابيع الماضية لا تقتصر على المستشفيات، بل تعرضت العشرات من المراكز التابعة للأمم المتحدة إلى الاعتداءات أيضاً.
وحسب وكالة أنباء الأناضول، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في بيان لها الاثنين الماضي: أن "نحو 50 مبنى تابعاً لهذه المنظمة، بما في ذلك مباني اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، التي تعرضت لهجوم إسرائيلي، تعرضت لأضرار بالغة".
ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة، قُتل أيضاً 101 من موظفي الأونروا، وحتى المدارس في غزة، التي تعتبر مناطق مدنية، لم تسلم من الجرائم الإسرائيلية، وحسب التقارير فقد تم تدمير ثلث مدارس غزة.
ومن ناحية أخرى، فإن استراتيجية الحرب التي ينتهجها الکيان الصهيوني والتي تقوم على تحويل غزة إلى أرض محروقة، تظهر أن المراكز المدنية مدرجة في قائمة هجمات الجيش، والادعاء بتحويل المستشفيات إلى مراكز عسكرية لحماس، هو غطاء لتنفيذ استراتيجية الحرب اللاإنسانية هذه.
ومنذ مرور أكثر من شهر على الهجمات الجوية والبرية، فإن عدد المراكز المدنية والمخيمات والمستشفيات التي استهدفها جيش الاحتلال لا يمكن إحصاؤه، ولا يمكن للصهاينة أن يزعموا أنهم قصفوها بالخطأ، ولذلك، ينبغي البحث عن الهدف الاستراتيجي والسري المتمثل في تدمير المستشفيات.
إذا أردنا أن نحصي عدد المستشفيات التي قصفها الاحتلال خلال هذه الفترة، فستكون القائمة طويلةً، ومن بينها مستشفى "المعمداني" الذي تعرض لقصف عنيف من قبل الجيش الصهيوني في الأيام الأولى لحرب غزة، والذي استشهد خلاله أكثر من 500 شخص وأصيب مئات آخرون، الأمر الذي أثار موجةً من الانتقادات العالمية.
ويعدّ المستشفى الإندونيسي في غزة أحد هذه الأماكن التي تم استهدافها عدة مرات من قبل الاحتلال، وحسب الطاقم الطبي فإن الخدمة متوقفة هناك، وقبل أيام تعرض مستشفى الأطفال في غزة لقصف صاروخي صهيوني، واستشهد وجرح عدد من الأشخاص.
وحسب وكالة أنباء الأناضول، وبناءً على المعلومات التي نشرتها الحكومة الفلسطينية في غزة، نتيجة الهجمات الإسرائيلية العنيفة، توقفت الخدمات في 16 مستشفى و34 مستوصفاً في غزة.
وحسب هذا التقرير، فإن مستشفيات بيت حانون، الدرة، الكرامة، العيون، اليمن السعيد، مستشفى العيون الدولي، حامد، حيفا، مستشفى المسلم لجراحة العين، الكرامة، الحياة، مستشفى سان جون، يافا، مستشفى الصداقة التركية الفلسطينية، الوفا، الخدمات العامة ودار السلام، هي من بين المستشفيات التي توقفت أنشطتها بسبب القصف الإسرائيلي خلال هذه الفترة.
محاولة احتلال شمال غزة
في الواقع، يتم تنفيذ هجمات الجيش الإسرائيلي لتدمير المستشفيات، بهدف الإظهار لسكان غزة أنه لا يوجد مكان آمن لهم في غزة، وتنفيذ سياسة الهجرة القسرية عبر نشر الرعب بسرعة.
إن الکيان الصهيوني الذي يعلم أن احتلال كامل غزة مهمة صعبة، ولا يملك القوة اللازمة لحرب استنزاف طويلة الأمد، لذلك يحاول احتلال الجزء الشمالي من هذه المنطقة على الأقل، وبنقل سكانها إلى جنوب غزة أو دول مثل مصر والأردن، يرتاح إلى حد ما من تهديدات فصائل المقاومة.
وادعى بتسلئيل سموتريتش، وزير مالية الكيان الصهيوني، في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء الماضي، أن هجرة الفلسطينيين من غزة هي السبيل الوحيد لتخفيف معاناة اليهود.