الوقت- يوم الجمعة الماضي، وبعد تنبؤات مختلفة في الأوساط الإعلامية والسياسية من خطاب السيد حسن نصر الله، الأمين العام للمقاومة اللبنانية، ظهر السيد حسن نصر الله على شاشات مختلف شبكات الإعلام حول العالم، بكل رهبة وتعظيم وتحدث عن عملية طوفان الأقصى التي وقعت قبل أربعة أسابيع، وكما توقع العديد من الخبراء والدبلوماسيين قبل كلمته، ونظراً لمعرفتهم بأفكار سيد المقاومة، فإن نصر الله لم يسعَ أبداً إلى إشعال الحرب العالمية الثالثة، بل اكتفى بإطلاق تحذيرات حقيقية وإعلان جهوزية حزب الله لأي مواجهة، وتحدث عن عدوان الکیان الصهيوني على المدنيين في قطاع غزة.
وحذر سيد المقاومة في كلمته، بعد أن تحدث عن قدرات جبهة المقاومة في اليمن والعراق وحزب الله اللبناني، المحورين الأميركي والصهيوني من أن كل الخيارات جاهزة أمامهما إذا لم تتوقف الوحشية الصهيونية، وأكد الأمين العام لحزب الله: "علينا أن نفعل شيئاً لوقف العدوان وكسب المقاومة في غزة، أقول لكم يجب أن نؤمن بالوعد الإلهي. لقد وعد الله المؤمنين الصادقين بالنصر، وإذا أثبتنا صدقنا وجاهدنا في سبيل الله ودفعنا ثمن هذه التضحية فإننا نستحق هذا النصر الإلهي".
وقف الهجمات على غزة هو العنوان الرئيسي لوسائل الإعلام الغربية الصهيونية
وبعد خطاب سيد المقاومة اللبنانية، كان لهذه الكلمات انعكاسات مختلفة في وسائل الإعلام الصهيونية، ومن أهم التحليلات تحذير السيد حسن نصر الله الجدي للعدو المحتل من استمرار الحرب، بأن حزب الله اللبناني جاهز لمواجهة أي تهديد وسيرد بالشكل المناسب إذا لم تتوقف جرائم العدو في قطاع غزة.
وكتبت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الصهيونية: "نصر الله" هدد بمهاجمة ليس "إسرائيل" فحسب، بل القوات الأمريكية في المنطقة أيضًا، وشددت صحيفة تايمز أوف إسرائيل الصهيونية على تأكيد الأمين العام لحزب الله اللبناني على عدم الخوف من التهديدات الأمريكية وكتبت: "أعلن نصر الله أن وضع المعركة الميدانية وحده هو الذي يحدد مدى دخول حزب الله في المعركة"، كما اختارت وسائل الإعلام الغربية والأمريكية جزءاً كعنوان لها بعد كلمة سيد المقاومة، وهو ما يتعلق بوقف الهجمات على غزة ووقف إطلاق النار.
كما وضعت قناة "سي إن إن" التلفزيونية الأمريكية طلب الأمين العام لحزب الله اللبناني وقف الهجمات على غزة على رأس أخبارها، وكتبت وسائل الإعلام الأمريكية: "أعلن زعيم حزب الله اللبناني عن الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار في غزة وانتصار حماس"، ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مصادر أمنية أمريكية قولها: "إن مسؤولي الاستخبارات الأميركية استمعوا بعناية لتصريحات نصر الله لمعرفة ما هي خطة حزب الله المقبلة في الحرب مع إسرائيل".
كما وضعت وكالة رويترز للأنباء هذا الجزء من بيان الأمين العام لحزب الله اللبناني في مقدمة أخبارها والذي طلب فيه من الولايات المتحدة وقف الهجوم على غزة حتى لا تمتد الحرب إلى المنطقة، وكتبت هذه وسائل الإعلام الغربية: "حذر زعيم حزب الله اللبناني أمريكا من الحرب الإقليمية ورجح فتح جبهة الحرب من لبنان وتوسعها إلى المنطقة"، كما وضعت النسخة اللندنية من صحيفة الغارديان عنوان "احتمال نشوب حرب عبر الحدود مع إسرائيل على الجبهة اللبنانية" في مقدمة أخبارها وكتبت: "هدد زعيم حزب الله إسرائيل بزيادة حقيقية في الهجمات"، واعتبرت وسائل الإعلام الإنجليزية هذه أن خطاب نصر الله اليوم محط اهتمام كل من يريد أن يرى ما سيحدث في مستقبل حرب غزة.
