الوقت - إن تطور الحرب الإسرائيلية على غزة، و الاستهدافات الإسرائيلية الإجرامية لكل ما في القطاع، دون تمييز أو اعتبار، دفع بعض دول العالم، ولا سيما دول المنطقة للتحرك السياسي والدبلوماسي، في محاولة لعقد هدن إنسانية، ووقف لإطلاق النار.
وقد تحدثت الولايات المتحدة عن موافقة كيان الاحتلال الإسرائيلي على هدن إنسانية لـ4 ساعات يوميا، في حين نفى الكيان وقف إطلاق النار، وقال إن الحديث يدور عن فترات توقف تكتيكية لأسباب إنسانية.
هذا التصعيد وتلك التطورات في الحرب هي ما دفعت وفدا من حماس يضم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس الحركة في الخارج خالد مشعل وعضو المكتب السياسي خليل الحية للتوجه إلى العاصمة المصرية القاهرة للقاء رئيس المخابرات المصرية عباس كامل، وذلك وفق بيان أصدرته حماس.
وهذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها هنية إلى مصر منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، في 7 أكتوبر الماضي فيما يتصاعد الحديث عن جهود إقليمية تقودها كل من قطر ومصر لبحث هدنة مؤقتة مقابل إطلاق سراح مجموعة من الأسرى.
وتحتجز حركة حماس منذ بدء عملية طوفان الاقصى نحو 242 أسيرا إسرائيليا وأجنبيا، وقد أعربت مرارا عن استعدادها لمبادلتهم بنحو 6 آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، وفق إحصائيات رسمية.
وقد أشار البرلماني المصري مصطفى بكري في تدوينة له على موقع "إكس" إلى أن وفد "حماس" اجتمع مع رئيس المخابرات العامة المصرية، حيث أثمر النقاش عن عدة نقاط، منها قبول "حماس" للوساطة المصرية جنبا إلي جنب مع الوساطة القطرية لإنهاء أزمة الرهائن، شريطة وقف إطلاق النار وفتح الباب أمام المزيد من المساعدات والإفراج عن الأطفال والنساء من الأسرى الفلسطينيين.
ولفت بكري إلى أن الوفد تضامن مع مصر في رفض مخطط التهجير وإنهاء القضية الفلسطينية، وأن القاهرة تتواصل مع العديد من الأطراف الأخرى لتنفيذ المبادرة المصرية - القطرية، للاتفاق على دفعة المفرج عنهم كدفعة أولى بمواصفات محددة.
وكانت مصر قد لعبت في السنوات الأخيرة أدوار وساطة في إنهاء تصعيد وحروب شهدها قطاع غزة، وقد نجحت في ذلك لكن هدف الحرب الإسرائيلية الحالية والذي هو القضاء على حركة حماس وتغيير الوضع في القطاع جعل مهمة الوساطة المصرية صعبة وأكثر تعقيدا، إذ ترى مصر في مفرزات هذه الحرب خطرا على أمنها القومي، وخاصة بعد الحديث عن تهجير الفلسطينيين في القطاع الى شبه جزيرة سيناء.
وأشار بيان لمتحدث الرئاسة المصرية أحمد فهمي إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أبلغ مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز محددات الموقف المصري في التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، وخاصة ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار لحماية المدنيين، وتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية وعدم إعاقة تدفقها.
وقد بحث مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) ورئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الخميس الخطوط العريضة لاتفاق محتمل يجري الترتيب له لإطلاق سراح عدد من الرهائن، والوصول إلى هدنة مؤقتة في حرب غزة، حيث أكد البيت الأبيض التوافق على هدنة إنسانية وافق عليها الكيان الإسرائيلي لمدة 4 ساعات يوميا شمال غزة وتبدأ اعتبارا من الخميس الماضي، فيما نفى طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس التوصل إلى اتفاق هدنة مع الكيان الإسرائيلي مشيرا إلى أن المحادثات مستمرة وإذا تم أي اتفاق سيتم إعلان ذلك بوضوح.