والحقيقة أن خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني انتهى إلى ما دعا إلى وضع الكرة في ملعب العدو، واعتبر أن كل ردود أفعال حزب الله وجبهة المقاومة مرتبطة بأفعال المحتل وقواته المسلحة وحلفائهم، ولذلك، فإن هذه الكلمات، رغم أنها تثير الخوف والذعر في المحور الأمريكي والصهيوني، وإذا استمرت الهجمات، فإنها ستثير المزيد من الانعكاس في مراكز الأبحاث الأمريكية والصهيونية. وفي الجزء الأهم من كلمته قال نصر الله: "إن مصير الجبهة اللبنانية وزيادة التوتر فيها مرهون بقضيتين، الأولى مسار الأحداث في غزة والثانية بسلوك العدو تجاه لبنان. كل الاحتمالات واردة على الجبهة اللبنانية، وكل الخيارات مطروحة وربما يأتي الوقت الذي نسير فيه في أي اتجاه".
خلافات بين الأمريكيين حول وقف الحرب أو وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة
منذ توجه وزير الخارجية الأمريكي إلى الأراضي المحتلة لاستعراض اقتراح وقف إطلاق النار المؤقت في غزة، أعرب بعض المسؤولين السياسيين عن معارضتهم لاقتراح وقف إطلاق النار في غزة، وزعموا أن هذا الإجراء من شأنه أن يعزز قوة حماس، وتعارض وزارة الدفاع الأمريكية وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط، وادعى المتحدث باسم البنتاغون، "باتريك رايدر"، مساء الخميس الماضي، قبل رحلة "بلينكن" إلى الأراضي المحتلة، أن وقف إطلاق النار سيمنح حماس الوقت لإعادة تنظيم نفسها، وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أيد في السابق وقفا إنسانيا للصراع خلال فعالية انتخابية في مينيسوتا، قائلا إن هذا التوقف يعني "منح الوقت للإفراج عن السجناء"، من وجهة نظر المحللين الغربيين، كان خطاب السيد حسن نصر الله مهما من حيث أنه كان حاسما لدخول "حزب الله اللبناني" إلى الحرب مع إسرائيل، لكن كما كان متوقعا، أجّل نصر الله كل شيء إلى المستقبل وأوقف الهجمات.
حياة المدنيين مهمة لقادة المقاومة
وفي حين أن قادة المقاومة على استعداد تام لمواصلة الحرب لعدة أشهر أو أكثر، فإن حياة المدنيين لها دائمًا أهمية خاصة بالنسبة لهم، وفي هذا الصدد، أجرت السلطات السياسية في إيران والعديد من دول المنطقة مشاورات مختلفة بوساطة قطر في الأيام الماضية للتوصل إلى وقف مؤقت وإنساني لإطلاق النار، وفي هذا الصدد، أجرى وزير الخارجية الإيراني، خلال زيارته إلى قطر، مشاورات بشأن المبادرات السياسية المتعلقة بإقامة اتفاق وقف فوري ومؤقت لإطلاق النار في غزة.
وفي الأيام القليلة الماضية، أجرى وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أمير عبد اللهيان، مشاورات مختلفة من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار إنساني في قطاع غزة، وذكر أن المقاومة استطاعت أن تحافظ على قوتها، وقال: "في اللقاء الذي أجريناه مع السيد إسماعيل هنية، قال إننا مستعدون لمواصلة القتال ضد الغزاة منذ أشهر، لكن مسألة قتل المدنيون والنساء والأطفال لم ننساها".
كلمة أخيرة
لقد قام الکیان الصهيوني، في جميع اعتداءاته على قطاع غزة، بقتل المدنيين للتعويض عن إخفاقاته التي لا يمكن إصلاحها، ولذلك فإن قادة جبهة المقاومة الإسلامية، بينما يعلنون استعدادهم للقتال ضد العدوان المحتمل لهذا الکیان ومؤيديه، ويشيدون بمقاومة وصبر الشعب الفلسطيني ضد جرائمه، يسعون دائما إلى استراتيجية لوقف الحرب ضد المدنيين وهي استراتيجية تعتبر، إضافة إلى إنقاذ حياة الناس، انتصاراً للمقاومة الشعبية في غزة، وفي جزء من خطابه الأخير، ذكر السيد حسن نصر الله وعد قائد الثورة بتحقيق النصر للمقاومة، وقال: "أحدثكم عن تجربتي الشخصية مع الإمام الخامنئي، لقد قال إن غزة وفلسطين ستنتصران". كما خاطب السيد أهل غزة وقال: "نجاحنا مرهون بهذا الصبر والمثابرة، والنتيجة حتماً هي النصر، وإن شاء الله سنحتفل قريباً بانتصار غزة وشعبها ومقاومة غزة".