ومنذ أيام أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي "فتح ممر إجلاء" أمام المدنيين في شمال غزة للعبور إلى جنوبها بين ساعات محددة، لكن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أفاد مرارا بوجود بلاغات عن جثث لمئات النازحين الفلسطينيين على طرقات كان الكيان أعلن أنها "آمنة" باتجاه جنوب القطاع.
وقد طلبت إدارة المخابرات المصرية من وفد حماس عدم المغادرة، والبقاء في القاهرة لعدة أيام، فيما يدل من جانب أو آخر على إتاحة بعض الوقت لحل بعض القضايا العالقة في قضية صفقة تبادل الأسرى، إذ أعربت حماس عن أنها ستكون منفتحة على أي اتصالات بخصوص أي عملية تبادل جزئية أو شاملة حتى تحت إطلاق النار، ولا سيما مع ما يراه بعض المتابعين ضغوطاً أمريكية تمارس من أجل عقد صفقة تبادل للأسرى بين الجانبين، إذ تمت تنحية وزير الخارجية الأمريكي عن ملف الأسرى لإخلاء الساحة بتعليمات من الرئاسة الأمريكية لرئيس جهاز الاستخبارات الأمريكية وليام بيرنز أحد أبرز الخبراء في ملف الصراع وفي الكيان الإسرائيلي ودول المنطقة والفلسطينيين في الإدارة الأمريكية الحالية.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن هناك مفاوضات متقدمة لإنجاز صفقة تبادل الأسرى بأعداد كبيرة دون الجنود الإسرائيليين، وستفرج "إسرائيل" عن أسرى فلسطينيين، وستوافق على إدخال الوقود، وأن حماس تطالب بالوقود وفترات وقف للنار طويلة والإفراج عن سجناء أمنيين.
وتدير مصر دفة المباحثات لإنجاز الصفقات، وإجراء الترتيبات اللوجستية باعتبارها طرفا أساسيا بجهود الوساطة، ولخصوصية الدور المصري في الأزمة الفلسطينية، لكن لم تعلن بعد أي ملامح لأي صفقة، وفي الوقت ذاته مصادر وأوساط حركة حماس ترجح إمكانية إعاقة أي ترتيب أو تفاهم بالخصوص من قبل نتنياهو لأي سبب شكلي وفي اللحظات الأخيرة.
وتجري المفاوضات غير المباشرة بين كيان الاحتلال وحماس بوساطة قطر ومصر، والولايات المتحدة، من أجل الإفراج عن أسرى مدنيين فقط، من نساء وأطفال، إذ طلبت سلطات الاحتلال سابقا أن يكون العدد كبيراً نسبياً كي توافق على هدنة لأيام، (يومين أو ثلاثة)، أما الجنود والضباط الأسرى، فهم غير مشمولين حالياً بتلك المفاوضات.
وتحتجز حركة حماس منذ 7 أكتوبر الماضي، نحو 242 أسيرا بين إسرائيلي وأجنبي، وأعربت مرارا عن استعدادها لمبادلتهم بنحو 6 آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية.
وشهد لقاء الرئيس المصري مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، نقاشا معمقا بشأن تطورات الأحداث في قطاع غزة، إذ أكد السيسي رفض مصر للوجود الإسرائيلي في قطاع غزة، وكذلك رفضها عرض إدارتها لقطاع غزة، أو تواجد قوات من الناتو أو قوات أجنبية داخل القطاع بأي شكل أو تحت أي مسمى.
لم تحقق حكومة الاحتلال أي إنجاز حقيقي على مستوى الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس، فقد جرهم عقلهم الإجرامي اللاإنساني إلى الاعتقاد بأن سياسة الأرض المحروقة ستحقق لنتنياهو الإنجازات، لكنه بقي خائباً مع استمرار تصدي الفلسطينيين للعدوان الإسرائيلي، تلك الخيبات دفعت بحكومة الاحتلال للهرولة إلى عقد صفقات المبادلة بين الرهائن والأسرى الفلسطينيين، في محاولة لاحتواء الفشل الاستراتيجي في إدارة الحرب.
